القاهرة - حسام أبو طالب
خيم الحزن على جموع المدن والقرى المصرية بعد الإعلان عن بدء الجيش الإسرائيلي العمليات البرية، وبالرغم من إلتفاف الجماهير حول شاشات الفضائيات لمتابعة العمليات إلا أن ذلك لم يمنع القوى الوطنية المختلفة من الإستمرار في إطلاق المسيرات المختلفة . ففي محافظة الغربية خرج ما يقرب من عشرين ألفا من جماعة الإخوان المسلمين للتنديد بالحرب والصمت الرسمي، وقد إنضم للمتظاهرين ما يزيد على خمسين ألفاً من أبناء المحافظة وقد قامت قوات الشرطة بتطويق المسيرة للحيلولة دون تردي الأوضاع.
وفي القاهرة واصلت أجهزة الأمن إعتقال ما يزيد عن ألف معتقل من مختلف القوى الوطنية وغالبيتهم من جماعة الإخوان المسلمين وذلك لمنعهم من المشاركة في مظاهرات جديدة.
ومن أبرز أحداث الأمس حالة العصيان التي سادت بين عدد كبير من علماء الأزهر وكبار القيادات الدينية التابعين للمؤسسة الرسمية، حيث إعتبر هؤلاء الصمت الذي يتحلى به كبار الرموز الدينية وعلى رأسها محمد سيد طنطاوي هو نوع من التخاذل والتآمر الذي يلفظه الإسلام.
وقد نجم عن ذلك الموقف السلبي إعلان عدد كبير من العلماء عن رغبتهم في الإنضمام لطائفة العلماء التي وقعت على بيان يطالب الزعماء العربي والمسلمين بفتح أبواب الجهاد المقدس.
وفي تصريحات خاصة لـ 'القدس العربي' أعلن المفكر الإسلامي محمد عمارة أن الصمت على ما يجري للأشقاء في غزة على أيدى الإسرائيليين هو خيانة لله ورسوله ونكوص عن الأمانة التي دعانا الإسلام لتحملها.
وتشير تقديرات البعض الى أن شيخ الأزهر واقع الآن بين فكين أحدهما يملي عليه الإستمرار في الحفاظ على علاقته القوية مع النظام وآخر يدفعه دفعاً نحو الإمتثال للتيار الجارف من علماء مصر والشارع الإسلامي الداعي إلى الضغط على حكام العرب والمسلمين من أجل حضهم على إعلان الجهاد في سبيل الله حالا.
ويطالب حشد كبير من الدعاة بضرورة أن يحسم طنطاوي موقفه فإما الإنضمام للشعوب أو مغادرة منصبه لقيادة أخرى تملك من الحماس ما يؤهل صاحبها لاتخاذ مواقف أشد حسماً وتجاوباً مع مواقف الشارع.
وقد إمتدت حالة الإستنفار للفضائيات الدينية التي يعتقد أن العديد من مشايخها والمسؤولين عنهم على علاقات وطيدة مع المؤسسات الأمنية والرسمية حيث فاجأ الكثير من الدعاة العاملين بها الجماهير بخلع رقبة السلطة من رقابهم والهجوم الضاري على الأنظمة التي تتواطأ مع أمريكا وإسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في القطاع.
ومن أبرز الذين أعلنوا تنديدهم بالأنظمة العربية على ما يجري للأشقاء الدكتور صفوت حجازي أحد رموز قناة الناس وسالم أبو الفتوح والشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل فضلاً عن عدد آخر من الدعاة الذين ظن العديد من المشاهدين بأنهم سوف يلتزمون بالسير خلف الأنظمة.
واللافت أن هؤلاء وغيرهم رفضوا الإنصياع لبعض الأوامر التي صدرت من مؤسسات ذات طبيعة سيادية دعت للهجوم على حركة حماس وتحميلها مسؤولية ما يجري في القطاع.
من جانبها شهدت نوادي التدريس بعدد من الجامعات نشاطاً كبيراً أمس حيث دعا الآلاف من الأكاديميين لضرورة أن تقوم الحكومة المصرية بالتخلي عن سلبيتها ودعم أهالي القطاع والدفاع عنهم بكافة السبل.
وطالبت جماعة تسعة مارس بالدعم المسلح للفلسطينيين وضرورة إستخدام القدرات العسكرية التي يمتلكها العالم العربي للدفاع عن المدنيين في القطاع.
