13 يناير 2007


دrlm;.rlm; رفعت السعيد


..rlm; وحتي قبل أن يعلن الرئيس مبارك مقترحاته بشأن التعديلات الدستوريةrlm;,rlm; كتبنا وقلنا وألححنا علي أن نقيم حوارا متزنا مفتوحا ومنفتحا حول هذه التعديلاتrlm;.rlm; مفتوحا بمعني أن يشارك فيه أوسع إطار ممكن من المواطنينrlm;,rlm; سياسيين وحزبيين ومثقفين ومفكرين وحتي بسطاء المواطنينrlm;,rlm; وذلك أن الدستور يعنينا جميعاrlm;,rlm; فهو ـ أو من المفترض أن يكون ـ حصنا لنا جميعاrlm;,rlm; ويخصنا جميعاrlm;,rlm; وربما يخص البسطاء أكثر مما يخص الصفوة التي تستطيع أن تدافع عن نفسهاrlm;,rlm; وأن تدفع أي اجتراء علي حقوقهاrlm;,rlm; أو علي ما تعتقد أنه حقوقها حتي وإن لم يكن كذلكrlm;.rlm; أما البسطاء فلا عاصم لهم إلا الدستورrlm;.rlm;

وحتي الآن لم يستشعر هؤلاء البسطاء قدرا كافيا من الاهتمام بأمر الدستورrlm;.rlm; فهل نسينا أنrlm;23%rlm; فقط من المواطنين شاركوا ـ رغم كل الحملات الإعلامية ـ في الاستفتاء علي التعديل الأول للمادةrlm;76,rlm; أي أنrlm;77%rlm; لم يجدوا أنه من المهم أن يسهموا في تقرير هذا الأمر بالغ الأهميةrlm;.rlm;

فكيف ننقل إليهم هذا الاهتمام؟ وكيف نقنعهم بأن الخبز الذي يهتمون به أكثر من أي شيء آخر لن يأتي كافيا ومتوافرا هو ومختلف الحقوق الاجتماعية من تعليم وعلاج صحي وأجور كافية وحقوق مختلفة في السكن والعمل وغيرها إلا عبر مواد دستورية منضبطة وصحيحة ومنتمية إليهم وإلي مصالحهم؟

كيف نحقق ذلك دون حوار مفتوح وممتد وقادر علي التلامس مع وجدانهمrlm;,rlm; وإشعارهم بأن الحوار ومشاركتهم فيه قد ـ أقول قد ـ تؤدي إلي أن يأتي التعديل متوافقا مع طموحاتهم؟ ومنفتحا بمعني أن نأتي إليه جميعا بعقل منفتح وقادر ليس فقط علي الاستماعrlm;..rlm; وإنما أيضا علي الإنصاتrlm;,rlm; وإعمال العقلrlm;,rlm; لاختيار ما هو معقولrlm;,rlm; وأقدر علي تحقيق المصالح المبتغاةrlm;,rlm; أقصد المبتغاة من جانب الوطن وجموع المواطنين وليس من فئة أو جماعة أو حزب أيا كانrlm;,rlm; فقط الوطنrlm;..rlm; وفقط المواطنونrlm;..rlm; وفقط المستقبلrlm;.rlm;

بهذه التصورات شاركت في حوار مبكر مع مجموعة من أهم مفكري وقياديي وإعلاميي الحزب الوطنيrlm;.rlm; وهي مجموعة كنت علي الدوام وسأظل ممتلكا احتراما وتقديرا تجاههاrlm;.rlm; فالاختلاف في المواقف والرؤي لا يقف عائقا عندنا ـ هم وأنا ـ أمام صداقة واحترام وقدرة علي تبادل الرأي سواء فيما بيننا أو في حوار مفتوحrlm;.rlm; لكنني أستميحهم عذرا استشعرت قلقا أعتقد أنه مبرر إزاء ما عبروا عنه من آراءrlm;.rlm;

