تركي الدخيل
لا يمكن لنا إلا أن نعتبر الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن ناصر العبيكان، عضو مجلس الشورى السعودي، ومستشار وزارة العدل، فقيهاً يطرح آراءً جريئة في تخصصه، بما يشبه المقاتل الشجاع، الذي لا يستكين لمجرد السائغ، ولا يقبل بالمعمول به، وهو يرى أنه يخالف ما قادته إليه آلياته الفقهية واستيعابه للنصوص وإعماله للقواعد.
اختلف الكثيرون مع الشيخ العبيكان في مسائل متعددة، بداية من قوله بضرورة تقنين الشريعة، لتسهيل التقاضي، وضبط القضاء، وهو رأي لم يرُق للبعض، فلم يلجأوا إلى الرد على الشيخ، ومقارعته الحجة بالحجة، والدليل بالدليل، بل أخذوا بالانتقاص من قدر الشيخ عبدالمحسن، والتقليل من قيمته، وكأنهم يؤدون وصلة ردح، أو يجلسون في مدرجات ملعب كرة، لا في ميدان نقاش علمي.
عرفت الشيخ العبيكان قبل أكثر من ستة عشر عاماً، وهو من ذاك الوقت، ولا يزال حتى اليوم- رغم إصراره على طرح آرائه بقوة، وقتاليته في دفاعه عن رؤاه الفقهية وفتاواه- لم يغير من سماحة نفسه، ولطف معشره، فهو رجلٌ لطيف إلى درجة تخجل مجالسه، وكريم ودود، بشكل يجعل من يعرفه لا يملك إلا أن يحبه.
وفي المقابلة التي أجرتها صحيفة الرياض مع الشيخ العبيكان أمس تحدث عن مخالفيه بذات الروح القتالية فقال: quot;من يعارضني جاهل بالفقه، وكثير منهم تربى على القول الواحد فهو ينظر لمخالفه على أنه مبتدع في الدينquot;.
وأشار إلى أن فتاواه التي أصدرها quot;مبنية على أقوال علماء أجلاء سبقوني في هذا، وأنا لدي الفهم الذي أعتبره الفهم الصحيح لنصوص الكتاب والسنة ولأقوال فقهاء الأمة، ولهذا أختار القول الصحيح من أقوال أهل العلم والذي يسنده الدليل، لكن الجهل الذي عم الكثير من الناس هو الذي حملهم على أن يستغربوا مثل هذه الأقوال لأنهم لم يطلعوا عليها، ولهذا بعض الناس عندما اطلعوا على المسائل الخلافية في موقعي على شبكة الإنترنت وذكرت فيه الأقوال والأدلة، اقتنع كثير منهم، لأنهم يسمعون الفتوى من بعيد ويعتقدون أنها آراء مجردة من النصوص ومخترعةquot;.
نحن بحاجة إلى مثلك يا شيخنا، ليس لأنك تخالف السائد، بل لأن السائد ليس ديناً بالضرورة، فجزاك الله خيراً.
التعليقات