أثارت ثلاثة بيانات رسمية، أمس، مجدداً المخاوف من تزايد مخاطر الإرهاب في بريطانيا، الأول صدر عن الشرطة وتضمن تحذيراً للجمهور من أن عراقياً أرسله أبو مصعب الزرقاوي ضمن مجموعة من الإرهابيين لتنفيذ عمليات انتحارية في بريطانيا اختفى من مكان إقامته الذي وضع فيه تحت مراقبة الشرطة، والثاني إعلان رئيس الوزراء توني بلير في مقابلة لملحق جريدة laquo;التايمزraquo; يصدر اليوم أنه يخشى على حياته من القتل في بريطانيا أكثر من العراق، فيما صدر البيان الثالث عن النائب العمالي من مدينة غلاسغو الاسكوتلاندية محمد سروار، أول مسلم يفوز بعضوية مجلس العموم البريطاني، أنه laquo;مضطرraquo; للاستقالة من منصبه في البرلمان خوفاً على حياته وحياة أفراد عائلته بعد تلقيهم تهديدات من عصابة باكستانية.
لندن - إلياس نصرالله
بالطبع فالأمر ليس بسيطاً أن يتلقى الشارع البريطاني مثل هذه laquo;الضربات الثلاث بالرأسraquo; في يوم واحد، وتظل الضربة الأولى أخطرها وأشد وقعاً بعد الكشف عن العراقي الذي اختفى الاثنين الماضي عن أعين الشرطة، رغم إجراءات الحراسة حوله. ووفقاً لمعلومات الشرطة، فإن الرجل الذي لم يكشف عن هويته هو واحد من ستة أشخاص أوفدهم أبو مصعب الزرقاوي قبل مقتله إلى بريطانيا وكلفهم بتنفيذ عمليات إرهابية فيها، حيث نجح في الحصول على إذن دخول على أساس أنه لاجئ سياسي هارب من جحيم الحرب الأهلية الدائرة في العراق والقتل على أساس طائفي.
ووفقاً للشرطة فإن حملة مطاردة غير عادية تدور حالياً في أنحاء بريطانيا بحثاً عن العراقي الفار الذي سمحت له الشرطة بالإقامة في شقة خاصة ووضع تحت حراسة إلكترونية متواصلة بواسطة جهاز مربوط حول ساقه ومن غير الممكن التخلص منه بسهولة من دون أن تلتفت الشرطة إلى ذلك أو حتى أي محاولة للعبث بالجهاز، علاوة على أنه كان مطالباً بإثبات الوجود في مركز الشرطة القريب من مكان إقامته مرة كل 14 ساعة بلا توقف.
يشار إلى أن الشرطة تحفظت على نشر اسم العراقي الفار، مع العلم أنها سمحت بنشر أسماء المتهمين الخمسة الآخرين في المجموعة نفسها الذين تم القبض عليهم في أغسطس العام 2005، وهم الأمين آدم (26 عاماً) وشقيقه إبراهيم آدم (20 عاماً) وسري بوليفانت (24 عاماً) الذين ما زالوا تحت الإقامة الجبرية ويخضعون لمراقبة شديدة من الشرطة، لكن من دون توضيح جنسياتهم، إضافة إلى متهم آخر يدعى بستون سليم وهو كردي عراقي، تمكن، رغم الحراسة المشددة عليه من الفرار في نوفمبر العام 2005 من قبضة الشرطة ويعتقد أنه تمكن بطريقة ما من الوصول إلى العراق، حيث هو مختف الآن.
يذكر أن متهماً آخر بالإرهاب لا علاقة له بالمجموعة نفسها، هو زيشان صديقي (26 عاماً)، اختفى هو الآخر في بريطانيا وهناك حملة واسعة للبحث عنه، حيث يُنظر بقلق شديد لاختفائه، إذ أن زيشان من أصل باكستاني كان يعمل في شبكة قطارات الأنفاق في لندن، وتتوافر لدى أجهزة الأمن البريطانية معلومات مؤكدة أنه شارك في معسكر تدريب للإرهابيين في باكستان يشرف عليه تنظيم laquo;القاعدةraquo;.
وأشارت تقارير بريطانية إلى أن laquo;نحو 25 في المئة من الذين تم اعتقالهم بتهم إرهابية في بريطانيا هم من طالبي حق اللجوء السياسي الذين استغلوا تعاطف السلطات البريطانية مع الهاربين من البلدان التي تشهد أوضاعاً غير إنسانية تدفع مواطنيها إلى اللجوءraquo;.
أما النائب سروار (54 عاماً) الذي واجه معركة شرسة من اللوبي الصهيوني في بريطانيا طوال فترة وجوده في مجلس العموم العام 1997، فقد دفع مستقبله السياسي ثمناً لإخلاصه للمنصب كممثل للشعب، حيث انه خاض بلا هوادة معركة للكشف عن مرتكبي جريمة قتل بشعة على خلفية عرقية وقعت في دائرته الانتخابية في غلاسغو راح ضحيتها شاب اسكوتلاندي يدعى كريس دونالد على يدي ثلاثة شبان بريطانيين مسلمين من أصل باكستاني هم عمران شهيد وزيشان شهيد ومحمد فيصل مشتاق الذين فرّوا من بريطانيا واختفوا في باكستان.
لكن سروار استعمل نفوذه لدى الحكومة الباكستانية واتصالاته مع أهله وأصدقائه في موطنه الأصلي للبحث عن المتهمين الثلاثة ونجح في النهاية في مهمته، فألقي القبض عليهم وجرى تسليمهم للسلطات البريطانية، حيث حوكموا وصدرت ضدهم أحكام بالسجن المؤبد على الجريمة التي ارتكبوها على أساس عرقي.
- آخر تحديث :
التعليقات