الخارجية الامريكية تناقض مزاعم اولمرت باحراج رايس

لندن - quot; القدس العربي quot;

اهتمت الصحف الامريكية والبريطانية بطلب الرئيس الامريكي جورج بوش من وزيرة خارجيته كوندوليزا رايس الامتناع عن التصويت اثناء مداولات مجلس الامن حول قرار يدعو لوقف اطلاق النار في غزة، ودعوات التحقيق بجرائم الحرب والخلافات داخل الحكومة الاسرائيلية حول مسار الحرب.
كذلك اهتمت بمواقف الاسرائيليين منها وكيف انهم، الرأي العام والصحافة والمثقفون يقفون وراءها ومن يشعرون بالحرج يبرورنها. ولا يجد الاسرائيليون حرجا في مقتل الابرياء لانهم سيكبرون ويصبحون قتلة مثل ابائهم.
وفي تقرير كتبه المحرر الدبلوماسي ديفيد بلير جاء فيه ان مصر تظل مفتاحا رئيسيا للازمة وقادرة على لعب دور الوسيط والتأثير على حماس.
وقال ان اتفاقا يوقف حمام الدم سيخرج تدريجيا من مصر. وفي الوقت الذي تقدم فيه الجهود الدبلوماسية العربية والدولية واجهة جميلة عن الجهد المبذول الا ان مصر هي القادرة على التوصل لاتفاق.
وقال ديفيد بلير ان موقع مصر استثنائي من ناحية علاقتها مع اسرائيل وقنواتها المفتوحة مع حماس. وتحدث عن الدور الذي يلعبه عمر سليمان، مدير المخابرات المصرية الذي يقول ان ثاني اقوى رجل في مصر بعد الرئيس هو الذي يقوم بهذا الدور. اما الطرف الاسرائيلي الذي يتحدث مع سليمان فهو عاموس غلعاد، مدير الاستخبارات في وزارة الدفاع الاسرائيلية الذي يتمتع بخبرة طويلة مثل سليمان. والاخير يتعامل مع قيادة حماس المقسمة بين غزة ودمشق.
ومطالب الطرفين معروفة، فحماس تريد الانسحاب الاسرائيلي وفتح المعابر اما اسرائيل فتريد وقف الصواريخ. ويشير الكاتب الى ان الفجوة بين الطرفين واسعة، خاصة ان قيادة حماس الخارج في الغالب ما تتخذ مواقف متشددة. ويعتقد الكاتب ان اي اتفاق يتم التوصل اليه يجب ان يمنع حدوث ازمة اخرى اي منع تهريب السلاح لحماس عبر الحدود المصرية. وفي المقابل تقوم اسرائيل بتخفيف الحصار والسماح بدخول البضائع عبر المعابر.

