الثلاثاء 27 مارس 2007
ليلى العثمان
ذات يوم كنت أستمع إلى أحد المشايخ وهو يرد على أسئلة المستمعين بالبث المباشر، فجاءه هذا السؤال الغريب من أحد المستمعين: أحضرت خروفا إلى بيتي لأذبحه في عيد الأضحى لكن الخروف أكل جزءا من جريدة أجنبية فهل لحمه حلال أم حرام؟
استفزتني سخافة السؤال، فهل وصل الجهل بالناس إلى أن يسألوا مثل تلك الأسئلة؟ وهل صار السؤال عن الحلال والحرام يقلق البشر إلى الدرجة التي يحاسبون فيها البهائم على ما تأكله؟
تحفزت لأسمع رأي الشيخ وفتواه، وتوقعت أن يقول له: يا أخي إن البهيمة تأكل أي شيء تجده، فلا تدقق بالأمر واتكل على الله واذبح خروفك. لكن الإجابة جاءت أغرب من السؤال ذاته فقد رد عليه الشيخ قائلا: يا أخي المسلم عليك أن تتأكد من أن الجريدة التي أكلها الخروف ليس بها ما يمس بالذات الإلهية أو يسيء إلى ديننا الحنيف وبعدها توكل على الله وكل خروفك.
بصراحة أرعبني رد الشيخ فأمسكت بالهاتف لأتصل به وأعترض على فتواه الغريبة التي تزيد من تعقيد الناس وتكليفهم فوق طاقتهم، لكن الخط الذي ظل مشغولا حرمني متعة المشاركة وبقيت مستفزة حتى نهاية البرنامج وأنا أفكر بهذا السائل المسكين الذي سيلتزم بالفتوى، فتخيلته وهو يفتح بطن الخروف ويستخرج الجريدة المعجونة في معدته ثم يلملم أوصالها ويقرأها ليتأكد أن لا شيء في الجريدة يمس بالله وبالدين.
وهنا انخرطت في الضحك وأنا أشفق على الرجل!! أليس شر البلية ما يضحك؟.. لقد ابتلانا الله بمشايخ يعسرون بالفتاوى ولا ييسرون، ومع الأسف أنهم يلقون آذانا صاغية من بعض الناس إما لشدة جهلهم بأمور الدين السمح الصحيح، أو بسبب براءتهم- خاصة الشباب- الذين يتبعون الدعاة المتشددين، فتصيبهم الوساوس إلى درجة أنهم لا يتصرفون بشأن من شؤون حياتهم إلا بعد الرجوع إلى فتاوى هؤلاء.
إن بعض تلك الفتاوى أحدثت شروخا عميقة بين أفراد الأسرة الواحدة، تصوروا أن شابا سأل أحد الدعاة المتشددين عن الطريقة التي يتعامل بها مع والده الذي لا يصلي ولا يصوم ويشرب الخمرة، فقال له: أبوك -كافر- وإذا قتلته تدخل الجنة!!!
ماذا نقول في هذا التحريض على العقوق بالوالدين؟ وأين هذه الفتوى البشعة من قول الله تعالى 'ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما'؟ إننا لا نملك أمام هذا الوضع الغريب إلا أن نقول: اللهم احمنا من شر بعض الفتاوى وأصحابها - قولوا آمين.
التعليقات