حسن ابوطالب

مع بداية اليوم الثالث للغزو البري الاسرائيلي لقطاع غزةrlm;,rlm; بدأت ملامح حرب استنزاف بين عناصر المقاومة وجيش الاحتلال الاسرائيليrlm;,rlm; يدور بعض منها علي مشارف مدينة غزة وبعض آخر في شمال القطاع وجنوبهrlm;.rlm; وبرغم فجوة القوة العسكريةrlm;,rlm; تبدو المؤشرات الأولي لصالح المقاومة الفلسطينيةrlm;,rlm; والتي أسفرت في الأيام الثلاثة الأولي عن مقتل عشرة جنود إسرائيليينrlm;,rlm; وإصابةrlm;63rlm; آخرينrlm;,rlm; خمسة منهم إصاباتهم خطيرةrlm;,rlm; وفقا لبيانات جيش الاحتلالrlm;,rlm; بينما تقول حماس أن العدد اكبر من ذلك بكثيرrlm;.rlm; وإذا استمرت وتيرة المقاومة علي هذا النحو لبضعة أيام أخريrlm;,rlm; ونتج عنها عدد اكبر من الاصابات في صفوف جنود الاحتلالrlm;,rlm; مع الاستمرار في إطلاق الصواريخ علي البلدات والمواقع الاسرائيليةrlm;,rlm; فسوف يساعد ذلك علي كشف حجم وعمق الأزمة التي وقعت فيها إسرائيل نتيجة غطرستها وسوء تقديرهاrlm;.rlm;

لقد أدي الهجوم البري الاسرائيلي والدخول إلي عمق القطاع في أكثر من موقع وجهةrlm;,rlm; ومن قبل الهجوم الجوي الذي استمر ثمانية أيام متواصلةrlm;,rlm; إلي تغيير المعطيات علي الارضrlm;,rlm; بينما بدا الأمر في الأيام الأولي وكأن الاحتلال الاسرائيلي قد حقق بعضا من أهدافهrlm;,rlm; لاسيما قصف وتدمير الكثير من المواقع ودور العبادة والبنية التحتية الفلسطينيةrlm;,rlm; ومراكز أمنية محسوبة لحماس وحكومتها المقالةrlm;,rlm; والكثير من بيوت قادة حماس وكوادرها العسكريةrlm;,rlm; ناهيك عن إصابة الكثير من المدنيين بين شهيد وجريحrlm;,rlm; وتحويل حياة الفلسطينيين إلي كارثة إنسانية بكل معني الكلمةrlm;.rlm; في الوقت نفسه تأكد أن قدرة المقاومة الفلسطينية علي الاستمرار في إطلاق الصواريخ لم تتأثر كثيراrlm;,rlm; ورغم انخفاض معدلات إطلاق الصواريخ منrlm;80rlm; صاروخا في المتوسط اليومي إلي ما يقرب منrlm;30rlm; صاروخا في المتوسط اليوميrlm;,rlm; فإن مجرد الاستمرار في إطلاقها في ظل قصف جوي وحشي وعنيف علي كل أجزاء القطاعrlm;,rlm; يؤكد أن تكتيكات المقاومة قادرة علي الإفلات من القيود العسكرية التي تعمل إسرائيل علي فرضها بالقوة الوحشيةrlm;.rlm;

هذه المعارك الحربية ليست وحدها في الميدانrlm;,rlm; فهناك معارك من نوع آخر يدور رحاها علي الصعيد الدبلوماسيrlm;,rlm; تشارك فيها اكثر من عاصمة عربية وإقليمية ودوليةrlm;,rlm; ولا تقل سخونة عما يدور في القطاع المنكوبrlm;.rlm; وبينما تتطور الاحداث الميدانية بسرعة قياسيةrlm;,rlm; يتسم العمل الدبلوماسي بقدر كبير من البطء يعكس بدورة الفجوة الكبيرة في مواقف الأطراف المعنيةrlm;,rlm; بشأن ما يجب عمله وكيف يتم هذا العملrlm;.rlm;