انقسامات اسرائيلية

لا تزال الحكومة الاسرائيلية منقسمة حول خياراتها في غزة في الوقت الذي تتقدم فيه القوات البرية نحو مدينة غزة. وفي الوقت الذي تم تخفيف الغارات الجوية للنصف الا ان اعداد الضحايا من المدنيين الفلسطينيين لا يزال يرتفع وتعدى التسعمئة. ولاحظت صحيفة 'اندبندنت' البريطانية ان هناك ترددا من الجانب الاسرائيلي في المضي في المرحلة الثالثة من العملية وترجع هذا التردد للخلاف داخل الحكومة الاسرائيلية حيث يدعو كل من ايهود باراك، وزير الدفاع ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني الى نهاية مبكرة للهجوم فيما يطالب ايهود اولمرت، رئيس الوزراء بمواصلة الهجوم.
وترى ليفني التي تخطط لترشيح نفسها لمقعد اولمرت في شباط (فبراير) انها نهاية من طرف واحد للعمليات يعتبر تحديا لحماس كي توقف الصواريخ والا مواجهة عملية عسكرية جديدة. وفيما ترفض ليفني محادثات مع حماس، يدعم باراك اتفاقا مع الحركة بشكل غير مباشر وعبر الوسيط المصري.
وبحسب محلل اسرائيلي استند الى مصادر موثوقة قال ان اولمرت يسعى الى اطالة امد الحرب حتى تكون ذريعة له لتأجيل الانتخابات.
ويعتقد اولمرت ان تدمير حماس وانقاذ الجندي الاسير جيلعاد شاليط يمكن ان يعطي اولمرت انجازا تاريخيا. وتعرضت ليفني لانتقادات لانها فشلت في وقف قرار مجلس الامن الذي طالب اسرائيل بوقف اطلاق النار والانسحاب مع انها قالت ان العملية اعادت لاسرائيل قوة الردع، وان استخدام القوة المفرطة امر مقصود لتلقين من يتجرأ على اسرائيل درسا.
مهاترات
من جهة اخرى تحدثت صحيفة 'لوس انجليس تايمز' عن المهاترات داخل الحكومة الاسرائيلية حول اهداف العملية من الانسحاب من طرف واحد الى اتفاق غير مباشر مع حماس او استمرار العملية. واشارت الصحيفة الى الحس الانتصاري الصادر من اسرائيل والمشاكل الناجمة من كل خيار ومستقبل حماس في اي اتجاه تتخذه الحكومة الاسرائيلية. وفي الوقت الذي يعول فيه الكثير من المسؤولين الاسرائيليين على انهاء العملية قبل تنصيب باراك اوباما وتجنيبه مواجهتها في الايام الاولى الا ان الكثيرين يرون انها لن تتوقف قبل 20 من كانون الثاني (يناير) الشهر الحالي.
وفي التعليق على الخلافات داخل الحكومة الاسرائيلية كتب جوناثان سبير في 'الغارديان'متسائلا عن نهاية لعبة اسرائيل في غزة. واشار الكاتب الى الخيارات المفتوحة امام الجيش الاسرائيلي قائلا ان ايهود باراك امل بتجنب اي عملية برية في غزة فيما ترغب ليفني بنهاية العملية في اقرب وقت اما اولمرت فهو راغب بالمواصلة. لكن الكاتب يستبعد ان تكون اسرائيل راغبة في الاطاحة بحماس بل اجبارها على وقف للنار حسب الشروط الاسرائيلية.
وقال الكاتب ان حماس تكبدت خسائر كثيرة في هذه العملية وان داعميها في لبنان، حزب الله والنظام الايراني يشعرون بالخيبة لعدم قدرتها على احداث اضرار وخسائر في الجيش الاسرائيلي.
واشار الى وجود اشارات عن انقسام بين تيار حماس غزة وتيار دمشق. فتيار غزة راغب في وقف اطلاق النار، فيما يدعو تيار دمشق للمواصلة. ويعتقد ان النتيجة النهائية للعملية الاسرائيلية ستكون خسائر طفيفة للجيش الاسرائيلي، واتفاق بشروط محبذة لاسرائيل حول الحدود، وخسائر فادحة لحماس، وبدون تنازلات اسرائيلية وفي النهاية انجاز كبير لاسرائيل.

