15 يناير 2007rlm;

صالح القلاب


غير مفهوم هذا الموقف الذي اتخذته الأحزاب والقوى السنية العراقية تجاه الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي انتقلت من الأقوال الى الأفعال منذ اللحظة الأولى حيث بدأ الهجوم المعاكس على النفوذ الإيراني في العراق بكل أشكاله وألوانه وتجلياته وبصورة صريحة وواضحة وغير مسبوقة منذ احتلال العراق في العام 2003 وحتى الآن.

لأكثر من ثلاثة أعوام و المجاميع السنية الكثيرة العدد والقليلة البركة تشكو مرَّ الشكوى من انحياز الأميركيين للشيعة، وفي الحقيقة لأحزاب الميليشيات الشيعية المذهبية الموالية لإيران، وعلى مدى هذه الثلاثة أعوام العجاف وهذه المجاميع تواصل الصراخ وتندب الحظ العاثر لاستثنائها من معادلة العراق الجديدة ولإقصائها عن المواقع التي تستحقها ولاستهدافها حتى بوجودها في بغداد وفي غير بغداد.

وتعرف هذه المجاميع وهي تقول هذا في كل يوم، أن التسلل الإيراني الذي حصل في الملعب العراقي بعد سقوط النظام السابق حصل نتيجة إقناع الأميركيين بأن السنة العرب هم صدام حسين ونظامه وأن المعادلة التي تم إقصاؤهم منها قد أقيمت وفقاً لتقارير أحمد الجلبي وأمثاله.. ثم وعندما يبدأ الأميركيون إنعطافة العودة الى الحقيقة فإن الذين يتحدثون باسم السنة العرب على مختلف مشاربهم وما أكثرها لا يجدون ما يواجهون به هذه الانعطافة سوى الإستمرار بمضغ شعارات الشارع العربي البائسة وسوى التشبث بخنادقهم الحالية التي إذا استمروا بالتشبث بها فإنه سيأتي اليوم، وقريباً، الذي لن يجدوا فيه حتى في الأعظمية، في بغداد، متراً مربعاً واحداً يقيمون فيه صلاة الغائب على شهداء المذابح المذهبية.

الآن جاءت اللحظة المناسبة ويجب التقاطها قبل ان تفر هاربة كما فرَّت فرص كثيرة سابقة والآن يجب التحرك وبسرعة لاغتنام الإستراتيجية الأميركية الجديدة، وهي جادة وليس من قبيل المناورة وذرِّ الرماد في العيون كما يقول فرسان النواح على إبريق اللبن الذي انسكب.. الآن يجب التحرك بأفق وطني عراقي بعيد عن التمذهب والمذهبية لمحاصرة النفوذ الإيراني بالشيعة العرب الحريصين على وحدة وطنهم والمتمسكين بهويته العربية والراسخة قناعاتهم بأن هذا الوطن يجب أن يكون لكل أبنائه.

إن مشكلة المجاميع السنية التي لا يجمع بينها إلا المواقف العدمية والسلبية أنها تشكلت كرد فعل على التكوينات المذهبية الموالية لإيران والمؤتمرة بأمر إطلاعات الإيرانية وهذا بالأساس يجب ألا يكون إذْ أن أسوأ ما يمكن هو أن يقلد الخصم خصمه والمفترض أن يرفع العراقيون، السنة بخاصة، في وجه الميليشيات المتمذهبة ليس الرايات المذهبية المضادة بل راية وحدة العراق وسيادته واستقراره والمساواة بين كل طوائفه وقومياته ومكوناته الاجتماعية.

إذا بقيت المجاميع السنية تدور في الحلقة المفرغة التي تدور فيها وإذا استمر بعضها بالنواح على نظام غدا من مخلفات الماضي، وهو لن يعود أبداً، فإنها ستخسر هذه الفرصة التاريخية ثم وإذا كان هؤلاء يراهنون على انسحاب القوات الأميركية في فترة قريبة فإنه عليهم أن يدركوا أنهم سيكونون الخاسر الأكبر نتيجة مثل هذا الانسحاب مادام أن حالهم هي هذه الحال وكذلك إن عليهم ان يعرفوا أن أي فراغ ستتركه القوات الاميركية المنسحبة سيملؤه الإيرانيون وعندها فإن دولة إسماعيل الصفوي ستقوم وبالحديد والنار.

ليس المطلوب أن تتحول هذه المجاميع السنية الى عملاء يوافقون على الاحتلال الأميركي لبلادهم.. إن المطلوب هو ان تكون لديها، أي هذه المجاميع، الكفاءة والمقدرة لخوض المعركة الجديدة بآفاق جديدة وبطريقة غير الطريقة السابقة فالآن أدرك الأميركيون خطأهم الذي وقعوا فيه عندما وضعوا كل بيضهم في السلة المذهبية الموالية لإيران وهذا يجب ان يتم التعامل معه بطريقة إيجابية بهدف إعادة المعادلة الى وضعها الصحيح.