السبت 14 أبريل 2007
سعد محيو
هل أصبحت إيران ldquo;مركز العالمrdquo;؟ السؤال ليس عشوائياً، ولا هو متسرّع. كما انه ليس بالتأكيد حكم قيمة يستهدف امتداح النظام الإيراني الحالي. إنه ببساطة محاولة توصيف واقعية لأمر واقع.
فلندقق معاً بطبيعة ما يحدث الآن في منطقتي الخليج - قزوين. ماذا سنرى؟ سنلحظ أن الهضبة الإيرانية (كما يحب المحللون الجيو - استراتيجيون أن يسموا بلاد فارس) مركز الثقل الذي يجذب إليه كل، او جل، الصراعات الدولية. وهذا على كل الصعد الدبلوماسية والاقتصادية والامنية وحتى العسكرية.
الصدام الإيراني - الامريكي الراهن، ليس في الواقع أكثر من واجهة لصراع اوسع وأضخم بكثير، تلعب فيه إيران الدور نفسه الذي يلعبه الثقب الأسود الكوني الذي يجذب إلى أعماقه كل/ وأي شيء يقترب منه.
القوى العالمية المشاركة في الصراع تشمل، عملياً، كل الدول الكبرى الحالية: الصين وروسيا، أوروبا واليابان، الهند والنمور الآسيوية وغير الآسيوية (البرازيل وجنوب إفريقيا). صحيح أن مشاركة كل من هذه الدول في النزاع تتفاوت بتفاوت قدراتها ومصالحها، إلا انها جميعاً في النهاية معنية كلية بما يجري في الهضبة.
الصين تبدو على رأس القوى المنغمسة في سباق حرب الموارد هذه، لسببين: الاول، أنها الدولة العظمى الصاعدة الجديدة التي ستشَكل بعد نحو عشر سنوات القوة الموازنة الرئيس للزعامة الامريكية العالمية. والثاني، لأنها بحاجة ماسة للغاية إلى كل قطرة نفط وقارورة غاز لتزييت اقتصادها العملاق.
في آخر تقرير صدر عن القوة العسكرية لجمهورية الصين الشعبية في 23 مايو/ أيار ،2006 انتقدت وزارة الدفاع الأمريكية المساعدات العسكرية الصينية لبعض الدول مثل إيران والسودان، ووصفتها بأنها وسيلة لتحفيز هذه الدول على فتح الطريق أمام الصين كي تتمكن من وضع يدها على احتياطي الطاقة في الشرق الأوسط وإفريقيا. كما اتهمتها بتطوير السفن الحربية التي تشكل الأسس المتينة لبناء قوة قادرة على التوغل في مناطق إنتاج النفط على الأرض.
الصين، من جهتها، لا تخفي رغبتها في مد أصابعها وخطوطها إلى إيران. وهي تعتبر أن الحظر الاقتصادي - النفطي الأمريكي على إيران، هدية ثمينة لها تتلاءم ومخططاتها النفطية، لأنه يفسح في المجال أمام الشركات الصينية للاستفراد بساحة النفط الإيراني.
استطاعت بكين توقيع اتفاقات تجارية نفطية واسعة مع طهران، مثل صفقة تطوير حقل غاز ldquo;يادافارانrdquo; التي كلفتها 50 مليار دولار في العام ،2004 وشراء 10 ملايين طن من الغاز الطبيعي الإيراني السائل سنوياً لمدة 25 سنة. وهي تجهد الآن، وإن بصوت خافت، للدفاع عن إيران في المحافل الدولية. فهي تلوّح بالفيتو في مجلس الأمن ضد أي قرار بفرض عقوبات على هذه الأخيرة في إطار البند السابع من ميثاق الامم المتحدة (الذي يسمح باستخدام القوة العسكرية). وهي تزّود إيران، على ما يقال، بتقنيات الصواريخ المضادة للسفن. كما انها أعلنت مراراً وتكراراً معارضتها لأي عمل عسكري أمريكي في الهضبة.
الصين تحتاج إلى إيران بشدة لأنها عطشى بشدة للنفط. وهي تجد في بلاد فارس ضالتها الرئيسة المنشودة. فطهران المتمردة على واشنطن وشركات النفط الأمريكية العملاقة، تمتلك ثاني أكبر احتياطي للبترول في العالم، يقدر ب 132 بليون برميل (11% من الاحتياطي العالمي) وثاني أكبر احتياطي للغاز الطبيعي (971 ترليون قدم مكعب أو 1.15% من الاحتياطي العالمي). صحيح ان النفط الايراني أقل منه في السعودية، وصحيح أن كمية الغاز الإيراني أقل من الكمية الموجودة في روسيا، إلا أن ميزة إيران تكمن في قدرتها على السيطرة الوطنية على هذه المصادر الحيوية للطاقة.
وهذا بالتحديد ما يغري بلاد الهان (الصين) على الاندفاع إلى بلاد فارس، برغم التهديدات الامريكية القوية لها بعرقلة اندماجها في الاقتصاد العالمي.
* * *
هذا عن الصين. ماذا الآن عن روسيا وأوروبا وبقية الجوقة الدولية؟
التعليقات