إيران وlaquo;الترويكاraquo; الخليجيّة والدول المغاربية على خط المصالحة العربية
جورج علم
لم يعد من القمة سوى خبر كان وهو حافل بالأوصاف. البعض يرى أنها laquo;قمة حافة الهاويةraquo;، فإما تكون مصالحات لتنقية الاجواء، او الانحدار... حتى الانتحار، فيما يرى البعض الآخر أنها laquo; قمة الطلاقraquo;، وإذا كانت مواسم التهاني والتبريك لا تزال عامرة في دمشق، ولا يزال السوري يرصد ردود الفعل المختلفة حولها، فإن مواسم العزاء لا تزال قائمة عند بعض العرب الآخرين، ليس حداداً على التضامن العربي، بل على آخر الصروح العربيّة المؤسساتية، إذ ان الجامعة ليست حجراً بل بشراً وتآزراً يعرف كيف يحوّل المستحيلات الى طيّعات في متناول الحلول والمعالجات.
والخبر عند الرئيس حسني مبارك مختصر مفيد، laquo;لبنان هو المدخل للمصالحة والتضامنraquo;، فيما هو عند الخليجيين، المصالحة، خصوصاً عند الذين شاركوا دمشق في القمة، أما المقدمات فكثيرة، منها:
أولا: إن الذين شاركوا لم يفعلوا تحديّا للمملكة العربيّة السعوديّة، بل بالتنسيق معها، لأن الاولويات تتقدم على المزايدات، ولا يمكن لدولة الامارات او الكويت او قطر تجاهل قمة دمشق الذي تقدّم صفوفها الأماميّة وزير خارجية إيران منوشهر متكي، وتجاهل الدور الايراني المؤثر على شؤونهم وشجونهم الداخلية وما أكثرها؟!
ثانيا : شعرت هذه laquo; الترويكاraquo; الخليجيّة منذ البداية بخطورة المتاريس النفسيّة والمعنوية ـ قبل السياسيّة ـ التي بدأت ترتفع بين سوريا ومصر والسعوديّة قبل القمة، كما شعرت بأهمية الدور التوفيقي الذي يمكن أن تضطلع به، ولم تترك لعامل الوقت ان يفعل فعله في تبديد جذوة الاستعداد laquo;لضرب الحديد وهو حامraquo; فقرر أمير دولة الكويت الشيخ صباح الحمد الصباح زيارة الرياض قريباً في مسعى ما بين سوريا والمملكة، كما بادر رئيس دولة الامارات الشيخ خليفة بن زايد الى القيام باتصالات مباشرة ما بين كل من دمشق والقاهرة والرياض، لعلّ وعسى؟!... أما مسعى قطر فهو أوسع هامشاً، وأكثر تنوعاً ويختصره عنوان عريض: laquo;للوصول الى قمة قطر الجامعة الشاملة، لا بدّ من المرور بقمة دمشق، والعمل من خلالها على إحياء التضامن العربي، وإلاّ...؟!raquo;.
وينطلق الخليجيون من مسار مغاير لذاك الذي ينطلق منه الرئيسان مبارك والجزائري عبد العزيز بوتفليقة، من خلفياته السعي الدائم والمستمر لتعطيل صواعق التفجير ما بين إيران والولايات المتحدة، وإذا كانت هناك من عوائق جديّة تحول دون نشوب أي حرب بين الدولتين، فالفضل في ذلك يعود الى الجهود والإغراءات التي تقدمها دول مجلس التعاون الخليجي لحمل الأميركي على تطبيع علاقاته مع طهران عبر الوسائل الدبلوماسيّة، وذلك كي يتفادى الخليجيون الأثمان الباهظة لأي حرب أو مواجهة، وأيضاً تفادي انعكاساتها السلبية عليهم، والانسحاب من الموقع المتقدّم على خط المواجهة ما بين المحاور العربيّة، والسعي الى تبريدها لأن هناك مصلحة خليجيّة تكاد توازي المصلحة اللبنانية في الوصول الى تسوية تجنّب الجميع سلبيات التداعيات التي ستكون مكلفة على الجميع.
اما الرئيس مبارك فقد توصل مع نظيره الرئيس الجزائري الى laquo;جردة حسابraquo; تبين نوعية وحجم التحديات ما بعد القمة laquo;حيث أصبحت المنطقة على فوّهة بركان متفجر، وحيث الدول العربيّة ستكون الأكثر تشظيّا، وحيث عامل الوقت الضاغط لا يرحم، وإذا كان لا بدّ من فعل شيء سريع لالتقاط الأنفاس قبل فوات الاوان، فإنه يجب العودة الى بيروت للعمل على معالجة الازمة انطلاقاً من انتخاب رئيس للجمهوريّة، وإعادة إحياء مؤسسات الدولة والانصراف الى ترتيب العلاقات ما بين لبنان وسوريا التي قفزت الى الواجهة كتحد كبير ومتشعّب laquo;بتضاريسه المسنونة؟!raquo;.
