إيان بريمر - لوس أنجلوس تايمز

مرة أخرى تتعامل واشنطن بشكل صحيح مع التكتيكات العسكرية في العراق وبشكل خاطئ مع سياسات ذلك البلد. فقد حققت الزيادة في عدد القوات الأميركية أهدافا عسكرية مهمة. وقد تحقق هذه الزيادة أهدافا أكبر. غير أن الهدف الأكبر لتلك الزيادة كان يتمثل في تمكين القادة العراقيين المنتخبين من التوصل إلى تسويات سياسية بغية تأمين استقرار على المدى الطويل. غير أن هذا الهدف يظل بعيد المنال.
لقد منحت النجاحات الأخيرة التي تحققت في العراق إدارة بوش مهلة جديدة لالتقاط الأنفاس في الداخل حيث أضحى الأمر أكثر سهولة على البيت الأبيض كي يرفض أي دعوات انتخابية لأي سحب كبير للقوات على المدى القصير.
غير أنه على الرغم مما تبذله من جهد كبير فإن القوات الأميركية لا تستطيع فرض تسوية للمشكلات السياسية في العراق. فرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يظل أسير الفساد وعدم الكفاءة والشرذمة التي يعانيها التحالف العراقي الذي يقوده الشيعة. فقد فشل في ضم عدد كاف من السنة إلى الحكومة العراقية كي يهدئ مخاوفهم من سيطرة الشيعة على مقاليد البلاد.

إن فشل الشيعة والسنة في التوصل إلى اتفاق حول توزيع إيرادات النفط أو إيجاد تسوية حول استبعاد آلاف من الأعضاء السابقين في حزب البعث العراقي من الوظائف الحكومية-هذا الفشل تسبب في تقويض أي أمل في التوصل إلى مصالحة طائفية.

كما أن الزيادة في عدد القوات كانت تهدف إلى تقويض جيش المهدي وقائده مقتدى الصدر الذي قرر التزام الهدوء خشية الدخول في مواجهة محفوفة بالمخاطر مع القوات الأميركية. غير أنه على الرغم من تجنبه الدخول في صراع مباشر مع أميركا، إلا أن الصدر وجيشه سيظلان قوة في السياسة العراقية ستظهر بعد أن تغادر القوات الأميركية.
ثم هناك التهديدات الأمنية التي لم تكن أبدا ضمن أهداف الزيادة في عدد القوات. ففي الوقت الذي تنسحب فيه القوات البريطانية والأسترالية من محافظة البصرة، لن تكون هناك قوات أميركية كافية لمنع أي اقتتال داخلي بين الشيعة على الثروة النفطية في المنطقة.

فالبصرة تحتوي على الموانئ الوحيدة الموجودة في العراق. ومن ثم فإن تحقيق الاستقرار هناك أمر حيوي لتأمين أغلبية صادرات العراق التي بدورها تؤمن 85% من ميزانية الحكومة المركزية العراقية في 2008.

بل وحتى التحسينات الأمنية الحاصلة على طول خط الأنابيب قد يتبين أنها مؤقتة. وستعتمد بشكل كلي على استعداد قادة القبائل السنة وميليشياتها للقتال مع القوات الأميركية. وهنا يأتي دور الأكراد.
فمن أجل كسب تأييد الأكراد للدستور العراقي الجديد في 2005، تمت إضافة فقرة للوثيقة تسمح لسكان منطقة كركوك الغنية بالنفط بإجراء استفتاء حول ما إذا كانت المدينة ستخضع للحكومة في بغداد أم ستتبع القضاء الكردي. وبالطبع فإن أي تصويت سيمنح السيطرة على المدينة للأكراد لأن سكان كركوك الحاليين من الأكراد.
غير أن أكبر مشكلة متعلقة بالزيادة في عدد القوات تتمثل في أن هذه الزيادة لا يمكن أن تكون دائمة. فالقوات الأميركية سترحل في نهاية المطاف عن العراق. والشيعة والسنة والأكراد يعرفون ذلك. وكذلك نوري المالكي ومقتدى الصدر.
وأيضا إيران. ولهذا السبب فإن النجاحات العسكرية الأميركية الأخيرة لا يمكن أن تحقق نتائج تدوم للأبد، وقد يفسر هذا الأمر عدم إرسال الحكومة العراقية أي مندوب لها لحضور مباحثات أنابوليس بين الفلسطينيين والإسرائيليين. فالمالكي يعلم أن علاقات حكومته بطهران أهم من علاقتها بواشنطن فيما يتعلق بأمن البلاد على المستوى البعيد.

النجاحات العسكرية الأميركية الأخيرة في العراق هي نجاحات حقيقية. غير أن فشل العراقيين في التوصل إلى تسوية سياسية هو الجانب الأهم في المسألة. ولهذا السبب فإن العراق الآن وبعد الزيادة في عدد القوات ليس أكثر قربا من تحقيق استقرار سياسي منه قبل هذه الزيادة.