ريــم خليفة


الانسان المبدئي هو عملة نادرة في هذا الزمان الذي يختلط فيه الحابل بالنابل...وقلة هم الذين يلتزمون بمبادئهم كما هو الحال مع مواقفهم التي يسجلها التاريخ.

وفي البحرين هناك الرمز الوطني عبدالرحمن النعيمي الذي يعتبر أحد الشخصيات المؤثرة في الشارع البحريني التي لا يمكن لنا كمراقبين تجاهلها بحكم ثقل هذا الرمز وتأثيره لاسيما على التيارالتقدمي والوطني الديمقراطي.
لقد خاض النعيمي غمار النضال على امتداد الساحة البحرينية والخليجية حتى جبال ظفار العمانية...فالنعيمي اسم يعرفه جيدا أبناء الخليج وصولا الى الدول العربية الاخرى التي احتضنته في منفاه وعرفت مساهماته القوية ازاء القضايا العربية الشتى.
ان أصحاب النهج الثوري مثل النعيمي لم يثنيهم شيء ولم تؤثر بهم الاغراءات اذ استمروا في طريق الكفاح الشاق حتى من بعد مرحلة الانفتاح السياسي الذي شهدته البلاد منذ خمس سنوات فكان هو الأب الروحي لكل البحرينين التواقين لمستقبل سياسي تقدمي وحال اجتماعي مشرق.
لقد نكر النعيمي ذاته وفضل تكريس حياته بالكامل من أجل تحقيق أهداف الوطن المشروعة وخدمة مصالح شعبه دون استثناءات فكان صريحا وجريئا ,قويا وصامدا في مواقفه, رغم كل المحاولات لثنيه واقصاء الوطنين من أمثاله في انتخابات البحرين للعام 2006 التي اعتصر لها الألم في قلوب البحرينين في فجر يوم كئيب من أيام نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
ان غياب النعيمي الان على الساحة بسبب حالته الصحية قد ينقلنا الى مرحلة اخرى مغايرة عما سمعنا عنه وعما عايشناه مع النعيمي خلال السنوات الاخيرة الماضية.
هذا في الخليج اما في الطرف الاخر من بحر الشمال يوجد رمز انساني أخر تأثر ما تأثر به أهل البحرين وهو أيضا اسم لايمحى من الذاكرة المحلية انه البريطاني بيرت ماب الذي تجمعنا به قضايا العدالة والانسان, العاشق لتراب دلمون وسليل عائلة بريطانية عمالية.
لقد كان ماب يدافع عن البحرنيين منذ بداية الخمسينات اذ كان يعمل محررا صحافيا في quot; بحرين آيلاندرquot; وهي الدورية التي كانت تصدرها شركة نفط البحرين ( بابكو) بنسختها الانجليزية اما النسخة العربية فكانت تعرف بquot; النجمة الاسبوعيةquot;.
ماب تصدى لظلم وزيف السياسة الاستعمارية ومن ثم أصبح منبرا لفضح وتعرية سياسة القمع والاضطهاد في حقب البحرين السابقة.
بعد عودة ماب الى وطنه بريطانيا قطع على نفسه عهدا بمواصلة الدفاع عن قضايا شعب البحرين فشاركهم همومهم ابان حقبة التسعينات المطلبية فخصص جل وقته مناصرا للحركة الوطنية اذ كان مطلعا على أوضاع بلادنا في ظل أحكام أمن الدولة آنذاك.
هذه الشخصية البريطانية التي أحبت البحرين كمواطن غيور وألف كتابا رائعاquot; Leave Well Alonequot; حول البحرين في منتصف التسعينات أوصى قبل وفاته في العام 1998 بصرف جزء رمزي من تركته لمساندة قضية المطالب الديمقراطية في البحرين... كان هذا ماب وذاك هو النعيمي والتاريخ سيبقى شاهدا على مواقفهما النبيلة للشارع البحريني مهما مر الزمن.