دrlm;.rlm; عبد المنعم سعيد
ما جري في غزةrlm;,rlm; وفي الساحة الفلسطينية عامةrlm;,rlm; خلال الأيام القليلة الماضية يجب ألا يمر علي أنه مجرد عارض آخر للتفكك الذائع في العالم العربيrlm;;rlm; كما يجب ألا يمضي كما لو كان فصلا آخر من المؤامرة الغربية الأمريكية الصهيونية علي العرب والفلسطينيينrlm;;rlm; كما يجب بنفس القدر ألا يسجل في التاريخ علي أنه نوع آخر من أنواع الحماقات وقلة الحيلة وغياب الحكمةrlm;.rlm; فما حدث لا يزيد ولا يقل عن تلخيص حاد ومخضب بالدماء للسياسة داخل الوحدات العربية السياسية المختلفة سواء كانت دولةrlm;_rlm; قوية أو ضعيفةrlm;-rlm; أو كيانا لا يزال في دور التكوينrlm;,rlm; حيث تتفاعل القوي والأفكار مع الزمن لتنتج تاريخا لا يشرف أحداrlm;.rlm; وما كان عملية انتهت باستيلاء منظمة حماس الإسلامية علي السلطة في قطعة من أرض فلسطين ممثلة في قطاع غزةrlm;,rlm; فإن بداياتها تعود إلي قلب السياسة حيث قضيةrlm;'rlm; الشرعيةrlm;'rlm; وعما إذا كانت أمرا بشريا يرد إلي مصالح ومنافع وقيم أو أنه فرض من إرادات عليا فوضت لمن بيدهم الإيمان علي الأرضrlm;.rlm;
هذا التنازع علي الشرعية فرض نفسه فور عودة قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات لأول مرة إلي الأراضي الفلسطينيةrlm;,rlm; لأول مرة منذ النكبة وقيام ما عرف بالسلطة الوطنية الفلسطينيةrlm;.rlm; وعلي مدي أربعة عشر عاماrlm;-1993rlm; إليrlm;2007-rlm; نازعت منظمة حماس هذه السلطة الشرعية مرتينrlm;:rlm; مرة منذ قيام السلطةrlm;,rlm; ومرة منذ الانتخابات الفلسطينية عامrlm;2006.rlm; واختلفت أسس المنازعة علي الشرعية في الحالتينrlm;,rlm; مرة لأن السلطة الوطنية الفلسطينية اعتمدت علي اتفاقيات أوسلوrlm;'rlm; غير المشروعةrlm;',rlm; ومرة لأنها خالفتrlm;_rlm; كما سوف نريrlm;-rlm; هذه الاتفاقيات والنتائج المترتبة عليهاrlm;.rlm;
وعلي مدي عقد التسعينياتrlm;,rlm; ومنذ وصول ياسر عرفات ورفاقه إلي أرض فلسطين بعد منفي طويل انتقلت فيها القيادة الفلسطينية بين عواصم عربية شتي في القاهرة وعمان وبيروت وصنعاءrlm;,rlm; وفي بعض الأحيان كان لها محطات في عواصم أوروبية شرقية واشتراكيةrlm;,rlm; ولكن حماس كان لها رأي آخرrlm;,rlm; فقد بدأت ليس فقط في رفض اتفاقيات أوسلوrlm;-rlm; والذي كان يعني عمليا رفض عودة القيادة الفلسطينيةrlm;-rlm; ولكنها أعلنت عن العزم علي تدميرها واعتبار كل من يتعامل بها مفرطا في الحقوق الفلسطينيةrlm;.rlm; وكان ذلك نزعا للشرعية الفلسطينية الجديدة كليةrlm;,rlm; فقد كان ذلك استعادة جديدة لمرض عضال طال الحركة الوطنية الفلسطينية منذ الستينيات عندما كان كل فصيل فلسطيني يتهم الفصائل الأخريrlm;'rlm; بالتصفويةrlm;'rlm; وكان ذلك يعني عزم الفصيل المعني علي تصفية الفصائل الأخري مع تصفية القضية الفلسطينية في نفس الوقتrlm;.rlm;
وقد كان ممكنا أن يظل موقف حماس موقفا سياسيا فكريا أيدلوجيا تسعي فيه حماس لكسب الإجماع الفلسطيني إلي جانبها بحيث يحدد الموقف الفلسطيني من خلال صناديق الاقتراعrlm;;rlm; ولكن حماس علي العكس اختارت موقفا ملتبساrlm;.rlm; فهي من ناحية استخدمت الظروف الجديدة لتدعيم مواقعها ونشر كلمتها مستفيدة من الظروف الصعبةrlm;,rlm; وأحيانا الأخطاء الجسيمة التي وقعت فيها قيادة فتح وعرفاتrlm;,rlm; بحيث بدت كما لو كانت هي رمز الطهارة الفلسطينية بينما الآخرون مثلو رمزا للمعصيةrlm;.rlm; ومن ناحية أخري كانت حماس قد تخلت عن كل دور للمشاركة في المسئولية بل أنها جعلت من هذه المسئولية تفريطا في الحقوق الفلسطينيةrlm;,rlm; وكان ذلك هو المسمار الأول الذي دقته حماس في قلب الشرعية الفلسطينية الوليدةrlm;.rlm;
