داود الشريان

في الماضي كانت الأنظمة السياسية في العالم العربي هي التي تستقطب الفلسطينيين وتقسمهم. اليوم أخذ الفلسطينيون زمام التقسيم. نجح المناضلون والمجاهدون في شرذمة الأنظمة العربية وتقسيمها الى فسطاطين، فسطاط للسلطة، وآخر لـ laquo;حماسraquo;. الانقسام الجديد فرض على العرب حالاً من الإرتباك والتلعثم، وقيد حركتهم السياسية والاعلامية. ولجأ حزب السلطة الفلسطينية الى الصمت حتى لا يتهم بالشماتة. وتمسك حزب laquo;حماسraquo; بالصمت حتى لا يتهم بالتطرف. فوجد الاتراك فرصة للمساعدة. الاتراك ينشطون اذا ضعف العرب.

تعودنا على انقسام العرب وتشرذمهم. ولا اعتراض لدينا على دخول تركيا على خط الحرب. تركيا بالنسبة الينا ينطبق عليها القول غير المأثور laquo;رب أخ لك لم تلده أمكraquo;. صحيح ان هذا الاخ عقّنا وتكبر علينا، بعد ان وعد بالجنسية الاوروبية. وفي المقابل نحن تنكرنا لتاريخنا المشترك، ونسينا محمد الفاتح، وصار بيننا ما طرق الحداد العثماني. لكن تحرك الاتراك في هذه الازمة طيب خواطرنا، وستر تقاعسنا عن الكلام والفعل، وكشف لنا ان تركيا تعيش همنا.

ماذا يريد الاتراك؟ وما هي تفاصيل مبادرتهم؟ ولماذا تحركوا بهذه السرعة؟ هذه الاسئلة تجري على كل لسان في البلاد العربية. لكن البيانات التي صدرت من العواصم العربية التي زارها رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان لم تقدم إجابة شافية. فهي تقول ان الزعيم التركي laquo;ناقش ما يتعرض له قطاع غزة حالياً من عدوان إسرائيلي غاشم، وتناول الجهود المبذولة لإلزام إسرائيل بوقف عدوانها على أبناء الشعب الفلسطيني ومقدراته، والعمل على تحقيق السلام الدائم والشامل في المنطقة، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وكذلك إيجاد الظروف الطبيعية لتحقيق الوحدة الفلسطينيةraquo;. هذا الكلام سمعناه قبل عشر سنوات. وسنسمعه بعد عشرين سنة. وهو كلام يقال بعد زيارة أي زعيم لأي عاصمة عربية في أي وقت. لكننا اليوم، نحتاج الى كلام laquo;يبل الريقraquo;، نحتاج الى جواب مختلف. نريد ان نعرف ماذا قال الاتراك للعرب؟ وما هو الجواب الذي سمعوه؟ وما هو دور تركيا على وجه الدقة؟ وهل سنرى laquo;اتفاق أنقرةraquo;، مثلما رأينا laquo;اتفاق الدوحةraquo; بعد الحرب على لبنان؟ نريد ان نعرف ما هو ثمن غزة؟