فعندما بدأ الحوار حول تعديل التعديل الذي وقع علي المادةrlm;76rlm; لم يعرب أي منهم عن اعتقاد أو حتي شبه اعتقاد في أن التعديل الأول الذي وقع منذ عام واحد قد جانبه الصواب أو أتي فيه أي خطأ أو مسحة من خطأrlm;..rlm; وهم مع ذلك يؤيدون وبحماس ضرورة تعديل التعديل دون أن يفسروا كيف يكون التعديل صائبا منذ عام ثم يكون تعديله الآن صائبا أيضاrlm;.rlm;

والحقيقة أن هذا الأمر يضعنا أمام مشكلة صعبةrlm;,rlm; فكيف ومتي يمكن أن يثمر الحوار تفاهما أو تفهما إذا ما كان من المستحيل الاعتراف بوجود خطأ ما في الماضي أو في الحاضر؟ وإذا ما كان كل شيء صحيحا وصائبا في الماضي وفي الحاضر معا؟
rlm;
*rlm; وعندما حاولت أن أشرح وجهة نظر تتردد حول أهمية تعديل المادةrlm;77,rlm; وقلت إن الأمر لا يقصد ولا يتقصد الحاضر ولا الماضي ولا حتي المستقبل مهما تباعدrlm;,rlm; وتقبلت من المتحاورين قولهم إن دولا محدودة قالوا إنها أربع وأحصيت منها ستا هي التي تأخذ بمبدأ الاكتفاء بالفترتين فقطrlm;.rlm; لكنني حاولت أن أشير إلي أن الفائدة تأتي أولا من ضمان شفافية الانتخابات وسلامتهاrlm;..rlm; وإلي أن الرأي العام الضعيف بطبيعة الحال وكثمرة لكثير من العوامل الملاصقة لدولة العالم الثالث قد يحتاج ـ أقول قد يحتاج ـ إلي أن يسأل ويفهم ويتفهم لماذا فعل الرئيس الذي أصبح رئيسا سابقا ما فعل؟ ولماذا قرر ما قرر؟ ولماذا تساهل فيما تساهل؟ وهو مجرد حق في التفهم لأن الرئيس يمتلك حصانة قانونية ممتدة حتي بعد أن يترك منصبهrlm;.rlm;

وبدلا من مناقشة هذا الرأي أو ذاك فوجئت بمنطق غاية في الأكاديميةrlm;,rlm; وأقول هذا الوصف تأدبا واحتراما لشركاء الحوارrlm;..rlm; فالرأي الذي طرح تمسك بفكرة تقول إن ما تقرره الهيئات الشرعية والتشريعية هو صحيح بالضرورةrlm;.rlm; ذلك أنه يعبر عن رأي الأغلبيةrlm;,rlm; وإنفاذ رأي الأغلبية يثمر بالضرورة رأيا صحيحاrlm;.rlm; ومن ثم فلا مجال لسؤال أو محاولة للتفهم من جانب الرأي العامrlm;.rlm;

وأعتذر إذ أصف هذا الرأي بالخطأrlm;,rlm; وبالخلط بين مشروعية القرار وبين صحتهrlm;.rlm; فليس ضروريا سواء هنا في دولة العالم الثالثrlm;,rlm; أو هناك في دول تسبقنا في مناخ الديمقراطية أن كل ما يتقرر عبر المؤسسات مكتسبا مشروعيته من الاتفاق المؤسسي عليه يكون صحيحاrlm;.rlm; فكم يجمع المشرعون أو غالبيتهم الغالبة علي قرار غير صائب؟rlm;!.rlm; ألم يحدث عندنا وعبر تاريخ ممتد أن اتخذ المشرعون أو انصاعوا لقرار غير صائب؟ ألم يوافق الكونجرس بأغلبية غالبة علي غزو العراقrlm;,rlm; وعلي قرارات أخري غير عادلة بل ومدمرة؟

