فلاديمير سادافوي - أوكرانيا نت

نتائج انتخابات جورجيا والاستفتاء الذي ترافق معها حققا ما سعى له حلف الناتو خلال السنوات الماضية، حيث أعلن حوالي 70% من الناخبين عن دعمهم لانضمام جورجيا إلى حلف الناتو، ما يمكن الحلف من فرض حصار على روسيا.

ولابد من القول ان انتخاب ساكاشفيلي لفترة رئاسية ثانية لم يكن هدف الولايات المتحدة من هذه الانتخابات، والتي تركت الأمر للأوساط السياسية الجورجية، في ظل توفر ضمانة واقعية بأن من سيتولى رئاسة الجمهورية القوقازية سيكون من الموالين لواشنطن.
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل بدأت الدول الغربية تكثف من مساعيها الدبلوماسية للتوصل إلى حل في ملف كوسوفو المعلق!

وقد أسفر فشل لقاء حلف laquo;الناتوraquo; وروسيا في تضيق هوة خلافاتهما بشأن الوضع المستقبلي لإقليم كوسوفو، خلال اجتماع بروكسل الذي شارك فيه وزراء خارجية الناتو ووزير الخارجية الروسي ـ وذلك قبيل انتهاء المهلة التي حددتها الأمم المتحدة كموعد أخير للتوصل لاتفاق حول مستقبل الإقليم المضطرب ـ عن تحرك من الجانب الألباني في كوسوفو في اطار الاستعداد لإعلان استقلال في ظل دعم الغرب له.
حيث صادق برلمان إقليم كوسوفو على تشكيل حكومة ائتلافية جديدة برئاسة هاشم تاجي، زعيم الحرب السابق الذي يدعو إلى استقلال الإقليم عن صربيا.
وقد حصل مقترح الائتلاف الذي شكله الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه تاجي (الذي انبثق عن جيش تحرير كوسوفو) مع حزب عصبة الديمقراطيين في كوسوفو على أكثر من 80% من أصوات النواب. ولم يخف أنصار استقلال كوسوفو أن الإجراءات التي ستتخذها حكومتهم عقب إعلان الاستقلال ستكون مرتبطة بما تقرره الولايات المتحدة وأوروبا.
وقد أعلن قادة الجناح الانفصالي أنهم سيعلنون الاستقلال من جانب واحد إذا انتهت المهلة الدولية دون التوصل إلى اتفاق. ما آثار قلق المجتمع الدولي من إمكانية اشتعال الحرب مرة أخرى، خاصة أن الكسندر سيميتش مساعد رئيس الوزراء الصربي لم يستبعد أن تكون الحرب laquo;أداة قانونيةraquo; لحل مسألة كوسوفو إذا فشلت الطرق الأخرى.
وقد أعلن المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الروسية المكلف بملف البلقان الكسندر بوتسان خارتشينكو أن روسيا لن تسمح بتمرير أي قرار عبر مجلس الأمن الدولي يخص الوضع النهائي لكوسوفو إلى أن يتوصل طرفا النزاع إلى حل وسط مقبول.

