سمير عطا الله
في التقرير الذي نشرته صحيفة laquo;الشرق الأوسطraquo;، عدد الثلاثاء الماضي، عن الاستبيان الذي طرحته أمانة مدينة جدة عبر موقعها على الإنترنت، واستطلعت فيه آراء السكان عن مدى رضاهم عن خدمات الأمانة في مدينتهم، أظهرت النتائج أن أكثر من 83% من الشريحة التي شاركت في الإجابة عن الاستبيان غير راضين إطلاقا عن مستوى تطور مدينتهم، وهي نسبة اعتبرها أقل كثيرا مما توقعت، خاصة أن نحو 9% من الشريحة عبرت عن رضاها التام بمستوى التطور الذي تشهده المدينة.
وعلى الإنسان أن يحترم خيارات هذه القلة مهما بدت أنها تشتط في التعبير عن حالة الرضا عن مدينة ازداد عدد ثقوب ثوبها وتكاثرت مُزقه، فجدة اليوم مدينة تدفع ثمن أعوام من الجمود عاشتها في ظل عدد من الأمناء كانوا مجرد عابرين في زمن عابر، فلم يبق من آثارهم سوى كومة من التجاعيد تطبع وجه المدينة بشيخوخة بائسة.
وأنا هنا لا بد أن أشيد بشجاعة الأمانة وجرأتها في طرح هذا الاستبيان واستطلاع الآراء على الرغم من أنها تدرك سلفا حالة التوتر التي يعيشها سكان المدينة من مثلث التلوث في الأرض والجو والبحر.. تدرك سلفا وعورة الطرقات واختناقات البحر وتكدس الحكايات الأليمة عن حمى الضنك وبحيرة المسك والأحياء المنسية.. فليس ثمة شك في شجاعة الأمانة، بل في ذكائها أيضا، وهي تسمح لسكان المدينة أن يفرغوا شيئا من انفعالاتهم للتخفيف من شحنات الاستياء التي تمتلئ بها نفوسهم، وهم ينظرون إلى مدينتهم التي رفعوا شعارا لها ذات يوم: laquo;ابتسم أنت في جدةraquo; تفر جمالياتها من بين عيونهم كشعاع ضوء.
أكتب هذا المقال وأمامي ديوان شعر ضم الكثير من القصائد التي تغنى أصحابها بجماليات هذه المدينة، وقامت الأمانة قبل نحو عامين بطباعته، وحسناً فعلتْ، فكل ما تبقى لجدة اليوم مجرد قصائد تذكرك بما حدث لـlaquo;غابريل غارسيا ماركيزraquo; حينما عاد إلى قريته في كولومبيا، ونظر إلى طرقاتها الضيقة الخربة والعشب يعلو الجدران فتنهد، وقال: laquo;لقد تحول كل شيء إلى أدب!raquo;..
ومع هذا، ورغم هذا: laquo;ابتسم ـ ولو من باب جبر الخواطر ـ أنت في جدة!raquo;.
التعليقات