فجر يعقوب

laquo;شركة فنية ليبية تعتزم انتاج مسلسل تلفزيوني عن حياة صدام حسين والكلفة 20 مليون دولارraquo;. الخبر مفاجئ، لأننا لا نعرف من حيث المبدأ انتاجات درامية ليبية بهذه الامكانات الكبيرة. إذ باستثناء laquo;الرسالةraquo; و laquo;عمر المختارraquo; للمخرج السينمائي الراحل مصطفى العقاد، لا يوجد ما يذكر في السجل الليبي، حتى على صعيد السينما المحلية هناك.

الأكيد إن حياة صدام كانت حافلة بالمواقف الدرامية، حتى أنها تكاد أن تغص بها. فإذا تركنا الحديث عن laquo;مواهبهraquo; في قيادة بلد مثل العراق، فإننا نجد امامنا شخصية مركبة ومعقدة جداً، وإن بدا على شيء من العصاب المنبسط في صوره التي كانت تتناقلها المحطات التلفزيونية ووكالات الأنباء. فهو في بعض الصور العائلية مثلاً، كان يحرص على أن يظهر خاشعاً كحمل وديع، وله قدرة هائلة على مباركة الأطفال في laquo;احتفالاتهraquo; التي لم تكن تنتهي... وفي المهمات الكبرى كان بامكانه أن يطلق الرصاص من بندقية صيد فوق الرؤوس، او أن يشهر مسدسه، ويسبح في دجلة كما تفترض الصورة التلفزيونية، وينصح من يتذمر من جلاء صورته في البرامج الرئيسة للتلفزيون العراقي حينها أن يلصق صورته على الشاشة التلفزيونية وبحجمها، فيريح ويستريح من العذابات المستقبلية للريموت كونترول الذي لم يكن متوافراً في laquo;العراق السعيدraquo;.

حتى اللحظة، لا نعرف ما الذي سيدور في رأس كاتب المسلسل، أو مخرجه، ولكن من خلال هوية الجهة المنتجة يمكننا التكهن بأمور ستدور في حلقاته الثلاثين أمام الكاميرا. أما وراءها، فلن تتكرر كل تلك الاستدعاءات التي جرت مع آخرين قرروا يوماً أن يعيدوا تمثيل حياة الطاغية أمام الكاميرا.

الآن لم يعد هناك رئيس يتألم إذا انتزعت الرصاصة من ساقه الجريحة، فالرجل طويت صفحته بكاميرا هاتف نقّال صغير بحجم الكف، وهي صنعت اللحظات الكاملة من المسلسل الطويل الذي لا يريد أحد متابعته داخل العراق أو في الخارج، فاللحظة التي هوى بها الجسد الثقيل كانت لئيمة وغادرة، أرّخت لمرحلة جديدة في الصورة التلفزيونية المنقولة عبر الأثير. من هنا نأمل أن يستفيد منها صانعو المسلسل الضخم، لأن من أخرج هذه الصورة laquo;الكاملةraquo; كان يدرك إلى أين ستذهب، وما الذي ستصيبه في اللحظات التي أعقبت الافراج عنها لتصبح ملك الفضاء، لكن المسلسل المتوقع سيبدو أمامها مملاً وطويلاً... بلا نهاية!