الكويت - سباعي إبراهيم

تستضيف الكويت اليوم الاثنين القمة الاقتصادية العربية الأولى بمشاركة عربية كاملة (بحضور 17 زعيماً) سعيا لرسم خريطة طريق مستقبلية واضحة المعالم للاقتصاد العربي وكافة النواحي الاجتماعية والتنموية الأخرى المرتبطة به.. فيما بدا أن الشأن السياسي يهيمن بخلافاته على أجوائها، وتحديداً في ما يخص إنشاء صندوق جديد لإعمار غزة، لجهة وجود صناديق قائمة يمكن ضخ الأموال من خلالها، ولجهة الرقابة والإشراف.

وتوافد القادة والرؤساء والملوك العرب على العاصمة الكويتية نهار وليل أمس للمشاركة في أعمال القمة وسط ترتيبات أمنية غير مسبوقة وحضور عدد من رؤساء المؤسسات والمنظمات الدولية والإقليمية وبعض الرؤساء الأجانب.وكشفت مصادر دبلوماسية عربية في الكويت أن مصر تعتزم تقديم مشروع قرار إلى القمة خلال الجلسة الخاصة لمناقشة العدوان غزة يتعلق بالموقف العربي من الترتيبات التي سيتم اتخاذها بشأن إعادة إعمار غزة وإصلاح ما دمره العدوان الإسرائيلي الغاشم عليها خلال الاسابيع الثلاثة الماضية. وقالت المصادر إن المشروع يتضمن الدعوة إلى إعادة إعمار القطاع من خلال برامج إعادة تأهيل وبناء التنسيق مع السلطة الفلسطينية وفق الآليات العربية والدولية المعتمدة لدعم الشعب الفلسطيني.

ويؤكد مشروع القرار على الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثة لأهالي القطاع ، كما يدعو الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وبالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير بسرعة حصر وتقييم حجم الدمار.

خلافات على الصندوق

وذكرت المصادر أن الاستعدادات الخاصة باجتماع القادة العرب إزاء غزة شهدت خلافات كبيرة بشأن كيفية التعامل مع تداعيات العدوان على غزة، مشيرة الى أن قطر ستقدم إلى القمة ورقة عمل تتضمن ماصدر عن قمة الدوحة الأخيرة التي عقدت يوم الجمعة الماضي وشارك فيها عدد من الدول العربية والإسلامية والأجنبية لأخذها بعين الاعتبار ضمن القرارات المزمع صدورها عن القمة.

وأوضحت المصادر أن هناك معارضة كبيرة من جانب بعض الدول، بخاصة مصر والسعودية، بشأن ماتريده قطر خاصة في ما يتعلق بالتعامل العربي مع السلطة الفلسطينية وضرورة اعتماد طرف واحد يتم التعامل معه باعتباره الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني بما يعني تجاهل حركة laquo;حماسraquo; والمقاومة الفلسطينية وهي المعنية بشكل مباشر بتطورات الأوضاع الراهنة في غزة.

وكشفت المصادر عن وجود خلافات كبيرة أيضا بشأن إنشاء صندوق جديد لإعمار غزة حيث ترى بعض الدول العربية أن هناك صناديق بالفعل في إطار الجامعة العربية يمكن ضخ أية أموال من خلالها للمساعدة في عمليات إعادة الإعمار وضرورة أن يكون هناك رقابة وعمل مؤسسي يتم من خلاله الصرف على مشروعات إعادة الإعمار والتنمية في غزة بينما تريد أطراف عربية أخرى تقديم الدعم مباشرة للجانب الفلسطيني الموجود على الساحة في غزة وهو ما يعني تزايد الانقسام الفلسطيني حسب الأطراف المعارضة.

ورغم ما تم تسريبه عن خلافات بشأن صندوق إعادة إعمار غزة، إلا أن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسي أكد أنه تقرر في اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ إنشاء صندوق خاص لإعمار الدمار الذي سببه التصعيد الإسرائيلي من تدمير وتخريب.

وتوقع أن يصل رأسمال الصندوق المخصص لإعادة إعمار غزة لمبلغ لا يقل عن مليار دولار، موضحا أن الهدف من الصندوق إعادة إعمار غزة، ومواجهة المشاكل الإنسانية الناجمة عن العدوان، وإصلاح الدمار الشامل الذي حدث في القطاع.

مشاريع بالجملة

وفي شأن الملفات الأساسية التي تعقد القمة من أجلها، من المرتقب أن يقر القادة والرؤساء والملوك العرب فى قمتهم التي ستبدأ اليوم، ويفترض أن تنتهي غداً الثلاثاء، مشاريع القرارات التي أعدتها الاجتماعات التحضيرية لوزراء الخارجية والمالية العرب سواء في ما يتعلق بالجانب السياسي أو الاقتصادي ومنها تطورات الأزمة المالية العالمية وتداعياتها على الاقتصادات العربية، ودور القطاع الخاص في دعم العمل العربي المشترك وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني العربية لاعتمادها والبدء في تنفيذها .

