محمد صالح المسفر


( 1 ) بعد مخاض سياسي في العراق زاد عن حده، نجح التحالف الطائفي الشيعي في ترشيح نوري المالكي لفترة ثانية لتولي رئاسة الحكومة، قرار ترشيحه تم بموجب قواعد طائفية بحتة. هذا التحالف الشيعي يضم جماعات طارئة على إدارة الدولة والمفاهيم الديمقراطية ونظام الحكم متبنية منهجا طائفيا في إدارة الدولة.
الغريب أن البعض كان يعلق آمالا على ما يسمى التيار الصدري في مقاومة اندفاع التيار غير العروبي في العراق لان السيد مقتدى كان اشد المعارضين لتولي المالكي لفترة رئاسية ثانية إلا انه في نهاية المطاف خضع لارادة مرجعية دينية إيرانية أو تابعة تمثلت في السيد الخوئي، والسيد خامنئي المرشد الأعلى لجمهورية إيران، وكاظم الحائري وكذلك السيد السيستاني وغيرهم من المراجع الدينية الشيعية.
المعروف أن كل الدول التي تحترم شعوبها تحرص اشد الحرص على توسيع مجالها السياسي عبر الحدود ليكون لها أنصار وحلفاء بهدف تحقيق أمنها الوطني وثانيا تحقيق أسواق واسعة للتصدير والاستيراد ولتصدير عقيدتها السياسية إلا القادة العرب والبرهان ما يجري في العراق والسودان والصومال وغزة واليمن ولبنان. قياداتنا العربية همها الأول والأخير الأمن الذاتي وما عداها لا حاجة لهم بها.
في العراق أغلقت كل الحدود العربية في وجه أي مدد خارجي لمساعدة المقاومين للاحتلالين للعراق، وصدرت فتاوى دينية سنية تكفر كل من يجاهد أو يعين على جهاد المحتلين في العراق، بل تم اعتقال كل من يشك في انه مؤيد للمقاومة العراقية. في ذات الوقت كانت الجبهة الإيرانية العراقية مفتوحة على امتداد الحدود بين الدولتين إلى الحد الذي أصبح اللسان الفارسي هو السائد اليوم على سكان المحافظات الجنوبية من بغداد ورواج العملة الإيرانية وانتشار صور زعماء إيران في معظم المراكز الحكومية والخاصة بكلمة أخرى أصبح العراق امتدادا كاملا للنفوذ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني الإيراني في غياب عربي لم يسبق له مثيل إلا إبان حكم المعتز والمعتصم والمستعين وغيرهم.
أستطيع القول ان إيران فازت بالعراق كاملا في ظل حكومة نصبتها وفرضتها على المجتمع العراقي والعربي والأمريكي عل حد سواء، حكومة طائفية مستندة الى مرجعيات دينية طائفية، وبذلك تحقق النفوذ الإيراني من حدود الباكستان وحتى البحر الأبيض المتوسط دون منافس عدا إسرائيل، وقادتنا العرب الميامين ما برحوا في خلافاتهم ومعاداة رغبات شعوبهم.
ان الموقف الصائب اليوم تجاه العراق عربيا هو عدم الاعتراف والتعاون مع هذه الحكومة (المالكي) لأنها لا تمثل الشعب العراقي الشقيق طبقا لنتائج الانتخابات التي مضى عليها أكثر من 200 يوم وإنما هي حكومة طائفية بامتياز، فلا تجعلوها سابقة في عالمنا العربي تنضم إلى ما يجري في لبنان.

( 2 )

الرأي عندي، لو أن القادة العرب احتضنوا وأيدوا المقاومة العراقية حين تم احتلال العراق (2003) ولم يعترفوا بالحكومات التي شكلها المحتل، لتم الاحتفاظ بالعراق سندا عربيا قويا ويمنع أي نفوذ لإيران أو غيرها في العراق؟
وكذلك عند اندلاع أول طلقة للمقاومة اللبنانية ضد الكيان الصهيوني لو تم تبنيها عربيا وشدوا من أزرها هل ستكون في أيد غير عربية كما هو الحال اليوم كما تزعمون؟ وهذه غزة يعتصرها الحصار من مصر واسرائيل والعرب يتفرجون وقد تلجأ المقاومة في غزة إلى جهات تعينها على القهر العربي والإسرائيلي وعندها تتباكون على ارتماء أهل غزة في أحضان من يعينهم على عدوهم، والسودان يا عرب يتمزق أمام أعينكم وانتم قادرون على المحافظة على وحدته وحماية أمنه، افعلوا خيرا كما تفعل قطر في السودان قبل فوات الأوان.
الصومال يا ولاة امرنا يحتل مكانا استراتيجيا هاما انظروا إلى الخارطة الجغرافية لتروا ما أقول، هل يعقل أن يعيش الصومال عضو الجامعة العربية في حروب طاحنة محلية وإقليمية ودولية منذ سقوط نظام الرئيس سياد بري عام 1991 وتفتيت وحدته وما برح يعيش حربا ضروسا دون أن تهتز شعرة في رأس حاكم عربي ليعيد للصومال مكانته ووحدته.
اليمن يعيش مرحلة خطيرة تسير نحو التجزئة والتفكيك، وهذه الطائرات الحربية الأمريكية استباحت سماء اليمن لملاحقة ما تسميهم عناصر القاعدة، والحق أن عناصر (القاعدة) في اليمن وغيرها من البلاد العربية هي الفقر والظلم والقهر والاستبداد والفساد فهل يمكن للطائرات العسكرية الأمريكية أن تلاحق العناصر المشكلة للقاعدة في اليمن أو أي مكان آخر قبل ملاحقة أناس أبرياء من كل اتهام في ظل تلك الظروف، وهل من زعيم عربي رشيد يدل القيادة اليمنية إلى طريق الحق والعدل قبل فوات الأوان؟
آخر القول: أدعو كل الحكام العرب عدم الاعتراف بأي حكومة عراقية تشكل على أسس طائفية، وخارج نطاق صندوق الانتخابات الحرة النزيهة.