الأربعاء 14 فبراير 2007
أبو خلدون
سقراط كان يقول لابنه ldquo;تزوج يا ولدي، فإذا كانت زوجتك صالحة عشت سعيدا، وإذا كانت سيئة صرت فيلسوفاrdquo;، ولكنه لم يتحدث لنا عن تأثير الزواج في المرأة. وقطعاً لم تكن زوجة سقراط سعيدة، رغم أن زوجها فيلسوف، وأظنها كانت تتمنى الزواج من فارس شجاع من فرسان الدولة الاغريقية يحمي ذمارها، أو ثري من أعضاء مجلس الشيوخ في اثينا يرفعها إلى الطبقة العليا في المجتمع، وعندما كانت تتحدث عن زوجها كانت تقول: ldquo;إنه لا يصلح لشيء، ولا يعرف كيف يدق مسمارا في حائطrdquo;.
وكان فرانسيس بيكون، الأديب البريطاني الذي أدخل الأسلوب التجريبي في العلم وكان أول ضحية لهذا الأسلوب عندما ابتلع دجاجة وكمية من الثلج ليرى ما إذا كان الثلج سيحفظ الدجاجة سليمة في معدته، كان بيكون يقول: قبل الإقدام على الزواج ينبغي على الشاب أن يسأل نفسه ldquo;ما هي السن المناسبة للزواج؟ فإذا كان في سن الشباب فإن الوقت لا يزال مبكراً، أما إذا تجاوز هذه السن فإن الوقت يصبح متأخراًrdquo;. وبيرس أمبروز صاحب القاموس الساخر الشهير يعتبر الزواج علاجاً لحالة جنون مؤقت تنتاب الإنسان وتوقعه في الحب، وعندما يشفى من جنونه يكتشف أنه أصيب بحالة أكثر خطرا هي الزواج. والمطربة شير لها قول مأثور يقترب من هذا المعنى تقول فيه ldquo;تشعر المرأة بالانبهار بشيء تافه، فتتزوجه، وبعد الزواج تكتشف الحقيقةrdquo;.
وبشكل عام، فإن الذين تحدثوا عن الزواج فعلوا ذلك من حيث تأثيره في الرجل ولم يتحدثوا عن تأثيره في المرأة، ولكن الرأي السائد لدى العلماء هو أن الزواج إيجابي للرجل، وسلبي للمرأة، وهو يجعل الرجل أكثر سعادة ويرفع مستوى التوتر والقلق عند النساء، وربما يدفعهن إلى سلوك هستيري، ولكن البروفيسور ديفيد ديفو، استاذ علم النفس في جامعة لاتروبيه الاسترالية الذي درس معطيات ومعلومات تتعلق بما يزيد على 10 آلاف بالغ من سجلات الصحة النفسية في استراليا منذ عام 1996. يقول في دراسة نشرها مؤخرا إن البحوث التي أجراها كشفت له أن الزواج يجعل الرجل والمرأة، على حد سواء، أكثر سعادة، ولا صحة لما يقال إنه يجعل المرأة أكثر توترا وتعاسة. ويؤكد البروفيسور في دراسته أنك إذا أجريت استفتاء بين أصدقائك المتزوجين ذكورا وإناثا، فستجد أن ما يقل عن واحد من كل ثمانية منهم يعاني من قلق وتوتر بسبب الزواج، بينما تصل نسبة الإحساس بالبؤس والتعاسة النفسية إلى واحد من ثلاثة بين العزاب. ويقول البروفيسور ديفو إن المتزوجة المنجبة أقل عرضة للأمراض والمشاكل النفسية من مثيلتها التي لم تنجب.
وعوارض التوتر لدى الرجال أقل ظهورا من مثيلتها لدى النساء، لأن الرجال أكثر ميلا لمعالجة مشاكلهم النفسية بالمهدئات والكحول، ولكن اللجوء إلى هذا النوع من العلاج يظل مظهرا من مظاهر التوتر لم تأخذه الدراسات التي أجريت في السابق في الاعتبار، فكانت النتيجة أن نتائجها مالت إلى جانب النساء. يضاف إلى ذلك الرأي الثقافي الذي كان سائدا في المجتمعات العالمية في الماضي، والذي يميل في الغالب إلى محاباة الرجل في كل شيء.
والعلماء الذين أجروا دراساتهم في الماضي وخرجوا منها بنتيجة هي أن الزواج يزيد من توتر المرأة وقلقها يصرون على أن الأحكام التي توصلوا إليها صحيحة، وهم لا يشككون بالنتائج التي توصلت إليها دراسة البروفيسور ديفيد ديفو الاسترالية ولكنهم يفسرونها بالقول إن المرأة أصبحت أكثر قدرة على التكيف خلال العقود الثلاثة الماضية، ويقول اليكس جاردنر استاذ علم النفس في جامعة جلاسكو الاسكتلندية ldquo;إن التغيرات التي طرأت على دور المرأة في المجتمع قد تفسر الأسباب وراء عدم توترها كما كان الحال في الماضيrdquo;، ويضيف ldquo;إن نساء اليوم يتمتعن بقدر أكبر من الحرية والمساواة مع الرجال، مما انعكس على صحتهن النفسية داخل مؤسسة الزواجrdquo;.
ولكن، هل أصبح الرجال أكثر سعادة بعد التغيرات التي طرأت على دور المرأة في المجتمعات؟ حتى الآن، ليست هنالك دراسة تتحدث عن ذلك.
التعليقات