وكأن كل ذلك لم يكن كافياrlm;,rlm; فقد بدأت حماس في اتباع سياستها الخارجية والعسكرية الخاصةrlm;,rlm; ليس حسب استراتيجية وطنية فلسطينية ولكن حسب ما تراه ملائما لإفساد مسيرة التحرير الفلسطينية مادامت علي طريقة منظمة التحرير الفلسطينية التي مزجت ما بين المقاومة المسلحة والمفاوضات السياسيةrlm;.rlm; ولأول مرة في التاريخ الفلسطيني كانت هناك أراض فلسطينية محررة في غزة وأريحا في مايوrlm;1994,rlm; وقبل أن ينتهي عامrlm;1995rlm; كانت إسرائيل قد تركت ست مدن فلسطينيةrlm;,rlm; وجرت انتخابات للرئاسة الفلسطينية والمجلس التشريعي الفلسطينيrlm;,rlm; وكان ذلك أول خطوات البناء في مؤسسات الدولة الفلسطينيةrlm;.rlm; كل ذلك لم يشفع لدي حماسrlm;,rlm; وما أن قامت إسرائيل باغتيالrlm;'rlm; المهندسrlm;'rlm; يحيي عياش فإن حماس لم ترد بعملية انتقامية واحدة وإنما ردت بأربع عمليات سقط فيهاrlm;100rlm; من الإسرائيليينrlm;,rlm; وكان ذلك كافيا لكي تسقط حكومة العمل التي عقدت اتفاق أوسلو مع منظمة التحرير ويأتي مكانها حكومة نتنياهوrlm;.rlm;
القصة بعد ذلك معروفةrlm;,rlm; وبالتأكيد فإن فيها من الأخطاء والخطايا ما يكفي للتوزيع علي جميع الأطراف داخل فلسطين وخارجهاrlm;,rlm; كما أن إسرائيل تتحمل جزءا غير قليل من المسئولية عندما استخدمت عمليات حماس من أجل وقف عملية السلام ونشر الاستيطان في الأرض الفلسطينيةrlm;.rlm; ولكن حماس في نفس الوقت عملت علي زعزعة الثقة في المؤسسات الفلسطينية ومنظمة فتح باعتبارها متواطئة مع إسرائيل فيما تقوم بهrlm;,rlm; وعملت دعايتها في المساجد والزوايا والصحافة علي ترسيخ هذا المفهوم بحيث بدا الأمر كما لو كانت المقاومة واقعة علي طرف حماس بينما الاستسلام يجري علي باقي الأطراف الأخري خاصة فتحrlm;.rlm; وكان ذلك ظلما بينا للحقيقةrlm;,rlm; فقد كانت فتح هي التي تحملت العبء الأكبر للكفاح المسلح طوال العقود السابقةrlm;,rlm; وإذا لم تكن هي التي أشعلت الانتفاضة الأوليrlm;_rlm; وليس حماس أيضاrlm;-rlm; فقد كانت هي التي أخذتها وحولتها إلي نتائج سياسية قبل أن تخفت جذوتهاrlm;.rlm; وإذا كان لدي أحد شك في القدرة النضالية لفتح فقد كانت مؤشراته واضحة في الانتفاضة الثانية ويشهد عليه عدد الشهداء والأسري لدي إسرائيل والمواجهة معها خلال غزواتها المتكررة للضفة والقطاع والتي فاقت كل جهود قوي المقاومة الأخري بما في
ها حماسrlm;.rlm;