وتقول مصادر دبلوماسيّة laquo;إن ثلاثة على نار حامية، وساطة خليجيّة، وأخرى مغاربيّة، وثالثة إيرانيّةraquo;.
خليجيّاً، قالت السعودية كلمتها، وبدلاً من أن يتّهم الأمير سعود الفيصل سوريا مباشرة بتفشيل المبادرة العربيّة، laquo;لطّفهاraquo; واتهم المعارضة، وردّت هذه بما يكفي، وهناك توجه جدّي لوقف هذا السجال، ومنح laquo;الترويكاraquo; الخليجيّة المزيد من الوقت لإحداث اختراق إيجابي على خطّ دمشق ـ الرياض raquo; بعدما تكافأ الاثنان في تسديد النقاطraquo;، فلا السوري سهّل عمليّة تنفيذ المبادرة، ولا السعودي سهّل عملية الانتقال السلس لرئاسة القمة بامتناع خادم الحرمين الشريفين عن الحضور والمشاركة.
وهناك اتصالات مكثّفة على مستوى وزراء الخارجيّة لبلورة مسودة laquo;ورقة عملraquo; يصار إلى العمل عليها لوضعها موضع التنفيذ.
أما المساعي التي بدأها الرئيس الجزائري مباشرة بعيد انفراط عقد القمة، فحدودها الآتي: التشاور مع قادة الدول العربية المغاربيّة لقيام مساع مشتركة تهدف الى تحقيق المصالحة بين دول laquo;الترويكاraquo; سوريا ومصر والسعوديّة، وقد تشاور ببعضها مع الرئيس حسني مبارك حول كيفية بلورتها لوضعها موضع التنفيذ، ثم تكثيف القمم الثنائية والثلاثيّة لتنقية الاجواء العربيّة على غرار القمة المصرية ـ الجزائريّة، والقمة المصرية ـ الأردنية ـ الفلسطينيّة، مع البحث في إمكانية تعميم هذه الديناميّة للوصول الى قمة عربيّة مصغّرة او قمة شاملة طارئة تحت عنوان: لمّ الشمل، وتناول العلاقات اللبنانيّة ـ السوريّة.
ويبقى لإيران دور كبير ومهم، وهي ـ برأي المصادر الدبلوماسيّة ـ laquo;على نفس الموجة الخليجيّةraquo;، لا لتمنين الخليجيين، بل لأنها مؤمنة بأن تنقية الاجواء العربيّة وتحقيق المصالحة السوريّة ـ السعوديّة ـ المصريّة، وإعادة إحياء التضامن العربي يصبّ في صلب مصالحها وإهتماماتها وأولوياتها، وهي التي تعتبر ان شرذمة الصف العربي يعني نجاح المخطط الأميركي ـ الإسرائيلي لإضعاف العرب، والنيل من معنوياتهم، والتقليل من شأنهم على المستويين الاقليمي والدولي بحيث لا تبقى لهم قيامة تقوم إذا ما تبعثرت صفوفهم، ولا يبقى لهم أي دور او تأثير على الملفات الساخنة التي تشكل تحديات لمصالحهم ومستقبل امنهم واستقرارهم.
وترى طهران أن تعزيز الاستقطاب وسياسة المحاور العربية يعني سقوط laquo;خط الدفاع الأولraquo; عن مصالحها في ظل الهجمة الاميركيّة ـ الإسرائيليّة التي تستهدفها أولاً وأخيراً.
...ويبقى هنا laquo;بيت القصيدraquo;: هل تسمح الولايات المتحدة بأن تقوم للعرب قيامة في هذا الوقت بالذات التي ترسم فيه المخارج لأزمات المنطقة والتي يفترض ان تتوافق ومصالحها ومصالح إسرائيل؟!
إقرأ للكاتب نفسه
لبنان بعد القمة قد يجرفه تيار laquo;التدويلraquo; إذا لم يسعفه الإنقاذ العربي 02/04/2008
مصالحة أم مثابرة؟ 01/04/2008
الزفّة في دمشق.. والعرس في تل أبيب! 31/03/2008
مشهد laquo;الحكومتينraquo; يحفّز القادة على laquo;طائف معدّلraquo; للبنان
- آخر تحديث :
التعليقات