عبد الرحمن الراشد

قدم السفير زلماي خليل زاد، وهو بالمناسبة وللقلة التي لم تنتبه ليس سفير قطر في مجلس الأمن بل المندوب الامريكي الجديد في الامم المتحدة، قدم طلبا باعتماد استقلال اقليم كوسوفو ذي الغالبية المسلمة لتكون جمهورية اوروبية جديدة. في المقابل حذر السفير الروسي بدوره معترضا على مشروع القرار الذي امتعضت منه دول أخرى كذلك، إما تعاطفا مع الصرب او رفضا للفكرة من اصلها.

مجلس الأمن سيقرر بنعم او لا في وقت اهملت الدول الاسلامية دعمها لكوسوفو في لحظتها الحاسمة، وهي الدول التي اشغلت العالم تطلب النجدة بالتدخل في أزمة كوسوفو. وبناء عليه قصفت قوات الناتو بلغراد وصار اقليم كوسوفو منذ ثماني سنوات تحت حماية دولية اجبرت الصرب على التراجع وتطورت ايجابيا الى درجة قدم الغرب مشروعا بفصل كوسوفو وإعلانها دولة جديدة. لكن دول المنظومة الاسلامية نامت وتجاهلت الوضع في كوسوفو، وذكر لي أحدهم ان الدول الغربية هي التي ترسل رسائل تحثها على دعم استقلال كوسوفو والمشاركة في الضغط على الاطراف الدولية المعارضة بما فيها اولا حكومة بلغراد وكذلك حكومة موسكو.

ومع أننا ضد منطق إقامة جمهوريات مبنية على اقاليم مفصولة عن بلدانها الاصلية إلا ان كوسوفو حالة ميئوس من إصلاحها ضمن الاتحاد اليوغسلافي القديم بسبب الثارات الدينية والتاريخية، وبحكم الغالبية الالبانية الاصل والمسلمة الديانة صار الفصل هو آخر العلاجات. وكل من تابع الأزمة سيجد انه لم يعد في الصيدلية علاج لأزمة الكوسوفيين إلا الفصل، ومع أنه دواء مر إلا ان الاتحاد الاوروبي، الذي سيضم الجمهورية الجديدة في مرحلة لاحقة، يربط بين كل دول القارة في التشريعات والمرجعيات الخارجية والاقتصادية المختلفة، مما يجعل الانفصال والاستقلال أقل اهمية وتأثيرا عما هو خارج اوروبا. أي ستكون مرجعية كوسوفو هي بروكسل لا بلغراد. ايضا سيخفف الفصل من احتمالات مواجهات المتطرفين المسلمين والمسيحيين بما يعني ذلك من نقل الوباء الى مناطق أخرى في اوروبا.

لذا من صالح الجميع ان تمضي كوسوفو في مشروعها بإقامة جمهورية مستقلة منخرطة في النظام الاوروبي العام، وعساها ان تقدم نموذجا جيدا للدولة ذات الاغلبية المسلمة في القارة الاوروبية تثبت نجاحها في ادارة شؤونها على أسس عادلة وقانونية.

ولا بد ان نعتب على موسكو التي حابت الصرب منذ بداية الأزمة اليوغسلافية في عام 1990 يوم ذاعت مذابحهم في البوسنة والهرسك، وهو موقف خلف دهشة واستياء في الدول الاسلامية خاصة ان روسيا، خليفة الاتحاد السوفييتي، كانت تدعي انها حليفة لهم في قضاياهم التحررية. وهي تكرر الموقف لنفس السبب القديم بدعم المتطرفين في بلغراد في وقت يحتاج الروس الى الحكومات الاسلامية من اجل دعمها في محاربة المتطرفين الاسلاميين في الدول المرتبطة في الفلك الروسي.