غزة ـ ماهر إبراهيم

أكد اقتصاديون وحقوقيون وفعاليات مجتمعية أن الحصار والإغلاق الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية وما نجم عنهما من خسائر فادحة بالاقتصاد الفلسطيني، ضاعف من معاناة المواطن الفلسطيني. جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمتها جمعية مركز التنمية والدراسات العمالية بقطاع غزة في قاعة جمعية الهلال الأحمر بغزة بمشاركة حشد واسع من العمال والمواطنين.

حيث أشار د. فاروق دواس رئيس جمعية مركز التنمية والدراسات العمالية بغزة إلى أن سياسة الحصار قديمة وجديدة في آن واحد منذ توقيع اتفاق أوسلو إلى الوقت الحالي. موضحاً أن قوات الاحتلال فرضت إجراءات مشددة من حصار وعقوبات وإعاقة لحركة البضائع والنقل مشدداً أن قدوم السلطة الفلسطينية إلى الأراضي الفلسطينية لم تحد من مشكلة البطالة والفقر، وان كان هناك تحسن جزئي في عام 1996.

وأوضح دواس أن خسائر الاقتصاد الفلسطيني بلغت 814 مليار دولار خلال عام 2000 ـ 2005 جراء الحصار، وانه بين 2003 ـ 2005 خلال ما سمي بالإصلاحات المالية والإدارية تم حدوث تحسن جزئي، ومن 2006 ـ 2007 ازدادت أحكام الإغلاق والعقوبات إضافة إلى ارتفاع نسب البطالة إلى حوالي 40%، والفقر إلى 66 ـ 70% ما زاد من عجز الموازنة عن الناتج المحلي إلى ما يزيد على 29%.

وأضاف أن كل القطاعات الصناعية والزراعية والخدماتية والتجارية والمالية والنقدية تأثرت ما أدى إلى تعطيل عدد من المشاريع، بخسائر تزيد على 370 مليار دولار، مشيراً إلى أن القطاع الخاص تكبد أضراراً بالغة،

موضحاً أن هذا القطاع يوفر 53% من فرص العمل لقوة العمل، والقطاع الصناعي أدى إلى فقدان 67 ألف عامل مصدر رزقهم، وقطاع البناء تعطل بشكل كامل، وضربت قطاع الزراعة خسائر باهظة والذي كان يوفر فرص عمل لأكثر من 40 ألف عامل، ومصانع النسيج أغلقت بالكامل، وأغلق 30% من المحلات التجارية أبوابها،

مضيفاً إلى أن عدد العاطلين عن العمل ارتفع من 88 ألف عامل إلى قرابة 160 ألف عامل. وفي سياق متصل أشار إلى اتفاق أوسلو وما تلاه من مؤتمرات اقتصادية، ومؤتمر باريس الاقتصادي الذي تلا أنابوليس موضحاً أن الخسائر المباشرة من عام 2000 ـ 2005 بلغت 4. 8 مليارات دولار تفوق كل المساعدات المقدمة للفلسطينيين منذ عام 94.

مشددا على أن فك الحصار يكون عبر إنهاء الانقلاب وإزالة الحواجز في الضفة الغربية (500 ـ 550 حاجزا ثابتا، و400 متحرك)، والتقدم في مسار مفاوضات التسوية. وتابع قوله laquo;لسد العجز في ميزانية السنوات الثلاث القادمة نحتاج إلى 70% من الميزانية، إضافة إلى 30 لتغطية مشاريع إنمائيةraquo;.

ومن جهته أشار د. معين رجب أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر إلى أن الحصار الاقتصادي على الأراضي الفلسطينية كان مبرمجاً من قبل إسرائيل عقب قيام السلطة الفلسطينية في عام 1995 وممارسة صلاحياتها في الأراضي الفلسطينية.

وتحدث عن الإغلاقات في المعابر الفلسطينية خلال العام 2007 ، حيث إن معبر رفح البري اغلق لمدة 308 أيام، ومعبر صوفا لمدة 121 يوما إغلاقا كليا، و21 يوما إغلاقا جزئيا، معبر نحال العوز لمدة 92 يوما.

وأوضح أن الحصار الإسرائيلي لم يقتصر على حركة البضائع بل شمل حركة نقل الأموال والعمال والمسافرين ورجال الأعمال، مشيراً إلى أن هذا الحصار يتعارض مع الحقوق الإنسانية التي كفلتها المواثيق الدولية سواء فيما يتعلق باتفاقية جنيف الرابعة أو ميثاق حقوق الإنسان العالمي.

وشدد رجب على أن الآثار الاقتصادية للحصار الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية نتج عنها توقف الأنشطة الإنتاجية السلعية في غالبية المنشآت، إضافة إلى زيادة عدد العاطلين عن العمل والمعتمدين على المعونات الغذائية،

والنقص الكبير في حجم السلع والمستلزمات الإنتاجية التي يحتاج لها السوق الفلسطيني، والخسارة الكبيرة في العناصر البشرية بسبب الارتفاع المستمر في الوفيات من المرضى، وتفكير عدد كبير من العاطلين عن العمل بالهجرة الخارجية، إضافة إلى الهجرة العكسية لرؤوس الأموال والاستثمارات، وزيادة الفجوة بين الفقراء والأغنياء في المجتمع الفلسطيني.

كما أوضح رجب أن استثمار مؤتمر باريس الاقتصادي لدعم خطة التنمية والإصلاح الفلسطينية وتحويله إلى مردود ايجابي يحتاج إلى دور جدي تقوم به السلطة الفلسطينية بدءا بتوحيد أطراف الصراع وتكثيف الجهود نحو استراتيجية تتناسب مع المرحلة حتى تساعد هذه الخطوة في دعم المسار السياسي للقضية الفلسطينية،

مشددا على سبل مواجهة الحصار الاقتصادي المفروض على شعبنا عبر الحفاظ على الوحدة الوطنية والقيام بكل الجهود للتغلب على العقبات والمعوقات التي تعرقل الجهود الرامية نحو إيجاد الحل العادل للثوابت الوطنية واتباع الأساليب التي تحول المجتمع الفلسطيني من حالة الضياع والاستسلام إلى حالة الاستعداد والهجوم للتغلب على المحن التي يعيشها المجتمع الفلسطيني.

وبدوره أشار خليل شاهين الباحث في حقوق الإنسان إلى أن الحصار المفروض يشكل انتقاصاً واضحاً لكرامة الإنسان واحترام حقوقه، وان سياسة الحصار الممنهجة والمتبعة من قبل الاحتلال الإسرائيلي أخذت ابعادا أكثر منها اقتصادية واجتماعية،

وان كانت قد حولت قطاع غزة إلى مقبرة جماعية. وأوضح أن أبشع صورة للحصار تتجسد في عدم قدرة المرضى من السفر إلى الخارج للعلاج، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع عدد الوفيات يوماً بعد يوم. وهذه أكبر جريمة نعانيها.