خليل علي حيدر

استطاعت تركيا في اعوام قليلة ان تنجز من البرامج الاقتصادية وان تحقق من الاهداف السياسية ما عجزت عنهما جمهورية ايران الاسلامية عبر ثلاثين سنة واكثر!
ورغم ان الاولى ليست دولة نفطية، إلا ان متوسط دخل الفرد التركي اعلى والبطالة العامة في البلاد اقل وتطلع الناس الى المستقبل اكثر تفاؤلاً وثقة.
لقد استخدمت تركيا مثل ايران العامل الديني في وصول النخبة الحاكمة الى السلطة. عبر الثورة والانتخابات الانتقائية في ايران، والتعددية الحزبية الديمقراطية في تركيا.
ولكن ايران ادخلت نفسها في انفاق دينية ومتاهات مذهبية وجملة من السياسات الاقليمية والعالمية التي عزلتها عن مكانتها المتوقعة وعن طموحات شعبها ووضعتها في مصاف الانظمة المقاطعة المهجورة المغضوب عليها. اما تركيا فقد وضعت لنفسها اهدافاً واقعية وسعت الى كسب اوروبا والولايات المتحدة، وركزت على البرامج التنموية والعلاقات الودية مع سائر العالم.
باستطاعة تركيا بسهولة ان تحدث جعجعة كبرى في البوسفور والبحر الاسود والبحر المتوسط، وان تفتح لنفسها على غرار ايران laquo;ملفاً ذرياًraquo;!! كما ان افتقارها الى النفط يبرر اكثر مما يبرر لإيران البترولية بناء المحطات الذرية، وان تقوم فوق ذلك بتحريك القوميات التركية في الصين واواسط آسيا واوروبا والبلقان، بل وحتى الاتراك والتركمان في ايران والعراق!
وكان بإمكان تركيا ولايزال، ان توجد وتستخدم الجماعات الاسلامية السنية، وان تلعب الورقة المذهبية في العالم الاسلامي والعالم الغربي، وسيكون فكرها ونموذجها السياسي اكثر نجاحاً واقوى جاذبية من كل الدول العربية والاسلامية، ومنطقها الديني والحضاري اقوى بكثير من منطق الدول العربية وايران على حد سواء.
لماذا ابتليت ايران بهذا النمط العسكري الصاخب الذي أفقرها وعزلها واشاع الخوف والنفور منها، وجعل تركيا تتفوق عليها حتى سياحياً اكثر من عشر مرات؟
ماذا بنت ايران من علاقات اقتصادية وتنموية وتجارية مع دول مجلس التعاون مثلاً او العالم العربي عموماً؟ التقارير الصحفية، التي نشرت في صحيفة laquo;الجريدةraquo; بالكويت تقول ما يلي: laquo;صرفت الحكومة الايرانية مئات الملايين من الدولارات لدعم laquo;حماسraquo;، لكن في هذه الايام، يلقى العَلَم التركي، لا العلم الايراني، رواجاً كبيراً في غزة، حتى أن بعض الناس يطلقون اسم اردوغان على ابنائهم، لكن لا احد يطلق على ابنه اسم احمدي نجاد.. والآن ها قد وصل الاتراك الى الساحة، وهاهم يخترقون الاقتصاد السوري ويستولون على حصص السوق من ايران. فواقع ان البلدين يتشاركان الحدود، بعكس ايران، يجعل تركيا وجهة اكثر جاذبية من غيرها.. وبين البلدين، تتمتع تركيا باقتصاد اكبر واكثر تطوراً، كما أن علاقاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي أفضلraquo;!