محمد عبد الجبار الشبوط


تدق ساعة بغداد بسرعة ابطأ من مثيلتها في واشنطن! ففي العاصمة الامريكية يتصارع الديموقراطيون والجمهوريون في الكونغرس على وضع مواعيد تربط بين تمويل القوات الامريكية التي تقاتل في العراق، وبين تحديد موعد لانسحابها منه، وفق ميزان يصعب التحكم به، لقياس مدى النجاح الذي تحققه استراتيجية الرئيس الامريكي بوش والتي وضع مسؤولية تنفيذها، ومن ثم النجاح في ذلك، بيد قائده العسكري المحنك ديفيد بيتريوس. لكن هذا الاخير، والذي يشتكي بدوره من بطء ساعة بغداد، يجاهد ايضا لكي يمنحه الكونغرس وقتا اطول قبل الحكم على نجاح الخطة التي تمثل الفرصة الاخيرة في المعركة الطويلة مع الارهاب، والتي اشتدت سخونتها في العراق، فيما يبدو وكأنه رد عنيف من القاعدة على الحرب التي شنها بوش على الارهاب بعد احداث 11 سبتمبر، كما ترى مجلة raquo;فورين افيرزlaquo; في عددها الاخير.
زمن بغداد لا يرتبط لسوء الحظ بدقات الساعة، وانما بمدى جاهزية العراقيين للتحرك على جبهات المعركة المختلفة. فثمة استحقاقات تتجاوز التفاصيل الفنية والعسكرية للخطة الامنية المتعثرة، لترتبط بدوائر اوسع تشمل التعديل الوزاري المتأخر كثيرا والمكبل باغلال نظام المحاصصة الطائفية والحزبية، ومشروع المصالحة الوطنية المتعثرة بدورها رغم المؤتمرات التي عقدت باسمها، دون ان تلامس جوهر الخصام السياسي الذي يراد من المصالحة ان تحله، وهناك الاستحقاقات التشريعية الملقاة على عاتق مجلس النواب الذي اغاظه raquo;طلبlaquo; بوش بعدم التمتع بعطلته الصيفية هذا الفصل.
اخطر ما يوجه اللحظة الراهنة ان لا تكون ساعة بغداد وساعة واشنطن raquo;مضبوطتينlaquo; على بعضهما البعض، ما يعني انهما تدقان وفق ظروف وحسابات ومعادلات مختلفة ومتباينة. وليس هذا ببعيد، فزمن واشنطن ليس كزمن بغداد.
اختلاف الساعتين يضع الحكومة العراقية والادارة الامريكية امام مأزق حرج، لا يشكل انسحاب القوات الامريكية المخرج المناسب منه، بل ربما شكل ازمة له. ولعل تشيني، صانع السياسات الامريكية الاساسي، يحاول البحث عن مخرج لهذه الازمة قبل ان ترفع درجة حرارتها اشهر الصيف الساخن المقبلة!