ماضي الخميس

لا أظن أن عاقلا كائنا من كان، أو حتى مجنونا، قد يقبل، أو يجد أي مبرر، أو حجة لما يحدث في غزة من إبادة جماعية، وجرائم بحق الإنسانية بمنتهى الوحشية والقسوة .. وقد سألت أحد الأصدقاء من المتابعين للصحافة الإسرائيلية عن الموقف هناك، وصدمت حين علمت أن بعض الصحف والصحافيين الإسرائيليين ينتقدون بشدة الأعمال الإجرامية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي، وأن إحدى الصحف الإسرائيلية طرحت تساؤلات عنيفة حول المهام القذرة التي يقوم بها الجيش في غزة. بالتأكيد هذا الموقف أشرف مئة مرة من مواقف بعض العرب الذين يتعاملون بسخرية ولامبالاة مع تلك الجرائم.

غزة ليست حماس، وحماس ليست القضية، والقضية الفلسطينية ليست بيد حماس. إنها قضية العرب جميعا.. وجميعنا شركاء فيها.. ولا يمكن أن يكون مصير القضية بيد حماس .. تقبل هي بذلك أم ترفض، ولذلك عليها أن تصغي للعرب الذين لايقلون منها حرصا على فلسطين والقضية الفلسطينية.

حين قامت الحروب العربية دفاعا عن فلسطين، لم يكن لحماس وجود أو دور يذكر. العرب جميعا هبوا لنجدة فلسطين، ومازالوا حتى يومنا هذا لا يتوانون عن تقديم كل المتاح من أجل فلسطين وأهلها. لذلك فجميع العرب شركاء في القضية الفلسطينية.. شركاء في الأزمة والكارثة.. ويجب أن يكونوا شركاء في الحل أيضا.. يجب أن تنطلق الحلول من قلب جامعة الدول العربية، وينبغي ألا تنفرد هنا لا حماس ولا فتح أو غيرهما باختيار الحلول على هواهما .. لذلك عندما يفاوض الفلسطينيون يجب ألا يتفاوضوا منفردين، ويجب أن يكون قرارهم جماعيا يمثل رأي الدول العربية قاطبة.

إذا كنا عاجزين عن فعل أي شيء تجاه الجرائم التي ترتكب في غزة أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع.. ووسط التباهي الإسرائيلي الحقير بقدرته على إبادة الأطفال وسحقهم بوحشية لا نظير لها.. فأقل ما ينبغي علينا القيام به، هو الترحم على تلك الأرواح البريئة.. وعلى حالنا المستكينة.. ونكف ألسنتنا عن الشر المنطلق منها، وخصوصا تجاه بعضنا بعضا.. ودمتم سالمين.