أمنون ليفي - يديعوت أحرونوت

قبل لحظة من قول اللجنة كلمتها، أريد قول كلمة: ليسوا quot;همquot; المذنبون، أي الحكومة. بل نحن. ليسوا quot;همquot; فقط، أي وسائل الإعلام، بل غالبية الجمهور في هذه البلاد. من الواضح أن الحكومة مذنبة. ليس ثمة حاجة الى فينوغراد لهذه الغاية. من الواضح أن وسائل الإعلام فشلت، وقفت مثل كلب حراسة متحمس وهزت بذيلها، لكن الحقيقة التي لا تُحتمل هي أن هذا الشعب أراد هذه الحرب.
لذلك، الجمهور كله ملزم بتحمل المسؤولية. وهو ملزم باستخراج العبرة. فالأمر ليس مجرد مشكلة إدارة فاشلة. فلو أحضرنا الف مدير مخضرم لما أداروا هذه الكارثة بشكل أفضل. المشكلة كانت وما زالت في التصور. في الفكرة الرئيسية التي وقفت خلف الحرب. وثمة أمر مشابه جدا يحصل معنا الآن في غزة. بعد عامين، عندما تقوم لجنة تحقيق بسبب أفعالنا هناك، لا تقولوا لم نعرف.
في 12 تموز قبل سنة ونصف، وقفت إسرائيل أمام مشكلة مماثلة. حزب الله تحدانا، قتل جنودنا وأسر اثنين منهم. وكما يحصل في رد الفعل المشروط، وبعد جلسة حكومية قصيرة جدا، سارعت الحكومة للرد بحملة عسكرية. لكن ما الداعي لهذه الحملة؟ وبحسب التقليد تحدث الزعماء بلغة مزدوجة: فهم أعلنوا رسمياً أنها ترمي الى إعادة الجنود الى الديار. وفي القنوات غير الرسمية قالوا إن الحملة تهدف الى تصفية حزب الله لمرة واحدة وإلى الأبد.
ها هي خارطة لبنان أمامكم على الجدار. آلاف الكيلومترات المربعة، جبال وسهول، قرى وبلدات، أُخفي فيها الجنديان الأسيران، إضافة الى بضعة مئات من جنود حزب الله. كانت مهمة الجيش الإسرائيلي العثور عليهم. أين المنطق الكامن في هكذا حملة؟ ففي ظل غياب المعلومات الاستخبارية، كيف يمكن العثور على الجنود الأسرى في هذه البلاد الملعونة؟ ومن دون تحديد دقيق لمكانهم، كيف يمكن المس بجنود حزب الله، الذين يعرفون جيداً تلك الأرض أفضل منا بكثير؟
لكن ما العمل؟ دولة بأكملها انجرت نحو فانتازيا منفلتة العقال مطالبة برؤية الدماء. وعندما يريد الشعب الدماء، تعطيه الحكومة ما يريده. وهكذا حصل. عمليات قصف مكثفة على السكان المدنيين. ضرب البنى التحتية. قتل أناس أبرياء ولا تربطهم أي صلة بقضية الأسر أو بحزب الله. كلنا رأينا ماذا نفعل، لهم ولنا، ومع ذلك طلبنا بالمزيد والمزيد. الدولة بأسرها انجرت وراء عملية قاتلة. المنطق الذي ميّز تلك الأيام كان منطق العنف والقسوة الذي لا رحمة فيه: كيف نحطم صورتهم، كيف نضربهم. كيف نقطع رأس نصرالله. هكذت تحدث كثيرون. ومن المحتمل أنكم أنتم أيضا الذين تقرأون هذه السطور، تحدثتم بهذه اللغة.
عندما نخرج في مهمة وحشية، تكون النتيجة حبلى بالكارثة. ليس ثمة حاجة الى فينوغراد لمعرفة ذلك.
لماذا خرجنا الى هذه الحرب رغم ذلك؟ لأن القوة في إسرائيل لا تزال الخيار الحتمي في كل أزمة أمنية. صحيح أنه كانت لنا لحظات من الصحوة في السنين الأخيرة، لكننا لا نزال نتمتع بالقوة والثقة المطلقة بأن الحق كله معنا.
في 12 تموز قبل سنة ونصف وقفنا أمام مشكلة. الحقيقة؟ وعلى الرغم من المسافة الزمنية الفاصلة فإنني لا أعرف بالضبط كيف كان يمكن حلها؟ السؤال هو كيف تتصرف عندما لا يتوفر لديك جواب للمشكلة المؤلمة؟ هل يجب علينا أن نقوم بفعل ما فقط لمجرد الفعل؟ هل حقيقة أنه لا يوجد جواب، تُلزم العمل بكل ثمن، حتى لو كان الثمن الانتحار؟
حرب لبنان الثانية كانت حملة انتحار جماعية. الحكومة قادتها، وسائل الإعلام منحتها التأييد الواسع، لكن الجمهور بأغلبيته الحاسمة طلب هذا الدم. حتى اننا لم نجرب الخطوة السياسية. وحتى اننا لم ننتظر اسبوعا للدرس والتفكير، للفحص، للتشاور، لممارسة الضغط الدولي، لفحص القنوات الديبلوماسية السرية، لتنظيم الدعم العالمي. كل هذه الأمور لم تناسبنا. أخذنا البندقية، وأطلقنا النار. حتى اننا أطلقنا النار على أنفسنا.
قبل لحظة من قول اللجنة لكلمتها عن القيادة، أريد أن أُذكر كل من يقرأ هذه السطور أن من شبه المؤكد أنه هو أيضا كان له نصيب في هذا العمى. أنا آمل جدا أن تلقي اللجنة الى مقبرة التاريخ مجموعة الزعماء الذين قادوا هذه الخطوة، لكننا جميعا، ماذا سنفعل؟ ماذا سنتعلم من هذه الحرب؟ متى سنتعلم؟