محمد السيف
لايسع أي منصف وهو يتجول في ردهات وممرات معرض الرياض الدولي للكتاب، إلا أن يشهد بأهمية الإنجاز، الذي تحقق، ومدى النجاح الذي صاحب المعرض حتى كتابة هذه الأسطر.
إنّ تجربة هذا العام، التي لاتزال ماثلة، برهنت على أنّ وزارة الثقافة والإعلام قادرة على تنظيم معرض دولي ناجح بكل المقاييس، وقد بدأ في دورته الثانية منافساً لأهم وأكبر المعارض الدولية العربية. وإذا ما استمر المعرض في نجاحاته في مقبل الأعوام، فدونما شك سيحتل مكانة بارزة ضمن أهم المعارض الدولية، لا العربية فحسب!.
يُحسب لوزارة الثقافة والإعلام أشياء عدة أسهمت في إنجاح المعرض، منها حسن التنظيم والإعداد، ورغم الزحام الشديد على بعض دور النشر، إلا أن الحركة كانت انسيابية. ولعل مما أسهم في إنجاح المعرض تفاعل قيادة الوزارة وموظفيها في حركة نشطة دؤوبة لا تهدأ، بدءًا من وزيرها النشط ووكيلها للشؤون الثقافية، المشرف على المعرض، وموظفيها كافة، الذين لاشك يغمرهم شعور كبير بالنجاح، الذي تحقّق، من خلال ابتساماتهم في وجوه الزوّار.
كذلك يُحسب لوزارة الثقافة والإعلام خطوتها الرائدة في تسمية ممرات المعرض بأعلام الثقافة والأدب السعوديين، وكذلك في تكريم بعض الأدباء والمؤلفين، وهذا التكريم والاحتفاء يأتي متسقاً مع موقف الوزارة في ضرورة تكريم الأدباء، حينما عهدت إلى بعضٍ منهم افتتاح ورعاية عدد من المناشط الثقافية في مدينة الرياض. وهي خطوة كانت محل تقدير المثقفين على اختلاف مستوياتهم، حينما أعادت الوزارة quot;الوهجquot; إلى كثير ممن كاد النسيان يطويهم في ذاكرة الجيل الجديد!
مما يسر أيضاً في معرض هذا العام، الخطوة الجريئة التي أقدمت عليها الوزارة في جعل الأيام مفتوحة للجميع، دون استثناء، فليس هناك أيام للرجال وأيام للنساء، بل جاء التعامل مع المعرض باعتباره مكتبة كبيرة، يلجها الجميع بكل حشمة ووقار، ولستُ أدري قبل هذا المعرض، ما الفارق بين أن يُسمح للجميع بدخول إحدى المكتبات الكبيرة، والصغيرة كذلك، ومنعهم من الدخول جميعاً في معرض ٍ للكتاب؟! إنّ ماحدث في معرض هذا العام، يدلُ دلالة أكيدة على quot;وهمquot; أولئك الخائفين، الذين وقفوا حائلين دون تحقيق هذا المطلب في الدورة السابقة، وغيره من معارض داخلية تقام هنا أو هناك!
أسعدني، أيضاً، سقف الرقابة المرتفع، الذي لامس بارتفاعه سقف المعرض الشاهق! فكانت أغلب الكُتب، التي نبحث عنها في معارض دولية، معروضة وموجودة، ليبقى الخيار فيها للقارئ، الذي يُفضل هذا الكتاب أو ذاك، فيقرأ بقناعته واختياره، دون أن تُملى عليه وصاية من أحد، سواء بالقراءة أو باقتناء الكتاب، وبهذه الخطوة أغنانا معرض الرياض عن معارض كثيرة، كنا ننفرُ إليها خفافاً ورجالاً!
سألتُ أحد الناشرين الكبار من دولة لبنان عن المعرض، وعن مبيعاته، فأجاب والسرور بادٍ على محياه، أن مبيعات يوم واحد في الرياض تعدلُ مبيع أربعة أيام في معرض ضخم كالقاهرة! وأجابني ناشر آخر من أوروبا بأن مبيعات يوم واحد تغنيه عن مبيعات كثير من معارض الكتب في بعض دول الخليج!
هذا الحديث الذي أدلى به ناشرون، لايتحقّق منه إلا مَنْ وقف بنفسه على بعض دور النشر، وشاهد بأم عينيه الشباب السعوديين والفتيات وهم يتدافعون على شراء أحدث الإصدارات من شتى أنواع الكتب، ولقد فوجئ كثير من المثقفين عن هذا quot;الهوسquot; في شراء الكُتب لدى عدد كبير من الشباب اليافع والفتيات!
لقد أغنى معرض الرياض الشباب والفتيات عن كثيرٍ من المعارض، بما عرضه من كتب لا تتوافر في السوق الداخلية، كما أغنى المعرض الناشرين، الذين جاءوا خفافاً وسيعودون بطاناً!
- آخر تحديث :
التعليقات