هـآرتـس

وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس، أنهت أمس زيارة اخرى إلى اسرائيل والسلطة الفلسطينية في اطار جولة سياسية في المنطقة. قبل أقل من سنتين من نهاية ولايته، ينخرط أخيراً الرئيس بوش في مساعٍ لانقاذ العربة العرجاء للسلام الاسرائيلي ـ العربي. المساعي نفسها ايجابية وافضل من عدم العمل، ولكن لا تكفي زيارات المجاملة التي في نهايتها يوافق ايهود اولمرت على لقاءات منتظمة مع محمود عباس.
رغم حقيقة أن اسرائيل غير مدعوة إلى مؤتمر الدول المعتدلة الذي يفتتح في الرياض اليوم فان عليها أن تدعم وجوده وتفرح في أن الدول العربية، برعاية دولية، تحرك مسيرات المصالحة مع اسرائيل. دور حكومة اسرائيل كمشاهد شكاك ليس مناسباً؛ الجمود في المنطقة سيؤدي إلى سفك دماء.
على اسرائيل أن تبادر بل وأن تستجيب للمبادرات، أن تنضم لكل تشكيلة في خطوة تحاول حث التسوية، وبالاساس ـ ليس من حقها ان تجلس دون عمل وانتظار مبادرة السلام الكاملة.
أسباب اخرى، بعضها سياسي داخلي وبعضها سياسي خارجي، تمنع حكومة اسرائيل من اتخاذ مبادرة سياسية مستقلة؛ ولكن الحكومة غير معفية من الرد على خطط اخرى. على جدول الاعمال عادت لتطرح المبادرة السعودية من العام 2002، والتي جرى تبنيها ـ وان كان بتعديل أساء لها ـ من ناحية اسرائيل، في مسألة اللاجئين ـ من الجامعة العربية.
لا ينبغي لاسرائيل أن تقبل الخطة العربية كما هي. يكفي ان تعكس الخطة التقدم في اتجاه تسليم العالم العربي، بأغلبيته ان لم يكن بكامله، باسرائيل ويوجد فيها أساس لمواصلة المحادثات. حكومة ذكية كانت ستسرع إلى التمسك بمجرد هذا الاستعداد للاعتراف والتسليم، تتحفظ من كل ما هو مرفوض في نظرها، وتسعى للحوار في اطار اقليمي شامل.
غير أن حكومة اولمرت تخون الثقة التي منحها اياها الجمهور وتجد مبررات ومحاذير للامتناع عن مسك الثور السياسي من قرنيه. التعليلات التي تنعش الاذن ـ وعلى رأسها: ضعف عباس، الذي خرق تعهده في العمل على تحرير جلعاد شليت قبل تأليف الحكومة المشتركة مع حماس shy; غير مدحوضة، ولكن أقوى منها المعاذير. اولمرت، الذي يكافح في سبيل حياته السياسية، يخشى أغلب الظن من التقدم الذي ينطوي على الانسحاب اكثر من الجمود الذي يعني التصعيد.
لقد امتنعت رايس عن استخدام الضغط الامريكي على اسرائيل. وقررت لاولمرت وعباس تواتر لقاءاتهما ولكن ليس مضمونها. فالسعي المعلن عنه للدولة الفلسطينية الديمقراطية والمعتدلة، الذي سيعزز قيامها أمن اسرائيل، اطلق بلسان واهن. وبدون زخم سياسي نشط من واشنطن، سينهي بوش، اولمرت وعباس وجودهم في الحكم دون أن يفيدوا شعوب المنطقة.

افتتاحية
(quot;هآرتس