وفي تصريحات خاصة دعا د.يحيى القزاز الناطق بلسان تسعة مارس الجيوش العربية باستخدام ما لديها من أسلحة يعتريها الصدأ في المخازن من أجل الدفاع عن الشعب الأكثر بؤساً في العالم.
وقال المهندس حسب الله الكفراوي وزير الإسكان واستصلاح الأراضي الأسبق لـ 'القدس العربي' إنه من العار أن يظل الزعماء على صمتهم، وتساءل عن مصير الأسلحة المتطورة التي تدفع فيها الحكومات العربية مئات المليارات من الدولارات سنوياً.
وحمل مفتي مصر الأسبق الحكام العرب والمسلمين المسؤولية كاملة يوم القيامة عن خذلان الفلسطينيين وتركهم يواجهون تلك المذابح والحرائق بدون أي دعم حقيقي.
وتوجه المستشار يحيى الجمل عيسى وعبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية السابق والسفير إبراهيم يسري وآخرون بالسؤال للرئيس مبارك ماذا ستقول لربك غدا.'
وقد شهدت كافة النقابات العمالية والمهنية مظاهرات صاخبة على مدار اليومين السابقين. ودعا عشرات الآلاف من المهندسين والمحامين والمدرسين الرئيس مبارك للإمتثال لمشاعر الجماهير وفتح معبر رفح أمام الراغبين في السفر لغزة للدفاع عن أشقائهم.
وفي سياق متصل رفضت السلطات المصرية السماح بصدور العدد الجديد من صحيفة 'صوت الأمة' وعلمت 'القدس العربي' أن شخصية بارزة في الحزب الحاكم إطلعت على العدد قبل بدء طباعته وأصدرت الأوامر بمنع طباعته أو تسويقه.
وقد فوجئ المواطنون بعدم صدور الصحيفة التي عادة ما تظهر في الأسواق مساء السبت في الأسواق وحتى صباح أمس الإثنين لم تكن الأوامر قد صدرت لمطابع الأهرام بطباعة الصحيفة التي يتولى رئاسة تحريرها الكاتب د.عبد الحليم قنديل والذي أكد في تصريحات خاصة لـ 'القدس العربي' أن السلطات إعترضت على موضوعين رئيسيين في العدد اولهما هو المقال الخاص به والذي حمل عنوان(الذين جلبوا العار لمصر) بالإضافة لحوار لمرشد جماعة الإخوان المسلمين مهدي عاكف والذي إنتقد الرئيس مبارك بسبب موقفه من الحرب التي تشن على قطاع غزة وسط صمت شعبي غير مسبوق.
وعلمت 'القدس العربي' من عبد الحليم قنديل أن عاكف إتهم الرئيس مبارك في الحوار الممنوع بأنه توقف عن حكم البلاد منذ أعوام وأنه ترك المقعد شاغرا لإبنه وأصدقائه كي يديرون سدة الحكم بأنفسهم.
واعتبر عاكف التصريحات التي أدلى بها مبارك مؤخراً بشأن الأسباب التي تحول بينه وبين فتح معبر رفح بشكل طبيعي بأنها تكشف النقاب عن أنه لا يقدر الأمور قدرها ولا يعبأ بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني كما لا يقيم إعتباراً لمصالح الجماهير.
وفى ذات الحوار إعتبر عاكف مبارك بأنه لم يعد قادراً بحكم سنه على السيطرة على مقاليد الأمور داخل النظام، ووصف الوضع الراهن بأنه شديد البؤس وأن مصر فقدت الكثير من إحترام شعوب المنطقة لها بعد أن تخلت بالكامل عن الشعب الفلسطيني وقبلت بالصمت الذي يصل لحد تشجيع العدو الإسرائيلي للإنقضاض على مليوني مواطن عزل ولا يملكون الطعام أو الدواء وأصبح العديدون منهم بلا مأوى بعد تدمير منازلهم، واصفاً الموقف برمته بأنه اهانة للشعب المصري.
وقد أعلن عاكف عن قدرة الإخوان على إرسال عشرة آلاف إستشهادي للقطاع كما راهن على إمكانية الجماعة جمع مليون مواطن تحت تصرف الغزاويين.
وعلمت 'القدس العربي' أن إدارة الصحيفة قررت عدم نشر الموضوعين من أجل السماح بصدور العدد إحتراماً للقارئ. وقد رفض قنديل كتابة مقال بديل عن الممنوع.
التعليقات