دبلوماسيا نلمح جهودا قامت بها روسيا ممثلة في جولة نائب وزير الخارجية الروسي هدفت إلي أن تقوم موسكو بدور الوسيط بين حماس وبين تل ابيبrlm;,rlm; وهو ما رفضته وزيرة الخارجية الاسرائيليةrlm;,rlm; باعتبار أن حماس من وجهة نظرها ليست سوي منظمة ارهابية يجب القضاء عليها وليس التفاوض معهاrlm;.rlm; ونلمح أيضا دورا تقوم به فرنسا من خلال جولة الرئيس ساركوزي الذي رافقه وفد الترويكا الاوربية بقيادة وزير خارجية التشيك إلي عدد من بلدان المنطقةrlm;,rlm; وهي الجولة التي اختلطت فيها الاهداف العاجلة ممثلة في تأمين المواد الضرورية للفلسطينيين في القطاع مع الأهداف بعيدة المدي ممثلة في تأمين وقف إطلاق النارrlm;,rlm; وهو تعبير يعني وقف القتال المتبادلrlm;,rlm; اي تتوقف إسرائيل عن القصف الجوي والتقدم البري مقابل أن تتوقف عناصر المقاومة عن إطلاق الصواريخ او مقاومة القوات الاسرائيلية التي دخلت القطاع بالفعلrlm;.rlm;

نلمح أيضا جهودا عربية يقودها الوفد الوزاري العربي في نيويوركrlm;,rlm; وهو الوفد الذي تقرر تشكيله في إجتماع وزراء الخارجية العربrlm;,rlm; ويهدف إلي بلورة قرار دولي يصدر عن مجلس الأمن وفقا لبنود الفصل السابع من الميثاق حتي يكون له صفة الالزام الفوري علي الاطراف المعنيةrlm;.rlm; ومن بين عناصر القرار الضرورية والمرغوبة عربياrlm;,rlm; وهي محل المباحثات مع القوي المهيمنة علي عمل مجلس الأمنrlm;,rlm; توقف القتال وتأمين الاحتياجات الانسانية للفلسطينيين في غزة بشكل دائمrlm;,rlm; وهو ما يتطلب صيغة قانونية لفتح المعابر الستة التي تربط القطاع بكل من مصر وإسرائيلrlm;,rlm; إضافة إلي مراقبة وقف إطلاق النار عن طريق مراقبين دوليينrlm;.rlm;

ونلمح ثالثا مسعي تقوم به تركياrlm;,rlm; التي تري ان العدوان الاسرائيلي جوا وبرا بمثابة إهانة لجهودها التي قامت بها من أجل تأمين مفاوضات جدية بين إسرائيل وسوريا وصولا إلي اتفاق سلام بينهماrlm;.rlm; وهو مسعي دخلت علي خطوطه العريضة سوريا التي تري انه يمكن بلورة حل إقليمي بعيدا عن مجلس الامنrlm;.rlm; وهو أمر يدخل في باب التشويش علي الجهود الجادة والعلاقات العامة اكثر منه باب الجدية الدبلوماسية والقابلية علي التحقيقrlm;.rlm; خاصة أن أي حل إقليمي لا يتضمن قدرة إلزامية كتلك التي يمكن ان تنتج عن قرار صادر عن مجلس الأمن وفقا للفصل السابعrlm;.rlm;

