خلف الحربي*

عُرضت على الخليفة المتوكل جارية حسناء، فسألها: quot;يا جارية أنت بكر .. أم أيشquot; فقالت: quot; أنا أيش يا مولايquot;! وبغض النظر عن سرعة بديهة الجارية وخفة ظلها فإنها تشير إلى طائفة من النساء يمكنها يمكن أن نسميها ( حزب أيش) أو ( المرأة/ السؤال) لأنها مزجت كل شيء بكل شيء، حتى أصبحت امرأة مختلطة غير قادرة على إجابة حاسمة حول كيانها الإنساني.

لذلك يمكن أن تفهم القرار القضائي المصري بمنع واحدة من أشهر فنانات الإغراء من الغناء، بل والتصفيق له حيث يصعب فهم هذا الحكم بأنه عمل ضد الحرية لأن تلك المرأة لم تكن تغني على الإطلاق فقد استخدمت كل أعضاء جسدها باستثناء حنجرتها أثناء تصوير كليباتها، ثم أتى دور الحنجرة بعد ذلك في أستديو الصوت للتعليق على هذا العرض الجسدي المثير.

هذا الحكم- الذي لا نعرف حدود تأثير- لا يعد انتصارا للقيم والأخلاق وحسب، بل هو في الأساس انتصار للفن ولمهنة الغناء وللموسيقى التي هي غذاء للروح والعقل وفضاء عظيم للتعايش البشري.

كان موقف نقابة الموسيقيين المصرية في مواجهة عبث فنانة الإغراء هذه موفقا ومسئولا، لأن مياه النيل التي داعبتها أنغام سيد درويش كل هذه السنين لا يمكن لها أن تحتمل التلوث التي تحاول أن تصنعه هذه الفنانة بغنائها المتحرك.

وللإنصاف فإن quot;حزب أيشquot; ليس حكراً على النساء، بل ثمة أصناف مختلفة من الرجال الذين يستحقون عضوية هذا الحزب بامتياز، ويأتي في طليعتهم المنتج الذي يتجول مع هذه الفنانة في كل مكان، وتتخلص كل استثماراته المالية والإنسانية في متابعة تحركات هذه المرأة أمام الكاميرا وخلفها.

لست أدري هل ضحك الخليفة المتوكل على جواب الجارية الحسناء حتى استلقى على قفاه، أم أنه شعر بالأسف لحال تلك الجارية التي لم تكن quot;أيشاquot; باختيارها؛ فهي لا تملك من أمر نفسها شيئا، ولكن ما أعرفه رغم زوال عصر الجواري الحسان فإن ثمة نساء يبادرن لنزع ملكيتهم لأنفسهن ليمنحن الحقوق الحصرية لأول نخاس يعبر الطريق!

[email protected]

*رئيس تحرير جريدة شمس السعودية