عنوان المقال ليس اسماً لفيلم سينمائي أو مسرحية كوميدية أو مسلسل تلفزيوني، بل موضوعاً يهم لمن تخطى عمره الستين عاماً، حيث صدر مؤخراً في اليابان كتاب أثار ضجة واسعة بعنوان “حاجز الثمانين” لعالم النفس الياباني «هيديكي وادا»، وما إن نزل إلى المكتبات حتى تجاوزت مبيعاته «500» ألف نسخة، ويتوقّع له الكثيرون أن يكون الأكثر مبيعاً إذا بلغ حاجز المليون في الشهور المقبلة، الدكتور وادا، البالغ من العمر 61 عاماً، يُعدّ من أبرز المتخصصين في صحة كبار السن، وقد جمع خلاصة خبرته الطويلة في 44 قاعدة تلخّص سرّ حياة أكثر هدوءًا وامتلاءً بعد الستين، قواعد بسيطة في ظاهرها لكنها تحمل حكمة عميقة ومنها «امشوا كل يوم، تنفّسوا بعمق عندما تغضبون، تحركوا ولا تتركوا أجسادكم تتصلّب، اشربوا الماء صيفاً مع المكيّف، امضغوا جيداً فالعقل يتحرك مع الفم، الذاكرة لا تضيع بالعمر بل بعدم الاستخدام، لا تكثروا الأدوية، لا تسعوا لخفض الضغط والسكر بلا ضرورة، الوحدة قد تكون سلاماً لا عزلة، الكسل ليس عيباً، لا حاجة لرخصة السياقة حين تكبرون، افعلوا ما تحبون، واتركوا ما لا تحبون، لا تنحبسوا في منازلكم، كلوا ما يسعدكم والزيادة الخفيفة في الوزن لا تضر، لا تجالسوا من لا ترتاحون إليهم، لا تكثروا من مشاهدة التلفاز، تعلّموا التعايش مع المرض بدل محاربته دائماً، التفاؤل دواء، الفواكه والشمس والهواء كلها أسباب سعادة، عبّروا عما في قلوبكم، غيّروا رأيكم إن احتجتم ليست مشكلة، توقف التعلم هو بداية الشيخوخة، الرضا كفاية والابتسامة تجلب الحظ، الشيخوخة ليست عبئاً بل هدية» ومن خلال هذه اللمسات الحكيمة يذكّرنا الدكتور وادا، بأن السنوات التي تلي الستين ليست نهاية الطريق بل بداية مرحلة من البساطة والطمأنينة، مرحلة نرى فيها الحياة بعيون أكثر صفاء ونقترب فيها من ذاتنا بصدق أكبر، ونتقبل من أجسادنا وعمرنا لنرى أن السعادة كانت أقرب مما نظن، هذا ما يخص عالم النفس الياباني «هيديكي وادا»، أما فيما يخصني وبحكم تخصصي - علم نفس، الذي استفدت منه أربع سنوات دراسة جامعية وثلاثين سنة معلماً ثم مرشداً طلابياً ومشرف نشاط مدرسي في التعليم العام، أقول: رحم الله من قام على تربيتنا، لم يحملوا الشهادات العالية ولكنهم حرصوا على تعليمنا، علمونا الأدب لأنهم كانوا أهله، لم يدرسوا قوانين الطبيعة، والأحياء ولكنهم علمونا فن الحياة لم يقرؤوا كتاباً واحداً في فن العلاقات الاجتماعية وفن التعامل، ولكن رأينا منهم الإحسان إلى الناس وحب الخير للغير وصدق الجوار والرفق بالضعيف والمسكين، ما تعلمت أمهاتنا أصول الحجاب ولا عرفن أنواع العبايات وألوانها ولكن كنّ العفة والوقار والحشمة والحياء تمشي على الأرض، لاحظنا حرصهم على الصلاة فصلينا، وعلى الصوم فصمنا وعلى الحج فأسرعنا بأدائه، لم يدرسوا التنمية البشرية والذاتية، ولكن علمونا احترام الكلمة والمبدأ وتقدير النفس لا تقديسها، شربنا منهم حب الدين والأهل والأقارب، رحم الله أحياءهم وأمواتهم وأحسن إليهم كما أحسنوا إلينا، فلا تملوا الدعاء لوالديكم ففضلهما أعظم الفضل وأكرمه بعد الله، خلاصة القول: عِش ببساطة وتحرّك وابتسم.
- آخر تحديث :














التعليقات