علي حماده

أول الأخطاء على مستوى الحرب الوحشية على غزة، ذلك الخطأ الذي ارتكبه الامين العام لـquot;حزب اللهquot; في حق مصر والجيش المصري والشعب المصري. فالدروس التي يلقيها السيد حسن نصرالله على المصريين غير مقبولة، خصوصا انها تأتي في سياق حرف الانتباه عن مسألتين مهمتين: الاولى، مسؤولية المحور الايراني ndash; السوري، ودور quot;حزب اللهquot; غير المنظور في دفع quot;حماسquot; قبل سنة ونصف سنة الى الانقلاب على الشرعية الفلسطينية، ثم تحريضها على الانزلاق نحو حرب الانابة عن طهران ودمشق يدفع ثمنها الغزاويون بلحمهم ودمهم وممتلكاتهم. اما الثاني فهو الكشف الفاضح لاحد اهم وظائف الحزب على المستوى العربي، اي زرع الشقاق في الاجتماع السياسي العربي تحت عنوان القضية الفلسطينية التي تستغلها ايران وجماعاتها في العالم العربي وسيلة لاختراق الكيانات العربية، وتفجير المجتمعات العربية من الداخل. فما معنى دعوة نصرالله الى تحريض كلا الشعب والجيش، في دولة لها تراثها، ولها تاريخها الكبير السابق ليس للحزب وحده بل للثورة الايرانية، والبعث في سوريا. أما كان في وسع نصرالله، الذي بالغ كثيرا في تقدير مكانته التي تراجعت كثيرا في مصر والعالم العربي، ان يدعو الجيش السوري الى نقض الهدنة quot;المثاليةquot; في الجولان، او ان يحرض الايرانيين الذين يفاخرون بقوتهم العسكرية الى استخدامها مباشرة؟ طبعا لا، فـquot;حزب اللهquot; يشن حربا دعائية سياسية ومعنوية على النظام العربي الشرعي الذي يعرف مثلما نعرف في لبنان ان الوجه الأسوأ والاكثر قتامة في حرب غزة ليس الاجرام الاسرائيلي بمقدار ما هو التوريط المتعمد لاكثر من مليون فلسطيني في حرب ما كانوا يريدونها، على القاعدة نفسها التي جرى فيها توريط لبنان واللبنانيين في حرب تموز 2006.
وغدا، على غرار ما فعل quot;حزب اللهquot; في لبنان بعد موت اكثر من 1300 مواطن بريء وتدمير البلاد واقتصادها، ستخرج قيادات quot;حماسquot; من مخابئها لتعلن على انقاض البنيان وفوق قبور مئات الشهداء وآلاف الجرحى انها انتصرت. ويتعمق القنوط الفلسطيني، فضلا عن الانقسام الذي صنع جانبا اساسيا منه توظيف الايرانيين والسوريين لنضالات الفلسطينيين في اطار مشروع هيمنة مخيف يجري تنفيذه على قبور العرب في لبنان وفلسطين.
لقد اخطأ quot;حزب اللهquot; في تقدير مكانته في العالم العربي الذي أصبح ينظر اليه باعتباره القوة التي قتلت لبنانيين، واجتاحت عاصمة العرب بيروت، واحتلتها ولا تزال.
لقد تغيرت الصورة منذ تموز 2006 يوم كان الشارع العربي مأخوذا بالبروباغاندا الاعلامية، وتبدل المزاج. وما خطاب السيد حسن نصرالله الاخير ضد مصر سوى خطأ آخر يضاف الى لائحة طويلة جدا. ولعل كلام نصرالله فعل فعله عكسيا. ومن يدري، فقد تسير غداً تظاهرات في قلب القاهرة تحرق اعلام quot;حزب اللهquot; في الساحات!
إننا لا نبرئ ولن نبرئ الاسرائيلي في يوم من الايام. لكننا في المقابل لن نبرئ عرب ايران من مسؤولية تدمير لبنان، ونشر الفتنة فيه، وقتل ابنائه وقمعهم في بلدهم. كما إننا لن نبرئهم من تهمة توريط قطاع غزة في حرب كان يعد لها الاسرائيلي، وأتته الفرصة.
في الخلاصة، يرمي كلامنا الى لفت قادة quot;حزب اللهquot; الى نقطتين: الاولى، ان لبنان ليس مستعدا للحاق بكم بينما تؤدون وظائفكم الاقليمية من دون ان تقيموا حسابا للوطن والامة بكل مكوناتهما. وثانيا، انكم احرار في ما تفكرون به او تنطقون به، لكنكم لا تملكون ان تتكلموا باسم اللبنانيين، ولا سيما عندما تشنون حربا دعائية ظالمة على العرب وتحديدا على مصر!