إنما الباطل يبقي باطلا أبد الدهر ويبقي الحق حقا rlm;*rlm; وقريب من هذا الرأي ما ردده محاور آخر عندما حذرت من أن تأتي صيغة التعديلات الدستورية المقترحة مغلقةrlm;,rlm; بمعني أن يتمسك بها أهل التشريع تمسك من لا يقبل أي تعديل أو تبديلrlm;..rlm; ولو في رأيrlm;..rlm; أو موقف أو صيغة أو كلمة أو حتي حرفrlm;.rlm; وقلت إن ذلك لا يفيدrlm;,rlm; متمنيا أن يأتي الجميع إلي ساحة الحوار منفتحين علي تفهم الرأي أو الآراء الأخريrlm;,rlm; مدركين أن الآخر قد يمتلك بعضا من صواب فإذا أضيف هذا البعض إلي نسبة أخري من صوابهم تكون النتيجة بالضرورة أفضل وأكثر صواباrlm;,rlm; وأيضا أكثر قدرة علي إرساء مناخ يحترم الرأي الآخرrlm;,rlm; ويستفيد منه بدلا من أن يستشعر البعض بأن ما تقرر قد تقررrlm;,rlm; وأن الحوار هو مسألة تحصيل حاصلrlm;.rlm;

وهنا انبري أحد الأخوة المتحاورين ليدلي برأي أعتذر إذ أقول إنه أفزعنيrlm;.rlm; أقول أفزعني ليس خوفا من أحدrlm;,rlm; وإنما خوف من أن تسود مثل هذه العقلية في الحوار الذي نحاول أن نقبل عليه بأمل وانفتاحrlm;.rlm;

فقد تفضل برأي يقولrlm;:rlm; إن القرارات والصياغات تأتي ثمرة لعمل مؤسسي يشارك في صياغته خبراء وفقهاء وأعضاء الهيئة البرلمانية للحزبrlm;,rlm; ومن هنا يأتي التزامهم بهrlm;.rlm;

فإذا أتوا وهم الأغلبية ملتزمين برأي محددrlm;,rlm; وصياغات لا يمكن الإفلات منهاrlm;,rlm; فما قيمة أن نتحاور مع من التزم مسبقا بنص لا فكاك منه؟

ولهذا فإنني أتمني ألا يأتي النص في صياغات التعديل الدستوري مغلقا أيrlm;:rlm; متصورا أنه وحده ودون غيره مكتمل الصوابrlm;,rlm; ولا يحتمل لا تعديلا ولا تبديلا ولا تأويلاrlm;.rlm; بل الخير كل الخير في أن يأتي كاقتراحrlm;,rlm; مجرد اقتراح يكون لكل عضو حتي من أعضاء الهيئة البرلمانية لحزب الأغلبية أن يبدي فيه وحوله ما شاء من آراءrlm;,rlm; وأن يقترح ما شاء من تعديلاتrlm;,rlm; ساعتها سيكون الحوار ممكنا والتفهم قائماrlm;,rlm; والتفاعل بين آراء متعددة مثمراrlm;.rlm;

أليس هذا أفضل للأغلبية والمعارضة ولجمهور المشاركين في الحوارrlm;,rlm; بل أفضل للصياغات ذاتهاrlm;,rlm; ألم يقل الإمام أبو حنيفة كلامنا هذا رأيrlm;,rlm; فمن كان لديه أفضل منه فليأت به وقال أيضا الرأي عندنا هو الحوار عن ثقةrlm;,rlm; أما المنع فأي شخص يحسنهrlm;.rlm;
rlm;
*rlm; ثم كان ما كان من رأي أثار دهشتي واعتراضي إذ جري الحديث سلسا وبتوافق بين الجميع علي تقدير ما ورد في صدر خطاب الرئيس الذي وجهه إلي المواطنين قبل توقيع رسالتيه لمجلسي الشعب والشوريrlm;.rlm; فلقد حرص الرئيس علي أن يبدأ بمسألة المواطنةrlm;,rlm; واحترام حقوق جميع المواطنين مسلمين ومسيحيين وعلي قدم المساواةrlm;.rlm; ولفت نظرنا جميعا أنه استخدم تعبيرا جديدا هو جناحي الأمة بدلا من عنصري الأمةrlm;.rlm; ثم أتي الرئيس إلي حقوق المرأة وضرورة تمكينها هي والأقباط في مختلف مناحي الحياةrlm;.rlm;

