عثر المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، المنكبّ في هذه الفترة على إقناع روسيا وأوكرانيا بالخطة الأميركية لوقف الحرب بينهما، على وقت مستقطع السبت للقاء ممثلين عن مصر وقطر وتركيا في ميامي بولاية فلوريدا، للبحث معهم في المراحل التي قطعتها الخطة الأميركية لغزة. ولم يخرج لقاء الوسطاء في ملف غزة بغير بيان عام يدعو إسرائيل و"حماس" إلى "ضبط النفس"، والثناء على التقدم المحرز في المرحلة الأولى من الخطة الأميركية، والدعوة إلى "إنشاء وتفعيل" إدارة انتقالية، منصوص عليها في المرحلة الثانية من الخطة. اجتماع فلوريدا يأتي في سياق الحراك الديبلوماسي للدول الأربع الموقعة على "وثيقة إنهاء الحرب" في غزة. وتناقش هذه الدول السبل الآيلة إلى تسهيل عملية الانتقال إلى المرحلة الثانية، التي تتضمن إنشاء قوة الاستقرار الدولية. وإنشاء القوة، كما بات معروفاً، يرتبط بتحديد مهماتها: هل هي قوة لـ"فرض السلام" أم قوة لـ"حفظ السلام"؟ ولم يتوصل اجتماع الدوحة، الثلاثاء، برئاسة القيادة المركزية الأميركية ومشاركة عشرات الدول، إلى صيغة توفّق بين مطلب إسرائيل أن يشمل دور القوة الدولية المزمعة نزع سلاح "حماس"، وبين ما يطرحه الوسطاء أن يُناط بهذه القوة مراقبة وقف النار، لأن ما من دولة ستقبل زجّ قواتها في مهمة قتالية. ويُستشفّ من موقف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الجمعة، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تصرّ على نزع سلاح "حماس" شرطاً لإنجاح الخطة الأميركية، علماً أن العديد من المسؤولين الأميركيين باتوا على اقتناع بأنه بعد عامين من الحرب الإسرائيلية، فإن الحركة قد تضررت على نحوٍ لم تعد تشكّل فيه خطراً على إسرائيل. وسعياً إلى التغلب على هذا المأزق، تطرح مصر وقطر وتركيا أن يتوازى تنفيذ البنود الواردة في الخطة الأميركية، من أجل إقناع "حماس" بالتجاوب مع مطلب التخلي عن السلاح. أي أن تترافق الخطوة مع انسحابات إسرائيلية أخرى من القطاع، وإحلال القوة الدولية مكانها، وتشكيل لجنة فلسطينية من التكنوقراط المستقلين لحكم غزة، والسماح بإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية وفتح معبر رفح لهذه الغاية، وليس فتحه في اتجاه المغادرة وفق ما تطرح إسرائيل، وتسريع الإجراءات المتعلقة بإعادة الإعمار. نازحون فلسطينيون يحاولون الحصول على حصص غذائية في مطبخ خيري بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة. (أ ف ب) وعلى رغم سيطرة أجواء متشائمة إزاء احتمالات نجاح الخطة الأميركية، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن إعداد ويتكوف وجاريد كوشنر، صهر ترامب، خطة لإعادة إعمار غزة تحمل الإسم الرمزي "شروق الشمس". وهي تستند إلى الشروع بهذه العملية انطلاقاً من رفح وخان يونس وصولاً إلى مدينة غزة، وتحويلها إلى منتجعات سياحية فخمة، وبناء خطوط للسكك الحديد للقطارات الفائقة السرعة وشبكات للذكاء الاصطناعي، بتكلفة 112 مليار دولار. لكن المشروع المذكور، الذي يُفترض البدء به في غضون شهرين، لا يتطرق إلى مسائل أساسية، على غرار أين سيقيم مليونا فلسطيني خلال عملية إعادة الإعمار، أو من هي الدول المساهمة في المشروع، الذي عرض مسؤولون أميركيون تصاميم له أمام الدول المانحة المحتملة، مثل دول الخليج وتركيا ومصر؟ ومع ذلك، لا يغفل المشروع الإشارة إلى أن إعادة الإعمار تعتمد على "نزع كامل لسلاح حماس وتفكيك كل الأنفاق"، لأنه "لا يمكن إقناع أحد باستثمار أموال في غزة، إذا ما كانت ستنشب حرب بعد سنتين أو ثلاث". ويُعتبر المشروع كأنه خطة تفصيلية لما دعت إليه أميركا سابقاً، أي البدء بإعادة الإعمار في المناطق التي تحتلها إسرائيل، مع ما يعنيه ذلك من اعتراف ضمني بتعثّر الخطة الأميركية الأصلية.