laquo;شظايا إقليميةraquo; للعدوان الإسرائيلي في مرحلته الجديدة

باريس - حسن الحسيني

في اليوم الاول من العدوان الاسرائيلي، اعلنت القناة الثانية في التلفزة الفرنسية ان الطيران الحربي الاسرائيلي بدأ بقصف مراكز حماس laquo;المنظمة الارهابيةraquo; في قطاع غزة، ردا على اطلاق عشرات الصواريخ ضد المدنيين الاسرائيليين.
وفي اليوم الثالث عشر للعملية الاسرائيلية، اعلن مقدم نشرة الاخبار المسائية على القناة ذاتها باتريك بوغاس ان اسرائيل قد تربح الحرب العسكرية ضد حماس، ولكنها خسرت المعركة السياسية والاعلامية، مفتتحا بهذه العبارات نشرة اخبار الثامنة مساء ومقدما التقارير الصحفية عما يحدث في غزة، حيث اكتشف وجود عدة اطفال جرحى غير قادرين على الوقوف على اقدامهم وهم يتواجدون الى جانب جثة امهم الهامدة.
وبعد ذلك، عرضت القناة الثانية تقريرا عن معاناة الفلسطينيين من الحصار وعن معاناة فرق الاسعاف.
وقدم بوغاس تقريرا عن منع الجيش الاسرائيلي للصحافة العالمية من الدخول الى غزة بالقول انه يصعب على الصحافة الغربية اظهار ما يحدث في غزة، بسبب قرار السلطات الاسرائيلية بمنع الصحافة العالمية في الدخول الى القطاع، وذلك في محاولة منها لاعطاء الصور التي يريد الجيش الاسرائيلي اظهارها. وانتهى ملف الحرب على غزة بالقول ان الامم المتحدة والصليب الاحمر يتهمان اسرائيل بمنع توزيع المساعدات الانسانية على الفلسطينيين وان رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا هينيون اعلن ان لا شيء يبرر معاناة سكان غزة.
أقل من دقيقة
وفي الوقت ذاته خصصت القناة الاولى في التلفزة الفرنسية اقل من دقيقة لما يحدث في غزة، وكأنه خبر عادي.
وذلك بعد بدء نشرة الاخبار بعشرين دقيقة، وأوردت تصريح بان كي مون حول مقتل موظف في الامم المتحدة برصاص الجيش الاسرائيلي، وتحدثت عن تظاهرة دمشق التي ضمت مليون شخص.
وكانت القناتان الاخباريتان، اي تي في، وبي اف ام تبثان صور الضحايا في غزة، نقلا عن الجزيرة والعربية، وابرزت خبر مجزرة مدرسة الاونروا، خصوصا تأكيد الامم المتحدة انه لم يكن يوجد مقاتلون في المدرسة.
وقد حاولت وسائل الاعلام المرئي والمسموع ان تكون موضوعية بالمعني الغربي للكلمة، اي انها تتخذ موقفا مؤيدا للفلسطينيين، الا انها كانت تبرز من خلال التحقيقات ما يتعرض له الفلسطينيون، ففي اليوم الرابع عشر للعدوان الاسرائيلي على غزة، بثت القناة الثانية مجموعة من التقارير التي تظهر جثث الاطفال القتلى وصور الآباء الذين يبكون اطفالهم، وبثت تحقيقا حول التأثير النفسي للقصف الاسرائيلي على الاطفال.
الصحف أظهرت وحشية القصف
وعلى غرار التلفزة الفرنسية بشكل عام باستثناء القناة الاولى، فإن معظم الصحف الفرنسية اظهرت وحشية القصف الاسرائيلي، وتميزت صحيفة لوموند فقط، بوصف قصف مدرسة الاونروا بالمجزرة.
وخصصت لوموند ملفات عدة للحرب على غزة، وفي اليوم التالي للمجزرة كان مانشيت لوموند كالتالي: حرب غزة: الأمم المتحدة تندد بأزمة انسانية شاملة.
ومقتل اربعين فلسطينيا بالقذائف الاسرائيلية بالقرب من مدرسة.
وكتبت لوموند quot;في كل يوم يمر تطحن آلة الحرب الاسرائيلية المدنيين في ظل عدم مبالاة الاسرة الدوليةquot;.
واشارت لوموند الى ان مجزرة الاونروا وما اثارته من مشاعر بدأت تمهد الطريق للحلول الانسانية والدبلوماسية على غرار ما حصل في لبنان بعد مجزرة قانا.
وبعد ان عرضت لوموند حجم الخسائر البشرية الهائل والاوضاع الانسانية المأساوية والصعبة، وتعقيدات الاوضاع السياسية مع حرب تجعل الرأي العام العربي والاسلامي يتطرف وتضعف الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتقوي حماس.