لكن المفاجأة جاءت عندما تساءلت عن الأسلوب الأمثل لتمكين المرأة والأقباط ـ وفق ترتيبات دستورية محكمة ـ من الوصول إلي البرلمانrlm;.rlm; هنا تبدي الأمر وكأنني دفعت بشحنة من الكهرباء إلي الجلسةrlm;.rlm; والغريب أن الجميع أجمعوا علي ضرورة النص دستوريا علي تمكين المرأةrlm;..rlm; أما الطرف الآخر فقد بدأت تجاهه حجج سائلة بمعني أنها غير متماسكةrlm;.rlm; عبارات مثلrlm;:rlm; تمكين الأقباط لا يأتي إلا عبر حراك ثقافيrlm;,rlm; وتغيير في المناخrlm;,rlm; بينما تمادي البعض بأن هذه المطالبة هي نزعة طائفيةrlm;,rlm; تكرس الثقافة الطائفيةrlm;.rlm;

وأسأل ودون إجابة لا مقنعة ولا حتي غير مقنعةrlm;:rlm; فلماذا لا نكتفي بالحراك الثقافي والعمل علي تغيير المناخ بالنسبة للمرأة هي أيضا؟ والحقيقة أن هذا الموقف قد أكد لي أن النص الدستوري لتمكين جناحي الأمة علي قدم المساواة هو أمر ضروري بل وحتميrlm;.rlm; ذلك أن المناخ قد أصبح رديئا إلي درجة أنه قد طال حتي من يقولون بأهمية التمكينrlm;.rlm; والحقيقة أن الحاجة ملحة بالفعل إلي حراك ثقافي وتعديل في المناخ العام وذلك عبر تعليم وإعلام وممارسات وحوارات وأفعال ـ أفعال وليس مجرد أقوال ـ تمتد إلي حين من الزمان ربما لجيل أو أجيالrlm;,rlm; فما يتكرس تاريخيا لا يتغير إلا تاريخياrlm;.rlm;

هذا صحيح تماماrlm;,rlm; فالجميع فيما يبدو بحاجة إلي إعادة تطعيم بثقافة المواطنةrlm;.rlm; ولكن وحتي نصل إلي ذلك فإن استمرار ما هو قائم سيؤدي بالضرورة إلي إفشال الثقافة التي نطمح إليها وإلي مزيد من تلويث المناخ بموجات طائفيةrlm;,rlm; فما كان للإحساس بالظلم أن يسفر أي مناخ إيجابيrlm;.rlm;

ولهذاrlm;..rlm; أقترح أن نعود إلي الصيغة التي صكها الرئيس جناحي الأمةrlm;,rlm; وأتصور طائرا يرقد علي الأرض بجناح واحد وآخر محلقا في الفضاء بجناحينrlm;,rlm; فأيهما نختارrlm;,rlm; وأيهما يستطيع التحليق إلي المستقبلrlm;.rlm;

وثمة مثل فنلندي يقول لا يعرف البط المنزلي حقيقة مأساته إلا عندما يري البط البري محلقا في الفضاءrlm;.rlm;

جناحي الأمة هذه ثقافة جديدةrlm;,rlm; أتمني أن نتأملهاrlm;,rlm; نمعن النظر والعقل والفكر في معطياتهاrlm;,rlm; فهي ليست مجرد عبارة عابرةrlm;,rlm; بل هي فكر متكامل ومنظومة متشابكة يفضي بعضها إلي بعضrlm;,rlm; فإن اختنقت واحدة من معطياتها اختنقت جميعاrlm;.rlm;

جناحي الأمةrlm;..rlm; مسلمين وأقباطا معاrlm;.rlm;
جناحي السياسةrlm;..rlm; أغلبية ومعارضة معاrlm;.rlm;

جناحي الفكرrlm;..rlm; الرأي والرأي الآخر أيضاrlm;.rlm;
جناحي الاقتصادrlm;..rlm; تزايد الإنتاج وكفالة العدل الاجتماعيrlm;.rlm;

ألم أقل إنها منظومة فكرية منفتحة ومتفتحةrlm;.rlm; إنها مجموعة نوافذ تطلق العنان لبعضها البعض وتتبني ثقافة جديدة متكاملة هي أيضاrlm;.rlm;

فتعالوا بثقة وانفتاح وتقبل للآخر واحترام لآرائه ولحقوقهrlm;,rlm; تعالوا نكرس تلك الصيغة الجديدة جناحي الأمةrlm;,rlm; نكرسها فكرا وعملا وممارسةrlm;.rlm;