اولمرت واحراج رايس

وصفت صحيفة 'ديلي تلغراف' ذات التوجه اليميني الحادث بانه كان محرجا لرايس حيث خرجت من الاجتماع ممتقعة الوجه عندما امرها بوش بالامتناع عن التصويت وذلك حسبما كشف ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي، وحسب اولمرت فقد تركت الاجتماع وهي 'تشعر بالعار' حيث تحدث اولمرت في خطاب القاه في بلدة عسقلان جنوب اسرائيل، وواصل اولمرت قائلا انها 'لم تصوت على قرار اعدته ورتبته'. في اشارة من اولمرت الى قرار مجلس الامن يوم الخميس الذي دعا الى وقف فوري لاطلاق النار للعملية الدائرة منذ 18 يوما في غزة والانسحاب الكامل لكل القوات الاسرائيلية. وكان 14 من اعضاء مجلس الامن قد صوتوا لصالح القرار فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت. وكان يتوقع ان تقوم الولايات المتحدة بدعم القرار الا ان رايس كانت الممتنعة الوحيدة عن دعمه. وقال اولمرت ان اسرائيل لم تكن راغبة ان تقود رايس عملية التصويت لصالح القرار.
واشار بنبرة بطولية قائلا 'افتحوا لي خطا مع بوش على الهاتف، فقالوا انه الان يلقي خطابا في فيلادلفيا، هذا لا يهمني 'اريد ان اتحدث معه' ثم ترك المنصة وتحدث الي'.
وواصل اولمرت قائلا 'اخبرته ان الولايات المتحدة تريد التصويت لصالح القرار، وامريكا لا يمكنها التصويت لصالح قرار كهذا. وعندها اتصل بها وامرها ان لا تصوت لصالح القرار'. وعلقت 'نيويورك تايمز' على تصريحات اولمرت قائلة 'في توبيخ غير عادي' ذاكرة تصريحات اولمرت التي نقلتها وكالة انباء 'اسوشيتدبرس' مضيفة ان رايس تركت الاجتماع بعد تمرير القرار 'محرجة بشكل كبير'.
ولكن الصحيفة نقلت عن وزارة الخارجية الامريكية معارضتها لتصريحات اولمرت حيث قال متحدثون باسمه ان توصيتها كانت 'الامتناع عن التصويت' وذلك حسب مسؤول في الخارجية لم يفصح عن اسمه.
واضاف ان رايس ، دعمت القرار الذي دعا لوقف اطلاق النار لكنها قررت الامتناع من اجل ان ترى نتائج المبادرة الفرنسية ـ المصرية. وقالت الصحيفة ان رايس لم ترد على تعليقات اولمرت حتى في سياق العلاقة التي قالت انها لم تكن جيدة بين اولمرت ورايس. ونقل عن اولمرت قوله ان رايس يجب كبح تأثيرها على الرئيس في مجال تحديد السياسة الخارجية. الا ان مسؤولا في الخارجية اكد قائلا ان كلا من رايس واولمرت كانت علاقتهما الحسنة الا ان فيها لحظات جيدة وصعبة في بعض الاحيان.

دعوات للتحقيق بجرائم حرب

واهتمت صحيفة 'الغارديان' بمطالب للتحقيق بجرائم حرب ارتكبتها اسرائيل في غزة، وذلك ان مسؤولين في الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان يطالبون بتحقيق دولي في جرائم الحرب التي ارتكبتها اسرائيل في غزة، خاصة اتهامات لاسرائيل باستخدامها القصف الذي لا يميز بين المقاتل والمدني والذي تميز باللاابالية وتم في مناطق الكثافة السكانية وكذلك استخدام العائلات الفلسطينية كدروع بشرية. وقالت الصحيفة انه مع تزايد اعداد القتلى فان الضغط يتزايد من اجل تحقيق مستقل في حوادث معينة،خاصة قصف مدرسة الفاخورة التابعة لوكالة الامم المتحدة 'اونروا' والتي قتل فيها 40 مدنيا معظمهم من الاطفال والنساء. وهناك مطالب بالتحقيق فيما اذا اعتبرت التكتيكات التي استخدمها الجيش الاسرائيلي خرقا للقانون الدولي. واشارت الصحيفة الى القرار الذي صادقت عليه لجان حقوق الانسان الشاجب لخروقات حقوق الانسان الكبيرة التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي. ويرى ناشطون في حقوق الانسان ان القيادة السياسية الاسرائيلية اعطت اوامر من اجل التقليل من قتلى الجيش الاسرائيلي مهما كان الثمن. وادت الاستراتيجية الى اكثر الهجمات دموية على الاراضي الفلسطينية. وتم توجيه اتهامات الى اسرائيل بقصفها مناطق سكنية وهي تعرف انها مأهولة وذات كثافة كبيرة. واتهمت باستخدام اسلحة ممنوعة مثل الفسفور الابيض. كما اتهمت باستخدام الفلسطينيين كدروع بشرية، وقصف المنشآت الطبية بما فيها سيارات اسعاف وطواقم طبية، وقتل اعداد كبيرة من عناصر الشرطة. وادت تصرفات الجيش الاسرائيلي لشجب صريح من الصليب الاحمر الدولي فيما دعت 'هيومان رايتس ووتش' الامم المتحدة لانشاء لجنة تحقيق خاصة بالجرائم. ودعت منظمتا حقوق اسرائيل في طلبين منفصلين المدعي العام التحقيق بالاتهامات. لكن الناشطين في حقوق الانسان يشكون في امكانية حدوث هذا لان اسرائيل لها تاريخ في منع هذه التحقيقات.