علي سعد الموسى


تحول الكتاب الأخير لتركي الدخيل quot;سعوديون في أمريكاquot; إلى - نقطة رأي - مثيرة للجدل وهو الذي فيما يبدو أراد به تسجيل انطباعات خفيفة الظل عن تجربته الدراسية الأمريكية. تحول الكتاب إلى وجبة إعلامية فور نفاد طبعته الأولى من الأسواق في ظرف أسبوعين، وهو للحق من فصيلة الكتب التي لا تملك إلا أن تنتهي منها تماماً بين الغلافين في جلسة واحدة.

الذين تناولوا الكتاب بالنقد اجتمعوا في المجمل على نفور شديد من الفكرة لأن الكاتب لم يتجمل أو يجامل ولم يستخدم مرادفات - أفعل - التفضيل التي تسبغ الأوصاف السعودية وكأنهم - اجتماع - فوقي يندر منه الخطأ. الفارق أن الدخيل كان جراحاً لا جارحاً في مجتمع يلجأ أحيانا للتغطية والتزييف على المختلف الشاذ من بعض سلوكياته في الغربة ولمن كان في شك من مسالك بعض السعوديين خارج الحدود فالمسافة لا تحتاج للذهاب إلى الشمال الغربي لأمريكا، حيث كانت مذكرات تركي الدخيل، بل هي أقرب إلى مجرد العبور على جسر البحرين، حيث التباين الجوهري بين سلوكين متناقضين.

وعلى قدر خوفي من تهمة الانحياز لآراء صديق أثير مثل تركي الدخيل، إلا أنني أجد نفسي في الشارع الموازي لما كتبه الزميل عبدالمحسن الرشود هنا قبل الأمس تعليقاً على الكتاب المثير للجدل. عنوان الكتاب وحده: سعوديون في أمريكا قابل للتحوير لأن أمريكا قد تستبدل بالمنامة أو القاهرة أو دبي أو ما شئت من عواصم الانفتاح: شبابنا، إذا كان الكاتب صادقا صدوقا لهم، بحاجة إلى كثير من ضبط السلوك وأظن أنه من الأفضل لهم تماما أن يقرؤوا أنفسهم نقدا من خلال شاهد يعتمر ذات الجلد وذات الهوية. وعلى حين يتكلم الدخيل في كتاب عن مبتعثي التسعينات الجديدة، يعود بنا الرشود إلى مبتعثي السبعينات والفارق بين الدفعتين لم يكن مجرد الفارق في السلوك في بلد الابتعاث بقدر ما كان في الأسس والظروف الاجتماعية والاقتصادية التي خرجت منها البعثتان. رجال السبعينات خرجوا من مجتمع كان متصالحا مع نفسه على طريقة المحافظ المتقشف المنفتح، ولم يكن مشحوناً بأسوأ معاملين خرجت منهما الأجيال اللاحقة: معامل الطفرة المادية ومعامل الشحن في خطاب نفخ فيه الفوقية حد الآرية الزرقاء. تلك هي صورتنا في البعد من بعد.