وتساءلت الصحيفة عما اذا كان يمكن ان تصل (اسرائيل) الى كل ذلك، لو انها اعطيت الفرصة للحوار السياسي مع حماس.
وهذا ما تثبته صحيفة ليبراسيون بطريقة مختلة.
وليبراسيون مثل لوموند وصحيفة لومانيتيه الناطقة باسم الحزب الشيوعي الفرنسي نددت بالممارسات الاسرائيلية ضد المنظمات الانسانية غير الحكومية، وابرزت رفض اسرائيل لقرار الامم المتحدة.
انحياز لإسرائيل
والصحيفة الوطنية الوحيدة التي ابدت انحيازا لاسرائيل هي صحيفة لوفيغارو اليمينية. فمثلا خصصت ترويسة صفحتها الاولى لعنوان يقول: quot;حماس ترفض الخطة الفرنسية المصريةquot;. وغاب عنها وعن عنوانها الرئيسي ان اسرائيل لم تحترم قرار مجلس الامن.
وأشارت الى وجود انقسام سياسي في الحكومة الاسرائيلية.
ونشرت quot;لوفيغاروquot; تحقيقا على صفحة كاملة يشير الى استفادة حركة حماس من الانفاق بين غزة ومصر. وكيف ان الحركة استغلتها لتوفير المبالغ المالية لدفع رواتب موظفيها. ولتهريب الاسلحة الى غزة عبر مصر.
وحملت quot;لوفيغاروquot; طيلة العمليات العسكرية مسؤولية ما يحدث في غزة لحركة حماس.
وهكذا فعلت بقية الصحف الفرنسية، لكن quot;لوموندquot; وquot;ليبراسيونquot; اشارتا الى مسؤولية السلطة الفلسطينية والاطراف العربية والدولية، اضافة الى مسؤولية اسرائيل في الوصول الى الحرب.
السلطة الفلسطينية بسبب الفساد والدول العربية مثل مصر والسعودية بسبب الخوف من تأثير حماس على الاوضاع الداخلية في هذين البلدين وتقوية الاخوان المسلمين. وايضا بسبب تحالف حماس مع ايران.
وأضافت ان منطق حماس هو منطق مجنون ومرعب للغاية ولا يختلف عن المنطق الاسرائيلي. وتحركها هو سياسي الاهداف فقط، فــ quot;همquot; حماس ليس اسرائيل وانما محمود عباس والسيطرة السياسية على كل فلسطين.
تقوية حماس
وتحدثت الصحف الفرنسية عن الحرب على غزة على خلفية الانتخابات الاسرائيلية آخذة على حماس اما التواطؤ مع الاسرائيليين بالتفجير من خلال اطلاق الصواريخ على اسرائيل قبيل الانتخابات بعدة اسابيع.
واجمعت الصحف الفرنسية على القول ان عنف القصف الاسرائيلي واستهداف المدنيين الفلسطينيين يؤديان الى تقوية حماس.
لوفيغارو بدورها، اكدت انه عندما ستنتهي العملية الاسرائيلية الحالية، فإن اسرائيل التي تُــعلن اليوم انها ترفض الحوار مع حماس مباشرة ستجد ان الحركة ستبقى محاورا اساسيا لها عندما يتم التوصل الى وقف اطلاق النار، فحماس باتت قوة سياسية اساسية على الساحة الفلسطينية منذ انتخابات عام 2006 وسيطرتها على غزة حقيقة قائمة في مواجهة سلطة فلسطينية فاسدة وفاقدة لمصداقيتها.
واخذت مجلة لونوفيل اوبسرفاتور على مبعوث اللجنة الرباعية الدولية للشرق الاوسط طوني بلير انه لم يطلع اعضاء اللجنة الرباعية على ما يتم التحضير له فهو كان من المفترض ان يكون على معرفة بذلك.
إلهاب المشاعر
مجلة الاكسبرس اشارت الى المخاطر الكبيرة على اسرائيل في العملية العسكرية، خصوصا اذا ما فشل الجيش الاسرائيلي في توجيه الضربة إلى حماس لان ذلك سيجعلها تسيطر على الشعب الفلسطيني من خلال الهاب مشاعره. وستظهر فشل المناورات الهادفة لاضعاف حماس.
وقالت انه سيتعين على الاسرة الدولية والرئيس الاميركي المنتخب ان يُــصلحا الخراب الناتج عن العملية العسكرية الاسرائيلية في الشارع الفلسطيني وعلى مستوى المنطقة، حيث تتعرض انظمة عربية عدة لضغوط شعوبها.
وختمت الاكسبرس بالقول انه منذ بزوغ فجر الحركة الصهيونية على ارض اسرائيل لم تؤد أي عملية عسكرية الى تحقيق التقدم في الحوار مع الفلسطينيين والعملية الاخيرة تؤدي على ما يبدو الى تراجع هذا الحوار.