ومن بين الموضوعات المطروحة على القمة: إقامة اتحاد جمركي، والاتفاقية العربية لتجارة الخدمات وبطاقة المستثمر التي تسمح بسهولة انتقال رجال الأعمال بين الدول العربية. كما تتناول القمة موضوعات التجارة والتكامل الاقتصادي والارتباط بمنظومة النقل بين الدول العربية من سكك حديدية وطرق بحرية وقضايا التعليم والصحة والفقر والحد من البطالة وتحديات المستقبل ومتطلبات الأمن الغذائي والتغيرات المناخية.

وما حصلت عليه laquo;البيانraquo; من نصوص للتوصيات، يؤكد مشروع القرار الخاص بالأزمة المالية العالمية على استمرار مساندة الدول العربية لمؤسساتها المالية الوطنية وتعزيز الرقابة والإشراف عليها، وممارسة الدول العربية دورا أكثر فاعلية في العلاقات الاقتصادية الدولية والمشاركة في الجهود الدولية لضمان الاستقرار المالي العالمي.

ويدعو مشروع القرار إلى قيام محافظي البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية بزيادة التنسيق والترابط بين الأجهزة الرقابية، ويؤكد على استمرار تقديم الدعم للمؤسسات المالية للقيام بدور فاعل في زيادة التدفقات المالية العربية والاستثمارات البينية وعلى الأخص المشاريع التكاملية، ومساعدة الدول في جهودها لتحسين مناخ الاستثمار. كما يدعو إلى اتخاذ التدابير اللازمة من قبل المؤسسات المالية العربية لاستشراف أي تطورات مستقبلية لتداعيات الأزمة العالمية على الاقتصادات العربية وتقديم بدائل للواجهة.

ويؤكد مشروع القرار على أهمية استقرار أسعار النفط في السوق العالمية بما يراعي المصالح الاقتصادية للمنتجين والمستهلكين، وزيادة التنسيق بين وزراء المالية في الدول العربية وتكليفهم ببحث الأسلوب الأمثل لذلك.

ويبارك مشروع قرار آخر حول دور القطاع الخاص في دعم العمل المشترك جهود القطاع الخاص في دعم العمل العربي المشترك ودعوته إلى الاستمرار في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية العربية،إلى جانب الدعوة إلى مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات التنمية الاقتصادية الوطنية وفي تنفيذ مشروعات مشتركة من أجل تعزيز العمل الاقتصادي العربي المشترك.

يشار إلى أن القمة ستتبنى عدداً كبيراً من المشروعات الهادفة إلى تحقيق التكامل تتعلق بمجالات البنية الأساسية وإدارة الموارد والأمن الغذائي، ومشروعات الربط الكهربائي ومخططات الربط الحديدي. كما سيتم مناقشة مشروع البرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي، ومشروع الأمن المائي.

وتناقش القمة البرنامج المتكامل لدعم التشغيل والحد من البطالة في الدول العربية، وستبحث البرنامج العربي للحد من الفقر في الدول العربية والبرنامج العربي لتنفيذ الأهداف التنموية للألفية، ومشروع تطوير التعليم في الوطن العربي وتحسين مستوي الرعاية الصحية.

ويطالب مشروع القرار الخاص بدور منظمات المجتمع المدني العربية بتفعيل دور المجتمع المدني في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية وتعزيز الشراكة مع منظماته ومؤسساته بمايحقق الأهداف التنموية والاقتصادية والاجتماعية، كما يؤكد على دعم جهودها على الصعيدين الإقليمي والدولي وخاصة نشاطاتها الرامية لإبراز الهوية العربية.

وشهدت القمة اجتماعات مكثفة من خلال جلسات المنتدى الاقتصادي ناقشت العديد من المحاور التي تتعلق بسبل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية حيث دعا العديد من المسؤولين والخبراء العرب خلال جلسات المنتدى إلى أن تستفيد الدول العربية مما لديها من امكانات في مجال الطاقة لتحقيق التنمية بمفهومها الشامل.

وعقد المنتدى الاقتصادي للقمة في يومه الثاني جلسات عدة حيث تناولت جلسة العمل الخامسة نظام النقل المتكامل والنقل البري ومشكلات وآفاق تطويره، والنقل البحري العربي والتحديات العالمية وتحرير النقل الجوي في ما بين الدول العربية.

وناقشت جلسة العمل السادسة موضوع المياه والبيئة وتغير المناخ من منظور الفجوة بين الموارد المائية المتاحة واحتياجات التنمية المستقبلية والحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة والتغييرات المناخية المتوقعة وكيفية المواجهة على المستوى العربي والسياسات والإجراءات المطلوبة لمواجهة نتائج التحولات المناخية.

وتناولت جلسة العمل السابعة التعليم والبحث العلمي من منظور تحديث المناهج التعليمية في الوطن العربي وتوافق مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل وواقع البحث العلمي والتقني في الدول العربية وأولوية العلوم والتكنولوجيا في العالم العربي وهجرة العقول، ومنها بحثت الجلسة الثامنة في موضوع الشباب والبطالة والهجرة من منظور الشباب والتنمية العربية وتفعيل مشاركة الشباب في التنمية والتعليم والتشغيل والتدريب للحد من البطالة.