رندة تقي الدين
حديث الساعة في الوسط الإعلامي الفرنسي هو متى سيعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك إذا كان يعتزم الترشح لولاية رئاسية ثالثة أو أنه سينهي ولايته الثانية من دون خوض الحملة الانتخابية مجدداً.
وما من يوم يمر إلا وتتكهن الصحافة حول ما إذا كان شيراك سيتكلم بعد القمة الأوروبية المقبلة أم أنه سينتظر موعداً آخر. والموعد الأقصى المحدد دستورياً في فرنسا للترشيح للرئاسة هو 15 آذار (مارس)، ولذا فالكل يتوقع أن يخرج شيراك عن صمته قبل هذا الموعد. إلا أنه غير ملزم بالكلام إذا أراد أن ينهي ولايته من دون الترشح مجدداً، وهذا الاحتمال يبدو الأغلب، على رغم أن أحداً لا يعرف ما الذي سيفعله، بمن في ذلك اقرب المقربين منه. فالرئيس يحتفظ بقراره لنفــــــسه، لكنه مدرك تماماً أنه ينبغي أن يغادر الرئاسة، كرئيس يعترف له الشعب الفرنسي بأنه عزز موقع بلاده على الساحة الدولية.
وكل استطلاعات الرأي أظهرت أن سياسة شيراك الخارجية تحظى بتأييد 75 في المئة من الفرنسيين. وعند انتهاء ولايته الرئاسية في 6 أيار (مايو) المقبل، وفي حال عدم خوضه الحملة الانتخابية مجدداً، فإنه سيغادر الرئاسة محاطاً بهالة الرجال الكبار الذين حكموا فرنسا وأعطوها موقعاً مهماً على الصعيد الدولي. والتكهنات والتوقعات تشير إلى أنه سينهي ولايته ويودع الرئاسة في أفضل الظروف، وأنه يدرك أنه من غير المحبذ أن يبقى أي رئيس فرنسي في منصبه أكثر من عشر سنوات.
وأمضى شيراك 12 سنة في الرئاسة، لأن الدستور كان ينص على ولاية رئاسية من سبع سنوات، وعمل رئيس الحكومة الاشتراكي ليونيل جوسبان على تخفيض المدة إلى خمس سنوات بالتوافق مع اليمين، في إطار حكومة التعايش.
وتشكل نهاية ولاية شيراك خسارة للشرق الأوسط ولبنان والعراق وكل القضايا الساخنة الاخرى، لأن من سيخلفه سواء من حزبه، أي وزير الداخلية نيكولا ساركوزي، أو النائبة الاشتراكية سيغولين رويال، ليس لديهما ما يكفي من خبرة للتعامل مع هذه المنطقة. وساركوزي، الذي يحظى حالياً بإعلى نسبة من التأييد الشعبي، أدرك أن 75 في المئة من الفرنسيين تؤيد شيراك في سياسته الدولية، ولذا فإنه في خطابه حول السياسة الخارجية، أيد ديبلوماسية شيراك ومبادئه، بعد أن كان يخوض حملته على أساس شعار القطيعة، واختار استمرار العمل بمبادئ شيراك الدولية مشيداً بها. أما رويال فكانت أكدت عزمها على الحفاظ على استمرارية السياسة الخارجية منذ أول إعلان لها في هذا المجال.
وهناك من يترقب مغادرة شيراك للرئاسة، ويعتقد هؤلاء بدافع من ديبلوماسيتهم laquo;الماهرةraquo; و laquo;الناجحةraquo; أن سياسة فرنسا ستتغير، بعد رئيسها الحالي الذي وصفه نائب الرئيس السوري فاروق الشرع بـ laquo;القبليraquo;، وقال لصحيفة laquo;لوموندraquo; أن سورية لن ترسل سفيراً جديداً إلى فرنسا قبل بدء العهد الرئاسي الجديد. وهكذا ينتظر نائب الرئيس السوري، الخبير في طريقة عمل الانظمة الديموقراطية، التغيير الرئاسي في فرنسا لإعادة السفير السوري إليها، لأنه يعتقد أن وجود هذا السفير هو هدية من سورية وليس حاجة للديبلوماسية السورية laquo;الناجحةraquo;.
في كل الأحوال، laquo;نجحتraquo; الديبلوماسية السورية خلال سنوات قليلة في فقدان سورية صداقات ليس فقط في فرنسا، بل أيضاً في أوروبا، كما تمكنت من افشال laquo;اتفاق الشراكة الأوروبي - السوريraquo;. ويراهن الشرع على تغيير فرنسا لسياستها، لكنه ينسى أن ديبلوماسيته هي التي أدت الى تدهور العلاقات بين البلدين. والأفضل أن يتوقع مهندس الديبلوماسية السورية أن تستمر السياسة الفرنسية الخارجية من دون تغيير لأنها تستند الى قرارات الأسرة الدولية التي سبق أن أيدتها الدول الأوروبية وفي طليعتها فرنسا وشعبها.
التعليقات