عبدالله السويجي

سيلفيو برلسكوني، رئيس الوزراء الإيطالي يشعر بأنه ldquo;إسرائيليrdquo;، هذا ما قاله في رسالته أمام مظاهرة لتأييد ldquo;إسرائيلrdquo; كان على رأسها خوسيه ماريا أثنار، رئيس الوزراء الإسباني الأسبق، يوم الخميس الماضي؟ وقال برلسكوني: ldquo;إن زيارة معسكر أوشفيتز، وكذلك الخوف من وحشية المحرقة، أوجدا لدي شعوراً بالتضامن لا يمحى، ومنذ ذلك الوقت أشعر بأني إسرائيليrdquo; وقال: ldquo;إن أمن إسرائيل داخل حدودها وحقها في الوجود كدولة يهودية، هما بالنسبة إلينا نحن الإيطاليين، خيار أخلاقي وواجب معنوي ضد أي عودة إلى معاداة السامية وإنكار المحرقة، وضد التهديدات -التي صدرت أخيراً، والتي لا نتسامح معها- بالاعتداء على دولة إسرائيل وتدميرهاrdquo;. أما أثنار الذي قاد المظاهرة فقال: ldquo;إن إسرائيل ليست بلداً من الشرق الأوسط، ولكن هي بلد غربي في الشرق الأوسط)، وأضاف أثنار، (مؤسس جمعية ldquo;أصدقاء إسرائيلrdquo;)، ldquo;نشاطر إسرائيل التاريخ نفسه والتهديدات نفسهاrdquo;. وأكد أن ldquo;كل مشكلة لإسرائيل هي مشكلة لنا جميعاًrdquo;. أما رئيس مجلس النواب الإيطالي جيانفراكو فيني الذي انشق عن برلسكوني نهاية يوليو/ تموز، فقال إن ldquo;إسرائيل هي الخط الأمامي للديمقراطية والقيم الغربية في الشرق الأوسطrdquo;.

وكان برلسكوني قد زار الكيان الصهيوني في الأسبوع الأول من شهر فبراير من هذا العام وألقى كلمة أمام الكنيست، ولقي ترحيباً منقطع النظير، حيث دعا إلى إحباط ldquo;الرغبات الطموحة والخطيرة لإيرانrdquo; وذكر معارضته لتقرير غولدستون الذي اتهم ldquo;إسرائيلrdquo; بتنفيذ جرائم حرب في غزة. وأبدى برلسكوني في كلمته رفضه القاطع لتزود إيران بالأسلحة النووية، ldquo;لأن قادتها أعلنوا رغبتهم بتدمير ldquo;إسرائيلrdquo; وينكرون المحرقة النازية لليهود، ولا يعترفون بشرعية الدولة اليهوديةrdquo;. وفي المقابل، لاقى برلسكوني من المديح ما أطربه، إذ قال له نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني الحالي: ldquo;أنت زعيم شجاع يقف إلى جانب ldquo;إسرائيلrdquo; وتحت قيادتك أصبحت إيطاليا رأس الحربة في أوروبا لمحاربة العداء للساميةrdquo;، أما ليبرمان فقال يومها إن إيطاليا حليفة مخلصة وجدية ل ldquo;إسرائيلrdquo;، وعاد برلسكوني فامتدح العلاقات المتينة بين إيطاليا وrdquo;إسرائيلrdquo; فقال: ldquo;إن صداقتنا مع إسرائيل صادقة ومنفتحة ومتبادلة وهي ليست صداقة بالكلمات فقط، وليست دبلوماسية فقط، وإنما هي صداقة بالروح ومن القلبrdquo;.

نود العودة إلى الوراء قليلاً أيضاً وخلال العام ،2006 حين كان برلسكوني يخوض الانتخابات مجدداً، كتبت صحيفة ldquo;الغارديانrdquo; البريطانية في شهر إبريل/ نيسان من ذلك العام، أن برلسكوني ldquo;لم يأل جهداً للفوز مرة أخرى، حيث استخدم كل الوسائل القذرة لتحقيق ذلك، من سب، وتشويه، وكذب ورشوة انتخابية وتضخيم للحقائقrdquo;.

سننهي كلامنا عن برلسكوني، حبيب ldquo;إسرائيلrdquo; بخبر بثته ونقلت وكالة أنباء ldquo;آكيrdquo; الإيطالية عن السفير الليبي في روما حافظ قدّور قوله عن ليبيا ldquo;ستصدر قريباً جوازات سفر جديدة تحمل صورة رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني والقائد معمر القذافيrdquo;. وأشار قدّور إلى أن ldquo;الأمر يتعلق بقرار اتخذ منذ فترة طويلةrdquo;، مشيراً إلى أن الصورة ستكون عبارة عن لقطة أخذت أثناء توقيعهما معاهدة الصداقة التاريخية الليبية الإيطالية في الثلاثين من آب/ أغسطس 2008 في مدينة بنغازي الليبية.

لا أدري إن كان كل ما سبق في حاجة إلى تعليق، وفيما لو كان الأمر يعني الجامعة العربية أو الدول العربية، إذ قد يقول قائل بكل بساطة، إن حالة برلسوكني عادية، فماذا عن أمريكا، صديقة العرب أجمعين التي تضمن أمن وتفوق الكيان الصهيوني، وستمده في القريب العاجل بثلاثين طائرة مقاتلة، ناهيك عن مواقفها المنحازة للكياني الصهيوني منذ قيام هذا الكيان الغاصب على أرض فلسطين، ووقوفها ضد القضايا العربية باستخدامها حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، أليس صديق عدوي عدوي، أم أن الأمر الواقع يحتم علاقات من نوع آخر؟

إن ما هو أخطر من كل هذا هو وضع (البيض العربي والفلسطيني كله) في السلة الأمريكية، وترك الإدارة الأمريكية تنفرد بإدارة العملية السلمية وتحريك الجهود في الشرق الأوسط، في ظل غياب أوروبي شرقي وغربي، وغياب عربي أيضاً، وإن ظهر عكس ذلك.

برلسكوني ليس السياسي الوحيد، أو الزعيم الوحيد الذي يعلن (عشقه) لدولة الكيان الصهيوني، فمعظم الزعماء الغربيين يتبارون في طلب الرضا من الكيان الصهيوني، وفي المقابل، يسود صمت عربي إسلامي مطبق، وتستمر العلاقات والمصالح والتبادل التجاري وجلب الخبراء وشراء الأسلحة ودعم الاقتصاد المنهار في أوروبا وأمريكا وغير ذلك، وهو ما يدل على أن أبجديات إدارة الصراع غير متوافرة لدى السياسي العربي، وهو أمر يثير الدهشة والاستغراب، إن كان هناك مكان لهذا الإحساس بعد...

والمطلوب ليس شن حرب ضد أوروبا وأمريكا، ولكن ممارسة الذكاء الدبلوماسي، وهو أضعف الإيمان، وإطلاق تصريحات كلامية، وهي أداة العاجز، أما ممارسة خطة (الرجل المشلول) فهو أمر يغيب العرب عن التاريخ، على الرغم من قوتهم الاقتصادية الهائلة.

هذا ما قاله برلسكوني علانية، فماذا هو ردكم؟