الأربعاء 4 أبريل 2007

كراسيمير كانيف ـ بروجكت سينديكيت

اعتقدت بأن بلدي تركت ماضيها القمعي وراءها. عندما انضمت بلغاريا إلى الاتحاد الأوروبي في يناير الماضي، ولكن اعتقال أنادوردي هادجيف تركمانستاني التحدر اللاجئ عندنا وتهديده بالترحيل، يقول بأن هناك أشياء لا يمكن أن تتغير.

وفي حال أعادت بلغاريا هذا الشخص إلى تركمانستان ـ حيث سيواجه التعذيب وربما يواجه ميتة عنيفة ـ سيصبح ادعاؤنا بانتمائنا إلى أوروبا ديمقراطية تحترم الحقوق، مجرد تصريحات جوفاء. ناهيك عن تشويه صورة الاتحاد الأوروبي كمدافع عن حقوق الإنسان عبر العالم نتيجة لعجزه عن ضبط أعضائه للتمسك بالمعايير والقيم التي بني عليها.

تذكرنا هذه الحادثة بالأيام التي كان نفوذ الكي جي بي مستشرياً، الوقت الذي كان في المنشقين عبر أوروبا الشرقية والأراضي السوفيتية مثل تركمانستان يحيون في ظل خوف مقيم. هاجر هادجيف وعائلته إلى أوروبا عام 2001 هرباً من أحد أعتى النظم القمعية في العالم المتمثل بالدكتاتورية المطلقة لسابارمورات نيازوف، الذي نصب نفسه quot;توركمان باشيquot;، أبا للتركمان جميعهم.

تلقى هادجيف، نائب رئيس مجلس البنك المركزي لتركمانستان سابقاً، والناقد المفوه لحكومة تركمان باشي لاحقاً، والعضو الأعلى في حزب واتان الجمهوري المنفي، عندما وصل بلغاريا quot;إطلاق سراح إنسانيا مشروطاquot; ـ وهي فئة محمية من الأفراد لم ترق إلى وضع لاجئ. ولكنه ومنذ ذلك الوقت لم يسلم من العنف والثأر الاعتباطي في quot;ملاذه الآمنquot;.

وعلى الرغم من موت توركمان باشي في ديسيمبر/كانون الأول الماضي، تابع خلفه غوربانغولاي بيرديموخاميدوف سياسته القمعية ضد المنشقين وحرية التعبير وأمعن سخرية في الديمقراطية الأمر الذي عكسته انتخابات فبراير/شباط الماضي المقولبة.

ويزيد الاضطهاد البلغاري مرارة على المرارات والظلم الواقع على هادجيف وعائلته. ففي الصيف الماضي تم اعتقال شقيق هادجيف وشقيقته بعد مشاركتهما في فيلم وثائقي يتكلم عن تركمانستان، وتمت محاكمتهما بتهم ملفقة لحيازة الأسلحة. وبعد محاكمة صورية مغلقة تم الحكم عليهما بالسجن لسبع وست سنوات على التوالي.

توفيت أخت هادجيف الصحافية أولغوسابار موردوفا، في السجن بعد بضعة أسابيع في ظروف غامضة. أخبر أبناؤها أقاربهم بأنهم رأوا آثاراً للتعذيب على جسدها عندما عرض عليهم جثمانها وبأنها تعرضت لإصابة بالغة في الرأس. (أشار تشريح تم تحت إشراف الحكومة بأنها ماتت منتحرة). أما شقيقا هادجيف الآخران وابن حميه وابنة حميه فيقبعون في غياهب سجن الجزاء (الغولاغ) التركمانستاني سيئ الصيت منذ العام 2002 عندما حكم عليهم بالسجن لمدة طويلة جداً. وفي العام 2003 تعرض حميه للضرب من قبل عملاء الشرطة وأرغم على المنفى الداخلي.

وفي التاسع عشر من فبراير/شباط الماضي اعتقلت الشرطة البلغارية هادجيف بنية إعادته إلى تركمانستان ليلاقي مصيراً مشابهاً. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال هادجيف في بلغاريا؛ إذا تم احتجاز هادجيف وزوجته بعد وصولهما إلى بلغاريا بفترة قليلة لمدة أيام تاركين ابنتهما ذات الـ 13 ربيعاً دون إشراف أو رعاية ودون السماح لها بالتواصل مع والديها.

اعتقلت الشرطة هادجيف مجدداً في العام 2002 استجابة لطلب تركماني تبعاً لمعاهدة تسليم الفارين المشتركة مع بلغاريا. وبعد أن رفضت محكمة مدينة فيرنا السماح بإعادته وتسليمه ـ لأنها رأت أن التهم سياسية الطبيعة ـ هددت السلطات البلغارية بترحيله.

وفي العام 2005 تم إحراق سيارة عائلة هادجيف بواسطة جهاز شبيه بالقنبلة، الأمر الذي فسرته العائلة على أنه تحذير يهدف إلى الحد من تحديهم الجريء للسلطات البلغارية ـ وربما التركمانية. لم تبذل السلطات التي اعتقلت هادجيف الشهر الماضي أي جهد لاتباع القوانين والإجراءات المرعية؛ إذ لم يصدروا مذكرة اعتقال، ورفضوا بشكل متكرر السماح له بالتواصل مع أقاربه أو أي جهة قانونية. وعلاوة على ذلك، لم تقدم المحكمة أي توضيح عن السبب الذي يسمح بمحاكمته عن نفس التهم التي تمت تبرئته منها في العام 2003.

هادجيف مقاتل لحسن الحظ. ومنذ بداية محنته في بلغاريا، قاتل هادجيف النظام من خلال مواجهة الفروع الحكومية المسؤولة عن معاناته. وبالفعل فقد رفع هادجيف الدعاوى ضد محامي الادعاء نفسه الذي يمسك قضيته الآن ـ الأمر الذي يهدد حصوله على محاكمة عادلة.

عقدت حكومتا العهود والرغبات في أن ترقى إلى الأطر القانونية التي تشكل لب العضوية في الاتحاد الأوروبي. وبإطلاق سراح أنادوردي هادجيف وإسقاط التهديد بترحيله إلى تركمانستان، ستظهر بلغاريا دون لبس التزامها بالوفاء بتعهداتها. وبمنحه حق اللجوء السياسي، يمكننا أن نعلن بأن الأنظمة السلطوية لن يكون لها حساب أو تأييد ضمن حدود أوروبا.

عنquot;الغدquot;.