حسام كنفاني

ldquo;إذا ما كبرت ما بتصغرrdquo;، هذه الجملة يرددها الكثير من اللبنانيين، ولا سيما أنصار طرفي الصراع على السلطة. فلكل منهما وجهة نظره الخاصة القائمة على امتلاكه وسائل الحسم أو أن إيصال الأزمة إلى ldquo;الكبرrdquo; كفيل بفتح أبواب الحل.

لكن هل هذا المفهوم صحيح؟ وهل يدرك هؤلاء كيف يمكن أن تكبر الأزمة وإلى اي مدى قد تصغر؟ الإجابة على هذين السؤالين هي بالتأكيد ldquo;كلاrdquo;، إذ إن الجميع يراهن على سيناريو الحرب اللبنانية السابقة وتداعياتها إقليمياً ودولياً وداخلياً.

وبالاستناد إلى هذا السيناريو، يظنّ المراهنون أن مرحلة من الصراع المسلّح لا بد ان تمر على البلاد قبل إيصاله إلى ldquo;بر الأمانrdquo;، سواء بمفهوم 14 آذار أو 8 آذار، وأن مثل هذا العمل المسلّح كفيل بترجيح كفة فريق على الآخر في نهاية المطاف أو الخروج بصيغة الحد الأدنى من الخسائر.

تجربة الحرب اللبنانية، وخلال أكثر من 15 عاماً من القتال الدامي، تعزّز هاتين النظريتين، على اعتبار أن الصيغة المبهمة لنهاية الحرب ولاتفاق الطائف رجّحت بشكل غير مباشر كفة رئاسة الحكومة (السنية) على رئاسة الجمهورية (المارونية) عبر اقتطاع صلاحيات من الأخير إلى الأول مع تعزيز موقع رئاسة مجلس النواب (الشيعية).

غير أن صيغة ldquo;تكبيرrdquo; الأزمة حالياً لا تتفق مع ما كان عليه الوضع قبل 18 عاماً، ولا سيما أن المعطيات الدولية والإقليمية التي رافقت الصيغة المبطّنة للغالب والمغلوب في اتفاق الطائف غير متوفرة حالياً، إذ ليس هناك كفة دولية أو إقليمية قادرة اليوم على ترجيح أي من موقفي الطرفين المتخاصمين رغم ldquo;شدّ الحبالrdquo; العنيف إقليمياً ودولياً.

أضف إلى ذلك أن الأطراف اللبنانية اعتبرت من حربها الأهلية الأولى، وهي تسخّر هذه العبر في الإعداد لحربها الأهلية الثانية، في حال اندلاعها. فرغم الاستعدادات الميدانية الكثيرة لدى الأطراف على الساحة، إلا أن لا أحد من منظري الحروب يعتبر أن الحرب قد تطول أكثر من شهر او اثنين. فلا حاجة لمعارك عنيفة طالما أن التقسيمات الإدارية والطائفية واضحة على الأرض، وبالتالي فإن كل طرف قد يكتفي بما لديه في المرحلة الحالية، لتتحوّل الساحة اللبنانية رسمياً إلى جزر أمنية وطائفية خاضعة لإدارة محلية أو حكم ذاتي.

مثل هذا السيناريو، وهو المرجح لدى أوساط متابعة لاحتمالات اندلاع حرب أهلية، يؤكّد انها ldquo;إذا كبرتrdquo; سيصغر لبنان ومعه أبناؤه، الذين لن يكونوا إلا رعايا طائفيين في أحياء مغلقة. سيناريو سوداوي لكنه محتمل.