سعد محيو

ثمة نكتة سنوية تطلقها الرأسمالية العالمية كل عام اسمها مؤتمر دافوس.

مضمون النكتة: قباطنة النظام العالمي من أصحاب المليارات، ومديرو الشركات متعددة الجنسيات التي يوزاي دخل كل منها ثروات 20 أو 30 دولة مجتمعة، وكبار المصرفيين العالميين، ومعهم ldquo;أتباعهمrdquo; من رجال السياسة والإدارة وكبار الموظفين الرسميين، يلتقون كل سنة في هذا المنتجع السويسري فاحش الشراء والغلاء للبحث في طلي وجه العولمة المتوحشة العابس بقناع إنساني باسم.

الشعار الرئيسي في هذا المؤتمر هذا العام وكل عام، هو: كيف يجب على السوبر الأغنياء في العالم، والذين لا يتجاوز عددهم حفنة من بضعة آلاف شخص، أن يخففوا عن الفقراء بلاويهم؛ وكيف يمكن للفقراء الذين يتجاوز عددهم أربعة مليارات أن يفيدوا مما ldquo;يرشحrdquo; (trickles) من ثروات الأغنياء.

وهكذا، وخلال الأيام القليلة التي يمضيها القباطنة في دافوس، تختفي استراتيجيات منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي (وأيضاً البنتاغون الامريكي) لحمل دول العالم على الخصخصة وتحرير التجارة والاندماج في السوق العالمي، تنفيذاً لتعليمات ldquo;اجماع واشنطنrdquo;، وتحل مكانها صور الجمعيات الخيرية، والتبرعات السخية، والاهتمامات الانسانية، خاصة للمصرفيين العالميين.

بيد ان هذه النكتة لا تبقى طويلاً نكتة. إنها تنقلب إلى دراما سوداء حين تظهر في دافوس وجوه مثل هنري كيسينجر، وزبغنيو بريجنسكي، وروبرت ميردوخ، وتوني بلير، وجورج سوروس، وآل روتشيلد (الممولون الرئيسيون للمؤتمر)، والذين يبشرون آناء الليل واطراف النهار بعالم مشطوب منه مليارا إنسان في العالم الثالث عبر الحروب الداخلية والخارجية، وموجات الأوبئة المفاجئة، والانتحارات الجماعية بسبب الفقر أو المجاعة أو الأمراض.

هذه الدراما تشكل في الواقع جدول الأعمال الحقيقي لمؤتمري دافوس. جدول الأعمال السري بكلمات أدق. إذ إن منتدى دافوس في النهاية ليس سوى حلقة من سلسلة تضم 12 منظمة سرية تدير العالم في الخفاء، في كل المجالات الاقتصادية والاستراتيجية والعسكرية، وبالطبع السياسية. على رأس هذه المنظمات المؤسسة الملكية البريطانية للعلاقات الدولية، ومجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، والبيلدربيرغرز، واللجنة الثلاثية، ونادي روما، وrdquo;المستنيرينrdquo; (الأيلومينتايrdquo;) والجمجمة والعظام، وفرسان مالطا (الذين ينتمي إليهم البابا الحالي) والدوائر الداخلية للحركة الماسونية.

هؤلاء جميعاً هم الrdquo;همrdquo; الذين يملكون غالبية موارد كوكب الأرض، والذين يتلاعبون بأسهمه وعملاته، ويسيطرون على أسعاره، ويتجنبون دفع ضرائبه. كما أنهم ldquo;همrdquo; الذين يحتكرون الطاقة العالمية، والطب، والتسلح، والصناعة والتكنولوجيا، وبالتأكيد أجهزة الاعلام والترفيه العالمية.

في العام ،1909 كتب الصناعي الألماني وولتر راثينو: ldquo;هناك 300 رجل، كلهم يعرف بعضهم بعضاً، يوجهون سراً الاقتصادات والسياسات العالميةrdquo;. وبعده كان جوزف كينيدي، والد الرئيس جون كينيدي، يقول: ldquo;50 شخصاً يديرون أمريكا، وهذا رقم كبيرrdquo;!. الرئيس دوايت أيزنهاور تساءل: ldquo;نعرف أن المجمع الصناعي العسكري قوي، لكن لا أحد يعرف من ldquo;همrdquo; الأقوياء الذين يسيطرون عليهrdquo;.

من هم هؤلاء الrdquo;همrdquo;؟

إنهم الوجه الحقيقي الذي يختفي وراء الوجه المزّيف في دافوس. إنهم الدراما المختفية في تضاعيف النكتة السنوية التي تجري في هذا المنتجع السويسري. ldquo;همrdquo; خطرون جداً لأنهم سرّيون. وrdquo;همrdquo; سرّيون جداً لأنهم خطرون. وحين تتقاطع السرية مع الخطورة، لا بد ان تكون المؤامرة ثالثهما!