توجه دولي للحصول على إجماع سياسي قبل وقف الهجوم على غزة

لندن - مينا العريبي، تل ابيب - quot; الشرق الاوسط quot;

شهدت عواصم عربية وغربية تحركات سياسية شديدة خلال الايام الماضية من اجل التوصل الى وقف اطلاق النار في غزة، ولكن هذه التحركات عانت من مشكلة أساسية، وهي عدم تحديد الاهداف السياسية الاسرائيلية للعدوان على غزة. وافادت مصادر دبلوماسية وسياسية عدة تحدثت لـlaquo;الشرق الاوسطraquo; شريطة عدم ذكر اسمها بسبب حساسية الموقف ان الحكومة الاسرائيلية امتنعت عن تهديد اهدافها من الحرب خوفاً من تكرار تجربة حرب لبنان صيف 2006. وكانت اسرائيل قد اعلنت في بداية الحرب انها تهدف الى انهاء نشاط حزب الله واطلاق سراح جنديين اسرائيليين خطفهما حزب الله، الا ان الحرب انتهت من دون تحقيق اي منهما. وبالاضافة الى الحذر الاسرائيلي ازاء تحديد اهداف قد لا تتحقق في غزة وتضعف مكانة الحكومة الاسرائيلية امام شعبها والمنطقة، هناك مشكلة الانقسامات السياسية الداخلية الاسرائيلية التي تعرقل قدرة الدبلوماسيين الغربيين على معرفة الاهداف الاسرائيلية. وأفاد مصدر مقرب من وزير الدفاع الاسرائيلي، ايهود باراك، ان الوزير يعتبر ان ابرز اهداف العملية في غزة قد تحقق من خلال اضعاف قيادات حماس وتوصيل رسالة لهم بأن اسرائيل قادرة على توجيه ضربات قوية لها. ويقف باراك وراء التجاوب مع المبادرة المصرية لأنها لا تبتعد كثيرا من حيث المضمون عن المبادرة الأميركية. والفارق الأساسي بين المبادرتين، حسب رأيه، هو في laquo;الجدول الزمني للتطبيقraquo;، حيث ان مصر تصر على وقف فوري لإطلاق النار وتقترح منحها الوقت لاقناع حماس بالمصلحة في التوجه الى تسوية. وعبرت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني عن عدم رغبتها في التسرع لإنهاء القتال باتفاق تهدئة جديد. واقترحت أن توقف اسرائيل القتال وتنسحب بشكل أحادي الجانب، من دون مفاوضات أو اتفاق، حتى تبقي لنفسها المبادرة للرد على أي خرق لشروطها مستقبلا وتبقي حماس ضعيفة ومهزومة. ولكن اليمين المعارض، بدأ يستعد لمهاجمة الحكومة على تراجعها وقبول تسوية سياسية مع حماس بدلا من استغلال دينامية الحرب لمواصلة الجهود من أجل تصفيتها. ونقل على لسان رئيس الليكود بنيامين نتنياهو، ان الطريق الوحيد لمواجهة حماس هو في اكمال خطة الجيش الاسرائيلي وتنفيذ جميع بنودها. واستطاع نتنياهو ان يزيد من الضغوط السياسية على ليفني وباراك باعتبار ان عدم إنهاء سيطرة حماس على غزة يعتبر هزيمة، مما يعني إضعاف فرصهما في الانتخابات التشريعية في فبراير (شباط) المقبل.
وافادت أطراف اوروبية ان عدم بلورة هدف اسرائيلي واضح جعل من الصعب التوصل الى تهدئة أو وقف لإطلاق النار. وقال مسؤول بوزارة الخارجية الاميركية: laquo;فقط الحكومة الاسرائيلية يمكنها الاجابة عن سؤال الهدف من هذه العملياتraquo;، مضيفاً: من الصعب تحديد موعد زمني لوقف اطلاق النار او تحديد ما اذا كان بالإمكان التوصل الى قرار من مجلس الامن ينص على ذلكraquo;. وتابع المسؤول: laquo;الوضع متغير بشكل مستمر ولم يحسم بعد شكل الاتفاق الذي سنخرج بهraquo;. وتشير مصادر مطلعة على مجرى المفاوضات الى انه من غير المتوقع الوصول الى اتفاق هذا الاسبوع، ولكن باتت laquo;الشروط الثلاثةraquo;، وهي فتح المعابر ومنع التهريب ووقف اطلاق الصواريخ على اسرائيل، هي جوهر أي اتفاق لوقف اطلاق النار. ورغم ان مسؤولين بريطانيين وفرنسيين وعرب طالبوا بوقف فوري لإطلاق النار، إلا ان واشنطن استطاعت إقناع الاطراف المعنية بالعمل على التوصل الى اتفاق laquo;لوقف اطلاق نار دائم قبل وقف العمليات الاسرائيليةraquo;. واشار مصدر غربي الى ان هذا النهج هو اقرب للنهج الذي اتبعته واشنطن ولندن في وقف حرب لبنان عام 2006، ولكن هذه المرة لم تكن لندن متحمسة لهذا المسار وتفضل وقف اطلاق فوري. وأضاف ان عدم تحديد الاهداف الاسرائيلية يجعله من الصعب معرفة الأبعاد التي قد تتخذها العملية العسكرية الحالية، لكنه بات من الواضح ان حماس ستبقى في السلطة بغزة، ولكن نسبة الضرر التي ستتعرض له غير معلومة بعد. وافاد المسؤول الاميركي: laquo;كلنا نريد رؤية انهاء العنف وبأقرب وقت ممكن، ولكن نريد وقف اطلاق نار قابلاً للاستمرار، ولذلك علينا وضع الاسس المهمةraquo;. واضاف: laquo;لا يمكن لنا العودة الى ما كنا عليه في الماضي، فالامور سيئة منذ فترة في غزة وعلينا وقف الصواريخ وتهريب الاسلحة وفتح معابر غزةraquo;. ولفت مسؤول عربي الى ان laquo;هناك مخاوف من ان الهدف هو قتل حل الدولتين، وهذا غرض سياسي تدعو اليه اطراف يمينية عدة في اسرائيلraquo;. واضاف المسؤول الذي طلب من laquo;الشرق الاوسطraquo; عدم ذكر اسمه: laquo;بعض الاطراف الاسرائيلية لديها اهداف عسكرية بحتة، وهي اضعاف حماس، ولكن آخرين يريدون قتل حل الدولتين وضم غزة الى مصر والضفة الغربية الى الاردن رغم الرفض العربي الشديد لمثل هذا الطرحraquo;. وعبر عدد من المسؤولين عن مخاوفهم من محاولة اسرائيل فرض laquo;أمر واقعraquo; ينهي حل الدولتين خلال الفترة المقبلة، او في الأقل فرض شروط جديدة من خلال القوة مع تراجع عملية السلام. ولفتت مصادر عربية وأوروبية أن عدم تحديد وقت زمني او اهداف محددة للهجوم على غزة يصعب عمل المفاوضين ولكن يأتي ضمن جهود اسرائيل تحقيق اوسع اهداف سياسية وعسكرية ممكنة في الفترة الحالية.