وقال: laquo;لن نقبل إلا بحل وسط تعترف به كل من بلغراد وبريشتيناraquo;. مشيراً إلى أنه لا يوجد قرار جاهز حول وضع كوسوفو حتى الآن. وحول مناقشة تقرير بعثة الأمم المتحدة لشؤون الإدارة المؤقتة في كوسوفو في مجلس الأمن، كان الكسندر ياكوفينكو نائب وزير الخارجية الروسي قد حذر في وقت سابق من إعلان استقلال كوسوفو من جانب واحد.
ويعتبر موقف أوكرانيا هو الأكثر تأثيراً بالنسبة لكل من الناتو وروسيا، ليس فقط لأنه يحكم الحصار العسكري الغربي حول روسيا، وإنما لأنه يعني انقلاب الحليف القومي لروسيا عليها. ومما لاشك فيه أن مسألة الانضمام لحلف الناتو أحد ابرز قضايا الخلاف بين المعارضة الأوكرانية والحكومة البرتقالية، خاصة بعد تصريحات الرئيس يوشينكو التي دعا فيها الاتحاد الأوروبي وحلف (الناتو) لدعم عضوية بلاده فيهما.
وقد طلب زعيم الثورة البرتقالية المدعومة من الغرب من شركاء أوكرانيا الأوروبيين تقديم المساعدة لتأهيل ودعم وتفعيل خطة انضمام أوكرانيا إلى الناتو والاتحاد الأوروبي. وتتوقع الأوساط السياسية الأوكرانية أن يتم البت في طلب يوشينكو خلال اجتماع دول الحلف بالعاصمة الرومانية بوخارست في أبريل المقبل.
ويصعب القول ان الناتو سيكون قادراً على تحقيق ما يريد، خاصة أن أحداث القرم التي وقعت منذ عام ونصف، عندما دخلت بارجة أميركية ميناء laquo;فيدوسياraquo; الأوكراني في اطار اعداد الموقع للمناورات المشتركة بين أوكرانيا والناتو.
وقد أسفرت تحركات سكان القرم الاحتجاجية والتي استمرت لعدة أسابيع لتراجع السلطات عن أجراء هذه المناورات وخروج السفينة الأميركية من المياه الإقليمية الأوكرانية. لاشك أن هذه الأحداث تكشف عن أن دخول انتشار قوات الناتو في أوكرانيا لن يكون أمراً سهلاً، وربما صعب التحقيق.
إلا أن هذا لا يعني فشل الناتو في إزاحة روسيا وتحجيم نفوذها، فقد أعلن وزير الخارجية الأوكراني عن ضرورة الإسراع ببدء مباحثات الخاصة بسحب للأسطول الروسي من الأراضي الأوكرانية عقب انتهاء الاتفاقية الموقعة عام 2017.
وقد سارعت موسكو لإيجاد حلول، كان أكثرها واقعية هو بناء قاعدة في المياه الإقليمية الروسية على البحر الأسود، حيث خصصت ميزانية تقدر بحوالي 15 مليار دولار لبناء قاعدة للأسطول الروسي في ميناء نوفورسيسك، ما يعني أن روسيا لن تضطر لمغادرة البحر الأسود وإنما ستبقى وستفرض سيطرتها على مياه البحر من أراضيها.
وتنوي روسيا بناء ثلاثة مطارات جديدة في المناطق المطلة على البحر الأسود، إضافة لتحديث ثلاثة موانئ في هذه المناطق، وذلك في إطار دعم نفوذها في صراع الدولي، ما قد يتبعه أن تنشر قوات الناتو قطعها البحرية في المياه الإقليمية الأوكرانية لتصبح المواجهة مباشرة بين الناتو وروسيا.
ولا تحاول موسكو التصدي لمخططات الغرب بفرض حصار عسكري على حدودها عبر التدخل في شؤون الدول المجاورة، بل انها تعاملت مع استفتاء جورجيا بحيادية، ومع رغبات الناخب في أوكرانيا أيضا باحترام، ولم تحاول فرض توجهاتها عليها.
واختارت موسكو المواجهة من خلال إعادة نشر قواتها على أراضيها وتجهيزها بأسلحة ومعدات حديثة قادرة على إفشال مخططات الناتو.
حيث تم إنتاج الغواصة الصاروخية الاستراتيجية laquo;يوري دولغوروكيraquo; المجهزة بمنظومة laquo;بولافاraquo; الصاروخية، والتي تعتبر من أحدث المنظومات الصاروخية، وستلتحق هذه الغواصة في عام 2008 بالقوى البحرية النووية الاستراتيجية الروسية، ولم يقتصر الأمر على تطوير تجهيزات القوات الروسية.
وإنما بدأت القوات الجوية بتنفيذ طلعات جوية دورية في اطار حماية الحدود الروسية، ما آثار الغرب ودفع قيادة الناتو إلى إصدار أوامر بمتابعة القاذفات الروسية التي تحلق قرب أجواء دول الحلف وإرسال طائرات اعتراضية.

ان التطورات الجارية في سياق مساعي الناتو لتوسيع نفوذه بدأت تشكل تهديداً حقيقاً للأمن الدولي، ليس لأنها تدفع روسيا للتحرك عسكرياً لحماية أمنها، وإنما لأنه لا يوجد مبرر لهذه التحركات سوى فرض حصار على روسيا وتفجير علاقاتها مع الدول المجاورة، ما يوفر للناتو مبرراً لوجوده كمنظمة عسكرية تأسست لمواجهة موسكو منذ منتصف القرن الماضي.