ومع ذلك فإن حماس صممت علي وصف كل لقاء فلسطينيrlm;-rlm; إسرائيلي علي أنه ليس عملا من أعمال السياسة الضرورية لإدارة عملية معقدةrlm;,rlm; وإنما اعتبرتها دائما ومن خلال دعاية قاسية نوعا من التفريط والفساد وأحيانا الخيانة في الوقت الذي كانت تتحدث فيه عن الوحدة الوطنيةrlm;!.rlm; وبعد وفاة عرفات ظنت حماس أنها يمكنها وراثة القيادة في الحركة الوطنية الفلسطينية فانقلب موقفها من اتفاق أوسلو رأسا علي عقبrlm;,rlm; وباتت علي استعداد للمشاركة في الانتخابات الفلسطينية وهو ما رحبت به القيادة الفلسطينية الجديدة للرئيس محمود عباس علي أساس أنه يعطي حماس الفرصة لتحمل المسئولية الكاملة إذا ما انتخبها الشعب الفلسطينيrlm;.rlm; والحقيقة أنه حدث في فلسطين ما لم يحدث في بلد عربي آخرrlm;,rlm; وهو أن السلطة الحاكمة لفتح عقدت انتخابات نزيهة نجحت فيها حماس وسلمتها السلطة كافة الوزارات الفلسطينية ودعتها إلي تحمل المسئوليةrlm;.rlm; وبدلا من أن تقوم حماس بالمهمة الوطنيةrlm;,rlm; وتتعرف علي تعقيداتها وإشكالياتهاrlm;,rlm; فإنها مرة أخريrlm;,rlm; ومن السلطة هذه المرةrlm;,rlm; عملت علي نزع الشرعية عما بقي من السلطة الوطنية الفلسطينيةrlm;.rlm;
وكانت نقطة البداية هي إنكار ما جري وأن فتح قد سلمت السلطة بالفعلrlm;,rlm; أو ما كان منها موجودا بعد الضربات الإسرائيلية المتلاحقةrlm;;rlm; وأصبحت الكلمة الذائعة علي لسان قيادات حماس أنه مادامت قد نجحت في انتخابات حرة فإن علي الجميع الإذعان لهاrlm;,rlm; فلا باتت مطالبة بالكفاءةrlm;,rlm; ولا باتت مطالبة بالاضطلاع بطرح إستراتيجية للتحرير ولا للتنميةrlm;,rlm; وما بات عليها أمر سوي الشكوي من الحصار الداخلي والخارجي وانقطاع المعونات والمصادرة علي نتائج الانتخابات الفلسطينيةrlm;.rlm; ولم تكن حماس تعرف أن نجاحها في انتخابات حرة لا يعني إطلاقا أن تسلم لها حكومات أخري نجحت في انتخابات أخري حرة أيضا بما يتعارض مع إرادات دافعي الضرائب فيهاrlm;.rlm; كانت حماس تريد أن تتصرف كما كانت في المعارضة دون حساب لنتائج أو أثمان لسياسات لم تقد الشعب الفلسطيني إلا من كارثة إلي أخري كان آخرها ذلك الانقسام الذي جري بين الضفة الغربية وغزةrlm;.rlm; وقد فعلت حماس كل ذلك تحت معادلة لم يسبقها إليها أحد في حركات التحرر الوطني وهي أنه مادامت تمارس المقاومة فإن ذلك يعطيها الرخصة لكي تلطخ شرف كل الحركات الوطنية الأخري مهما يكن نصيبها أكبر في المقاومةrlm;,rlm; والأهم المقاومة الفاعلة القادرة مع الس
ياسة أن تحقق تحريرا للأرضrlm;.rlm;
لقد انتهت عملية نزع الشرعية عن السلطة الفلسطينية إلي وضع مأساوي وفق كل المعاييرrlm;,rlm; وبشكل ما أصبحت غزة رهينة لجماعة تصورت الانتخابات أن تكون وسيلة تستخدم لمرة واحدة من بعدها يصبح الحاصل علي الأغلبية له الحق أن يبقي فوق النقد وفوق الحساب والمساءلةrlm;.rlm; والأخطر أن فكرها كان طبيعيا أن يولد تيارات أكثر تطرفاrlm;,rlm; فلم تعد حماس وحدها هي التي ترفع راية العمل الإسلاميrlm;,rlm; بل خرجت أيضا جماعة الجهاد الإسلامي التي انتزعت حجج حماس السابقة وأممتها لصالحها اعتراضا وانكفاء علي أوسلوrlm;.rlm; وكأن ذلك ليس كافياrlm;,rlm; فقد ظهرت أيضا منظمة جيش الإسلام التي بدورها باتت تكفر الجميع وتطعن في شرعيتهم سواء كانت في شرعية السلطة أو شرعية الديمقراطية أو شرعية كل ما يكفل تحقيق تحرير للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة عليهاrlm;.rlm; علي أي الأحوال لقد انتهي فصل من القضية الفلسطينية وبدأ فصل جديد يقوم علي تحويل الازدواجية الفلسطينية من الازدواجية في بلد واحد إلي ازدواجية في بلدينrlm;,rlm; ومن المؤكد أن حكم التاريخ سوف يكون قاسيا علي من أساء للدنيا ومن أساء للدينrlm;!.rlm;
التعليقات