في ظل هذه الحركة الدبلوماسية التي تدور علي وقع القذائف ورائحة الموت والخراب في غزةrlm;,rlm; دعت مصر وفدا من حماس للتباحث في الخطوات السياسية المقبلةrlm;,rlm; وهو الوفد الذي وصل بالفعل إلي القاهرة والتقي مسئوليها ذوي الصلة بملف القطاعrlm;.rlm; وبينما تبدو هذه الخطوة متناقضة شكلا مع الجو المشحون الذي طبع العلاقة المصرية مع حماس في الفترة التي تلت قرارها بإنهاء التهدئة وعدم الاستجابة للجهود المصرية آنذاك التي سعت بكل قوة إلي تجنيب الفلسطينيين تلك المعاناة الرهيبة التي تورطوا فيها نتيجة حسابات خاطئةrlm;,rlm; إلا أنها تعكس التزام مصر القومي قبل أي شئrlm;.rlm; وهو الالتزام الذي يفرض عليها التحرك في كل المسارات والاتجاهات من اجل حقن الدماء والحفاظ علي المصالح الفلسطينية العلياrlm;,rlm; جنبا إلي جنب الحفاظ علي مصالحها الحيوية التي تؤثر علي الأمن القومي المصريrlm;.rlm; كما يفرض عليها أيضا أن تمد يدها إلي كل القوي الفلسطينية دون استثناء لتثبت عملا وقولا أنها علي مسافة واحدة من الجميعrlm;,rlm; وأنها تضع كل امكانياتها واتصالاتها وعلاقاتها الاقليمية والدولية من أجل القضية الفلسطينية وليس من أجل الدعاية والشعارات وتوريط المنطقة في حرب او أزمات او توترات الجميع في غني عنهاrlm;.rlm;

يبدو لي أن حماس أمامها فرصة ليس فقط لإعادة الحرارة إلي قنوات التواصل مع القاهرةrlm;,rlm; بل ايضا الاستفادة من ثقل مصر الاقليمي والدولي للخروج من الأزمة الراهن بأقل الخسائر الممكنة وافضل المكاسب الممكنةrlm;.rlm; فلن تجد حماس افضل من مصر للاعتماد علي جهودها عربيا ودوليا وحتي فلسطينيا لتمرير قرار دولي يراعي حقوق الشعب الفلسطينيrlm;.rlm; بيد أن الوصول إلي هذه الحالة يتطلب إعادة تقدير للمواقف التي ساهمت في الوصول بغزة إلي إعادة احتلالها مرة اخري علي النحو الذي نشهده الآنrlm;,rlm; وأن تسمو حماس علي الاعتبارات الذاتية والفصائلية لصالح الاعتبارات الفلسطينية العلياrlm;.rlm;

ثمة فرصة الآن أن تثبت حماس وفصائل المقاومة الأخري قدرتها علي تكبيد جيش الاحتلال الكثير من الخسائر وتلقينه درسا قاسياrlm;,rlm; وفي الوقت نفسه طرح أفكار عملية قابلة للتطبيق وبما يسهل من مهمة مصر والوفد الوزاري العربي في مجلس الأمنrlm;.rlm; ففي السياسة الدولية لا يمكن أن تطلب كل شئ دون أن تقدم شيئا في المقابلrlm;.rlm; وإذا كانت حماس راغبة في إخراج القوات الاسرائيلية من القطاع بأسرع ما يمكنrlm;,rlm; وفتح المعابر بصورة دائمة ووفق ضمانات دوليةrlm;,rlm; فمن الطبيعي ان يكون هناك مقابل لذلك يتمثل في وقف الهجمات التي تقوم بها الفصائل الفلسطينيةrlm;,rlm; وأن تتوافر آلية دولية للحفاظ علي الهدوء المتبادلrlm;,rlm; وأن تؤخذ خطوات عملية لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينيةrlm;,rlm; وان يكون للسلطة الوطنية دورها المباشر في شئون القطاع باعتباره جزءا من أرض فلسطين المحتلة وليس قطاعا مستقلا بذاتهrlm;.rlm; إنها صفقة متكاملة الأركانrlm;,rlm; وذات التزامات متبادلة وأي تفكير يري عكس ذلك فمعناه احتلال دائم للقطاع وضياع حلم الدولة الفلسطينية المستقلةrlm;,rlm; وهذا هو المرفوض جملة وتفصيلاrlm;.rlm;