بلغراد تحيل قادة الإقليم على القضاء وإجماع أوروبي على التخوف من عنف
سكوبيا، بروكسيل - جميل روفائيل، نور الدين الفريضي
عكس السجال حول الاعتراف بـ laquo;دولة كوسوفوraquo;، انقسام العالم الى معسكرين. وطاول الانقسام الاتحاد الأوروبي الذي فشل وزراء خارجيته خلال اجتماعهم في بروكسيل أمس، في الاتفاق على موقف موحد من الخطوة، لكنهم اجمعوا على التنديد بأعمال عنف استهدفت بعثات أوروبية في صربيا وكوسوفو، في إطار الاحتجاجات على إعلان قادة كوسوفو الاستقلال.
وسارع الرئيس جورج بوش الى الترحيب بـ laquo;استقلال شعب كوسوفوraquo;، كما أعلنت بريطانيا وفرنسا وإيطاليا عزمها على الاعتراف بالدولة الجديدة. في المقابل، نشأ تحالف معارض لهذه الخطوة، امتد من روسيا الى قبرص وصولاً الى إيران والصين.
وتوقعت مصادر الاتحاد ان تمتنع 19 من دوله عن الاعتراف باستقلال الإقليم. وقادت مدريد الجبهة الأوروبية الرافضة لاستقلال كوسوفو، خشية ان يشجع ذلك انفصاليي الباسك على الأراضي الإسبانية. وبدت ألمانيا مترددة في اتخاذ موقف، بانتظار مداولات مجلس الوزراء في برلين اليوم، في وقت شددت المستشارة انغيلا مركل على ان laquo;لكوسوفو وضعاً خاصاً يختلف عن المناطق الساعية للانفصال في أنحاء العالمraquo;.
وكانت أولى ارتدادات الهزة التي أحدثها استقلال كوسوفو، إعلان زعيمي جمهوريتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا الساعيتين إلى الانفصال عن جورجيا، عزمهما على الطلب من روسيا و laquo;رابطة الدول المستقلةraquo; الاعتراف باستقلالهما، فيما دان مجلس الدوما الروسي laquo;محاولات فصل الإقليم عن صربياraquo;.
وحذرت الخارجية الروسية من أن laquo;قرارات قادة كوسوفو تنذر بتصعيد التوتر والعنف العرقي في الإقليم وباندلاع نزاع جديد في البلقانraquo;، ودعت المجتمع الدولي إلى laquo;ضرورة الرد على هذا التحديraquo;.
وتضمن بيان الخارجية الروسية انتقاداً مبطناً الى الجانب الأميركي، إذ أعربت عن أملها في laquo;ألا يغيب عن بال من شجع على إعلان الاستقلال في هذا الشكل، أن أفعاله قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على النظام العالمي واستقرار المجتمع الدوليraquo;.
في غضون ذلك، أحالت بلغراد قادة ألبان كوسوفو على القضاء الصربي بتهمة laquo;انتهاك القانون، والتحريض على استقطاع جزء من أرض جمهورية صربيا ذات السيادة، من اجل تشكيل دولة زائفة عليهاraquo;. وأعلنت الداخلية الصربية، إن laquo;المجموعة الأولى من المتهمين، تشمل (رئيس كوسوفو) فاتيمير سيديو و (رئيس برلمان الإقليم) يعقوب كراسنيجي و (رئيس الحكومة) هاشم تاتشيraquo;. وكانت محكمة بلغراد حكمت على تاتشي غيابياً بالسجن عشر سنوات العام 1998 وأصدرت بحقه مذكرة اعتقال دولية. وعقد البرلمان الصربي جلسة خاصة في بلغراد أمس، دعا خلالها الحكومة الى laquo;استخدام كل الإمكانات المتاحة، للمحافظة على وحدة أراضى صربيا وعدم السماح بانفصال أي جزء منهاraquo;. في الوقت ذاته، أعلنت بلغراد عزمها على فرض حصار كامل على مناطق الألبان في الإقليم، يشمل وقف تزويده الكهرباء التي يعتمد عليها بالكامل في تلبية حاجته.
وتواصلت التظاهرات المنددة باستقلال كوسوفو في بلغراد وتجمعات الصرب في الإقليم، وذكر تلفزيون بلغراد، ان المتظاهرين في الشطر الشمالي من مدينة ميتروفيتسا (شمال غربي) حطموا آليات عدة في المدينة تابعة للإدارة الدولية لكوسوفو والاتحاد الأوروبي، كما حمل المتظاهرون أعلاماً أميركية رسموا عليها laquo;شعارات نازيةraquo;، ورفعوا يافطات تدعو موسكو الى تقديم المساعدة العاجلة لهم.
وفي نهاية الاجتماع الوزاري الأوروبي في بروكسيل أمس، أوضح وزير خارجية سلوفينيا ديميتيري روبيل الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد، أن كلاً من الدول الأوروبية سيحدد موقفه على حدة، باعتبار ذلك laquo;حقاً سيادياًraquo; للدول الأوروبية. لكن الاختلافات الداخلية، لم تكن عائقاً أمام إطلاق المهمة الأمنية الأوروبية في كوسوفو حيث سينشر الاتحاد 1900 من خبراء الأمن والقضاة والجمارك، إضافة إلى 1100 مراقب. ووعد الاتحاد صربيا وكوسوفو بضمهما الى عضويته مستقبلاً. وذكر وزراء خارجية الاتحاد سلطات الدولة الوليدة بواجباتها لجهة احترام حقوق الأقلية الصربية وممتلكاتها الاقتصادية والثقافية.
في موازاة ذلك، قال حلف شمال الاطلسي ان الاوضاع على الارض في كوسوفو هادئة، ولا توجد حاجة في الوقت الراهن لتعزيز قوة حفظ السلام وقوامها أكثر من 17 ألف جندي.
وقال القائد الاعلى لقوات الحلف في أوروبا جون كرادوك خلال مؤتمر صحافي في مقر الحلف العسكري: laquo;لم أدع كما لم يطلب مني تنشيط أي كتائب احتياطية أخرىraquo; في كوسوفو. وشدد على ان الحلف يعتزم البقاء في كوسوفو بموجب القرار الدولي الرقم 1244، رغم إعتبار روسيا وصربيا أن القرار لن يبرر هذا الوجود في حال الاستقلال.
التعليقات