فاتح عبدالسلام

انتبهت الحكومة البريطانية الي ان زجاجات المياه المعبأة ترافقهم في اجتماعاتهم، ووجدت ان فيها زعزعة لثقة المواطن بالمياه التي تصله عبر الحنفية.
فاتخذت قراراً بإلزام المسؤولين في أثناء عملهم الرسمي الشرب من المياه العادية التي تصل الي جميع المواطنين فلم يقولوا لنشرب عذباً وحلواً وليشرب شعبنا كدراً وطيناً .. فإذا كان الماء صافياً ونعترف بصفائه فلنشرب منه جميعاً. وقضية الثقة بالحكومة في العراق صعبة التحقيق ليس بسبب اعضاء الحكومة كأشخاص يتجاوزون العشرين أو الثلاثين أو الخمسين وانما بسبب منهج عام بدأ يسود في تصنيف العراقيين علي حسب ميول المسؤول واتجاهه ومنبعه وهي عقدة لم تفهم خطة بوش حلها بل زادت في تعقيدها. فقد رأيت ضابطاً يتحدث الي قناة امريكية وهو كان بصدد واجب عسكري لمطاردة مسلحين في مليشيات التجأوا الي الاحياء السكنية في أور والثورة ببغداد وكان الضابط يقول: نعم نطاردهم لأنهّم يحملون السلاح ولكن اذا تخلوا عنه سيعودون الي أعمالهم بشكل اعتيادي ولا علاقة لنا بهم.
وهذا المنطق لا يطبق في أثناء مطاردة المسلحين في مناطق أخري من العراق، حيث يتعرض للاعتقال أو القتل الفوري كل من يحمل السلاح حتي لو كان بمعزل عنه في أثناء اعتقاله. والأسباب واضحة أهمها ان الواجهات الرسمية لا تسعي الي quot;اثارةquot; من تعتقد انهم ارضيتها الصلبة quot;ساعة العوزquot; وقد رأيناهم كيف تعاملوا بضوء أخضر عن حكومة الجعفري الصامتة يوم بلغ القتل الطائفي حداً لم يشهده العالم في تاريخه.
حتي الدعوات لاخراج القوات الامريكية من العراق لم تعد من اجل البلد، وانما صارت صدي لمطالب ايرانية فلو لم تكن ايران راضية لما دعا قسم كبير بهذه الدعوات، ولأن ايران كانت راضية علي احتلال العراق منذ البداية لغايتها المحصورة في اسقاط الدولة العراقية وليس النظام فحسب كهدف استراتيجي تسعي له من زمن طويل، فقد رأينا الاحزاب الدينية التي زحفت عبر ايران الي العراق أو عبر العواصم الي طهران ثم العراق لم يكن في خطاباتها السياسية ما يحرّم المجيء الي الكراسي علي الحصان الامريكي .. حلو هذا .. الحصان .. فقد مللنا تعابير أنصار النظام السابق .. الدبابة الامريكية والطائرة الامريكية .. والجزمة الامريكية..