مروى محمد إبراهيم


تركيا نموذج فريد للدولة ذات الطبيعة الخاصةrlm;,rlm; نجحت علي مدي الأعوام الماضية في تطبيق الديمقراطية في إطار من العلمانيةrlm;,rlm; بعيدا عن أي تداخل بين الدين والسياسةrlm;.rlm; إلا أن الخوف من انهيار هذا النموذج كان السبب الرئيسي وراء اندلاع الأزمة الأخيرةrlm;..rlm; ففكرة سيطرة حزب العدالة والتنمية الحاكم ـ ذي التوجهات الإسلامية ـ علي السلطة الثلاثية الأبعاد رئاسة الدولة والحكومة والبرلمان تثير المخاوف لدي الاتراك من احتمال حدوث اختراق ديني للحياة السياسية في البلادrlm;,rlm; وهو بالتحديد ما يخالف المبادئ العلمانية للدولة الحديثة في تركياrlm;.rlm; إلا أن الدعوةلإجراء انتخابات عامة مبكرة في يوليو المقبل والتعديل الدستوري الذي يقضي باختيار رئيس الدولة عبر انتخابات حرة مباشرة ساعد علي تهدئة الأزمة لكن ماذا بعد الانتخابات؟ وماذا عن الجيش الذي ولي نفسه رقيبا علي الحياة السياسية في تركيا؟؟

علي مدي السنوات الخمس الماضية نجح حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان في الفصل بين مرجعيته الإسلامية وإدارته للحكم في البلادrlm;,rlm; وعلي الرغم من طرحه لعدد من المبادرات ذات الطابع الإسلامي علي فترات متفاوتة إلا أنها في النهاية لم تجد طريقها للنور وبالتالي ليس هناك ما يشير إلي إخلاله بالطبيعة العلمانية للقوانين التركيةrlm;.rlm; أما سجله الاقتصادي والسياسي علي مدي الفترة الماضية فيحفل بالعديد من الانجازات التي لم تشهدها تركيا خلال نصف القرن الأخير من تاريخ تركياrlm;.rlm; فقد نجح في تحقيق أعلي معدل نمو اقتصاديrlm;.rlm; كما جذب نسبة هائلة من الاستثمارات الأجنبيةrlm;,rlm; بالاضافة إلي الانجازات السياسية التي تمهد الطريق امام انضمام تركيا إلي الكتلة الأوروبية فضلا عن تقليص معدلات الفساد وغيرها من الانجازات الداخلية التي تعزز موقع الحزب في الحياة السياسية التركيةrlm;.rlm;

كما اثبت اردوغان فطنته وحنكته السياسية فهو لم يسع لأي مواجهة صدامية مع الجيش أو الشعب طوال فترة توليه الحكمrlm;,rlm; فهو يعلم متي يتراجع وينحني أمام الريح ومتي يهب للمواجهةrlm;,rlm; بدون إثارة عداء أو استفزاز من حوله ممن يعارضون توجهاته الدينية خاصة ان ارتداء زوجته الحجاب كان من أهم التحفظات التي وقفت عائقا امام تحقيقه الكثير من طموحاته السياسيةrlm;,rlm; ومن هنا فان أي تحفظات علي التوجهات الإسلامية لحزب العدالة والتنمية لن تمنع فوزه بأغلبية كبيرة في الانتخابات العامة المرتقبةrlm;,rlm; ربما تفوق الأغلبية التي كان يحظي بها من قبلrlm;.rlm; ليثبت أقدامه في السلطة بدون أي منافسrlm;,rlm; خاصة لو أخذنا في الاعتبار أنه حقق فوزا كبيرا في انتخابات عامrlm;2002rlm; مكنه من تشكيل أول حكومة منفردة في تاريخ تركيا الحديثةrlm;.rlm;

أما فيما يتعلق بالخوف من تدخل الجيش مرة أخري لتعديل مسار الحياة السياسية في تركياrlm;,rlm; فان الانتخابات العامة والرئاسية ستعبر بوضوح عن رغبة الغالبية العظمي من أفراد الشعب بغض النظر عن توجهاتها الدينية وهو ما لايمكن للقوة العسكرية التدخل لتغييره أو تعديله وفقا لوجهة نظرهاrlm;.rlm; فمهما تكن قوة تهديدات الجيش بالتدخل فان رغبة الشعب قوة رادعة لا يمكن تجاهلها أو تجاوزهاrlm;.rlm; كما أن حنكة أردوغان السياسية لم ولن تسمح بتصعيد الأزمة بشكل يصل إلي حد استفزاز الجيش بما يدفعه للقيام بانقلاب عسكري جديد للاطاحة بحكومة حزب العدالةrlm;.rlm;

ومن ناحية أخريrlm;,rlm; فان المساعي التركية الحثيثة للانضمام للاتحاد الأوروبي لم تكن هي القوة المحركة لهذه الأزمة فخرج نحو مليون شخص إلي الشارع للتعبير عن رفضهم للشريعة الإسلامية في الحكم أو لأي انقلاب عسكري لم يكن الهدف من ورائه ارضاء أوروبا ولكن الحفاظ علي الهوية العلمانية لتركيا من أي انتهاكات وشيكة وبالتالي فان استمساك كل مؤسسة من مؤسسات الدولة بدورها السياسي يؤدي إلي حالة من التوازن لا يمكن الاخلال بها لتحافظ في النهاية علي هوية الدولة وتعبر عن رغبة الشعب في ظل ما يتمتع به النموذج التركي من نظام مؤسساتي صارم وهو ما يعني خطوة كبيرة نحو الالتزام بالديمقراطية بغض النظر عما إذا كانت علمانية أو إسلامية فهي في النهاية صدي لصوت رجل الشارعrlm;.rlm;