أمين المشاقبة
تعصف بالقمة العربية الدورية القادمة في نهاية هذا الشهر عدة قضايا وأزمات قد تزيد من خلخلة الأوضاع العربية أكثر وتزيد بشدة حالة المحاور السياسية، فالقمم تعقد دوماً لمواجهة الأزمات ومحاولة حالها واتخاذ القرارات المناسبة التي تصب في مصلحة الدول العربية، حماية لمصالحها، وأمنها واستقرارها، أما الاشتراطات المسبقة فهي عقبة أمام تقدم العمل العربي المشترك الهادف لبناء مواقف فاعلة أمام التحديات الواقعة على الأرض بدءاً من الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والمجازر التي تحصد المئات من أبناء غزة، والرفض الإسرائيلي للتعامل مع المبادرة العربية التي يهدد العرب بسحبها والحالة الملف إلى مجلس الأمن ليأخذ دوره أن استطاعوا إلى ذلك سبيلا، ومروراً بالأوضاع القائمة في العراق والانفراد الأمريكي في المعادلة العراقية، والأطماع الإيرانية في الدولة الجارة إلى ملف الرئاسة اللبنانية الذي فشل فيه البرلمان خمس عشرة مرة متتالية ولم يستطع التوافق لتعمق الخلافات بين الموالاة والمعارضة، والمطلوب من العديد من الدول العربية أن يكون هناك دور سوري ضاغط من أجل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية ويشترط البعض للمشاركة إيجاد حل لهذه المسألة، أمام هذا الوضع فقد فشلت لحد الآن الجامعة العربية في تطبيق المبادرة العربية تجاه لبنان لازدياد الهوة بين الفرقاء وكذلك كثرة التدخلات الخارجية، لا يخفى على أحد أن سوريا تتعرض لضغوط عديدة آخرها المحاولات الأمريكية بوضع بوارج حربية قبالة الشواطئ السورية لمراقبة وتفتيش السفن التجارية الداخلة والخارجية من تلك الموانئ، ناهيك عن الاتهامات المتكررة بدعمها لمنظمات المقاومة التي تراها الإدارة الأمريكية بأنها laquo;إرهابيةraquo;، ويضاف إلى ذلك محاولة عزل سوريا وإلغاء تحالفها الاستراتيجي مع إيران، كل هذه الضغوط والمناورات السياسية تصب في النهاية في أمرين أولهما: خدمة المصالح الإسرائيلية في المنطقة، وثانيهما: عزل سوريا عن مكونها العربي، ويضاف إلى ذلك اضعاف هذه الدولة لتحرير سياسات الهيمنة الأمريكية في المنطقة، ونتيجة لكل ذلك وغيره فإن السوريين مطلوب منهم إنجاح هذه القمة والدفع باتجاه حضور كامل القادة العرب وإيلاء التضامن العربي أولوية والدفع بالوصول الى قرارات فاعلة وتاريخية لمواجهة جملة التحديات التي تعصف بالأمة من محيطها إلى خليجها، ان أية اشتراطات، أو مقاطعة لن تخدم المسار العربي في مواجهة هذه التحديات وإنما سيمثل ذلك حالة من النكوص في العمل السياسي العربي، وباعتقادنا ان على سوريا الدفع باتجاه حل توافقي في الأزمة اللبنانية وان تدعم عملية انتخاب ميشيل سليمان كرئيس يوم الحادي عشر من هذا الشهر، وبذا تكون قد نزعت فتيل الأزمة القائمة على موضوع انعقاد القمة نهاية الشهر، وتكون قد عززت اللقاء وإنجاحه لخدمة مصالحها في المنطقة وللتقليل من حجم الضغوط التي تواجهها خصوصا من قبل اليمين الحاكم في واشنطن، ان كل الأوضاع المحيطة بالمنطقة والأزمات التي تهدد الكيانات العربية تدفع بضرورة انعقاد هذه القمة ولو لم تسفر عن نتائج عملية مهمة، ان الدول المركزية في النظام العربي المطلوب منها مزيدا من العمل لتحقيق حالة التوافق العربي، ومن المعروف ان إسرائيل وحلفاءها لا يريدون إلى حد أدنى من التوافق أو الالتقاء لقيادات هذه الأمة، فجدول الأعمال ملئ بالقضايا والأزمات ولابد من التعامل معها على مستوى القيادات والشعوب تنظر بأمل إلى أي لقاء عربي يحفظ الكرامة ويعيد الشعور بالأمل، وان انعقاد القمة يشكل حاجة عربية ملحة في ظل الأوقات الراهنة والأطماع المعلنة.













التعليقات