عبدالله اسكندر

يتوجه غداً أكثر من 80 مليون ناخب باكستاني الى صناديق الاقتراع لاختيار 342 عضوا في الجمعية الوطنية (البرلمان) والمجالس الاقليمية، في ظل حراسة نحو 80 ألف جندي للسهر على الأمن، خصوصاً في المناطق الحساسة والملتهبة.

وعلى عكس غالبية من الباكستانيين اعلنت سلفاً عزوفها عن الاقتراع لقناعتها بأن شيئا لن يتغير في الداخل، تحظى هذه الانتخابات باهتمام شديد في العالم، نظراً الى ما يمكن ان تتركه من مفاعيل على الموقع السياسي لباكستان، لجهة الاستقرار الداخلي واستيلاء الاسلاميين المتشددين على السلطة وأمن السلاح النووي او لجهة الحرب على الارهاب وتبعاتها في الداخل والجوار.

وفي ظل التشكيك بالشرعية الدستورية لاستمرار الرئيس برويز مشرف على رأس السلطة، حتى في اللباس المدني، بُذلت مساع، خصوصا من الولايات المتحدة، من اجل إعادة الاعتبار للسلطة المركزية بتوفير غطاء ديموقراطي عبر تقاسم للسلطة مع حزب الشعب وزعيمته بينظير بوتو. لكن هذا السيناريو سقط مع اغتيال بوتو في نهاية كانون الاول (ديسمبر) الماضي، ليواجه مشرف سيلا جديدا من الانتقادات والتشكيك.

واستفاد الرئيس الباكستاني، من فترة تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في نهاية العام الماضي، من اجل القيام بحملة ديبلوماسية وتحقيق بعض الانجازات الامنية. وكانت رسالته، خلال جولته الاوروبية التي انهاها بحضور المنتدى الاقتصادي في دافوس، تركز على أهمية الاستقرار الداخلي والتنمية الاقتصادية. لكنه في الوقت نفسه سعى الى إعطاء ضمانات لمحادثيه الاوروبيين والاميركيين، تتعلق بقدرة الجيش الباكستاني على ضمان أمن السلاح النووي ومعالجة بؤر التوتر في المناطق التي يسيطر عليها الاسلاميون المتشددون المتحالفون مع laquo;طالبانraquo; و laquo;القاعدةraquo;، خصوصا في المناطق القبلية والحدودية مع افغانستان.

وفي الاسبوع الذي سبق الاقتراع، سجل مشرف نقاطاً لمصلحته، اهمها تأكيد النظرية الحكومية عن كيفية اغتيال بوتو، بما يعيد الصدقية الى الاجهزة الباكستانية التي تعرضت لحملة تشكيك واسعة. ومن جهة اخرى تحقيق نجاحات ميدانية في وزيرستان جعلت زعيم laquo;طالبان - باكستانraquo; بيت الله محسود يطلب الهدنة مع الجيش، وذلك بعد القبض على القائد laquo;الطالبانيraquo; الافغاني منصور دادالله، بعد معركة عسكرية.

اي ان مشرف سعى الى إظهار انه ما زال الطرف الثاني، والذي لا غنى عنه، في اي صيغة جديدة لتقاسم السلطة مع المدنيين، بعد غياب بوتو التي ورثها في زعامة حزب الشعب زوجها آصف علي زرداري. ليصبح جوهر الانتخابات غداً إظهار الطرف الثاني في المعادلة.

وربما هنا، تتعقد أكثر مهمة مشرف. إذ ينحصر خيار شريك آخر بين حزب الشعب وبين الرابطة الاسلامية جناح رئيس الوزراء السابق نواز شريف.

زرداري لم يستبعد إمكان التحالف مع مشرف لتشكيل حكومة ائتلافية، وتوفير التغطية المطلوبة للشريك. هذا في حال حقق نصرا انتخابيا كبيرا. لكن حزب الشعب، ورغم حملة التعاطف معه اثر اغتيال بوتو، يشكو من زعامة مطعون فيها، نظرا الى الحكم بالسجن على زرداري لادانته بالفساد واستغلال النفوذ في ظل حكم زوجته. وهو حكم صدر في ظل سلطة شريف. من جهة أخرى، قد لا يستطيع الحزب ان يسجل اختراقات انتخابية ذات شأن خارج اقليم السند، منطقة نفوذه التقليدي، والذي لا يتمثل سوى بـ61 نائبا.

اما شريف الذي أطاحه مشرف بانقلاب عسكري، فإن حملته تركزت على إخراج الرئيس من السلطة وان التساهل الوحيد الذي يبديه في هذا الصدد توفير مخرج laquo;آمنraquo; له. ونظراً الى ما بين الرجلين، من المستبعد ان تتشكل شراكة بينهما. لكن شريف سيكون له دور كبير في توجيه طبيعة الشراكة، مستنداً الى ما يوفره له معقله البنجاب من قدر تمثيل في البرلمان (148 نائبا).

وتتحدث الصحافة الباكستانية عن احتمال قلب المعادلة التي يسعى اليها مشرف، عبر تحالف بين زرداري وشريف، وهو تحالف قطعت المحادثات في سبيله شوطا. وستحدد نتائج الانتخابات طبيعة التحالف، وتحوله الى ائتلاف حكومي في مواجهة مشرف او اقتصاره على دعم من الخارج يوفره شريف لحكومة يشكلها زرداري، في انتظار توافر ظروف افضل للإطباق على مشرف.