السبت 7 أبريل 2007

خيري منصور


لدى أولمرت ما سيقوله للعرب المعتدلين إذا التقاهم، وقد تكون لديه مفاجآت، وقد ورد هذا النبأ في سياق صهيوني كلاسيكي، حيث تحدث رئيس وزراء الدولة العبرية عن اضطهاد اليهود. وهذه الموضوعة المزمنة في كل خطاب صهيوني ابتزازي غالبا ما تتصدر القوائم البروتوكولية عندما يزور القدس قادة أوروبيون أو أمريكيون، وحين يكون الزائر ألمانياً يكون الابتزاز مضاعفاً، وهذا ما أحسّ به المراقبون عندما قيدت السيدة ميركل الى متحف الهولوكوست في القدس المحتلة على بعد أنين طفل مصلوب في أرض فلسطينية باتت كلها هولوكوستات مسكوتاً عنها.

مفاجأة أولمرت للعرب المعتدلين، هي المزيد من تطرفه لأن بضاعته الوحيدة هي هذا التطرف، رغم إنتاجه المتكرر من خلال مصفاة دبلوماسية سرعان ما تتحول إلى أفخاخ.

ولكي تستكمل زيارة السيدة ميركل القوس الأخير المحذوف من الدائرة، قالت ان على العرب الأكثر اعتدالا، ان يضغطوا على الفلسطينيين كي تتقدم عملية السلام المتعثرة، وكأن السيدة الألمانية تقول ان تشحيم المفاصل الصدئة لدبابة السلام وجرافة الاستقرار والتعايش لا يتم إلا بدم الفلسطينيين بعد أن فقد وظائفه كلها باستثناء وظيفة التشحيم أو التزييت هذه.

واضح تماماً أن أولمرت يعزف على وتر قديم، لكنه وتر ارتخى بمرور الوقت وفرط التكرار ولم يعد يطرب حتى من يعزف عليه، وان المرء ليتساءل بدءاً عن تلك المفاجآت التي ينوي أولمرت تقديمها للعرب إذا صافحوه وعانقوه وصدقوا وعده الذئبي.

هل سينسحب الى حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 أم سيهمس في آذان من يلتقيهم بأن الفرصة الذهبية قد أزفت، وآن للعرب أن يستريحوا من حمولة الملح وهم يقطعون نهر الدم الفلسطيني؟

لقد خبر العرب سواء كانوا معتدلين أو أقل اعتدالاً مفاجآت شيمون بيريز، وباراك.

وأوشك الإعلام المخدوع والخادع معاً أن يقدم بطل مجزرة قانا شيمون بيريز على أنه مجرد شاعر، وبطل الاغتيالات الفلسطينية الخمسة باراك على أنه مجرد عازف بيانو.

في جميع الأحوال كان هناك رهان على كسب الوقت وإخضاع العرب على اختلاف الخانات التي يتم تصنيفهم فيها عبر متوالية من التضليل والجرعات المتصاعدة من التخدير.

من يضغط على مَنْ في ذروة هذا الحصار؟

العرب يضغطون على أنفسهم حتى يعتصروها أم الولايات المتحدة والسيدة ميركل يضغطان على أولمرت؟

إنها معادلة معكوسة، شأن هذا المنطق الجديد الذي بشر به أرسطو الأمريكي ذو الخوذة والحاسوب الذكي.

ومن الواضح أيضا أن هناك إصرارا لدى الدولة العبرية ورئيس وزرائها وطاقمه المأزوم على إيجاد كوة في الجدار، ليس لتصدير الأزمة التي نتجت عن الحرب ضد لبنان فقط بل للعثور على متنفس صناعي يطيل عمر الحكومة التي غدت بلا هيبة، وسميت في بعض الأوساط الصهيونية حكومة اللاعبين الهواة.

كم هولوكوست فلسطيني يجاور ذلك المتحف الذي انحنت أمامه السيدة ميركل مثلما انحنى أمامه من قبل قادة وجنرالات قرأوا التاريخ المعاصر بعين واحدة، لأن العين الأخرى ملآى بالقذى السياسي؟

مفاجأة أولمرت لا تدهش رضيعاً فلسطينياً لأنها في حقيقتها مراوغة ثعلبية أخرى، وأظن أن الشعب المحاصر والنازف من خاصرتيه وأصابعه قد تلقح ضد هذه الغواية.