الهيئة.. وضرورات التكاتف
تركي عبدالله السديري
الرياض السعودية
قبل بضعة أسابيع أحد الزملاء نقل عني.. مجتهداً فيما أراد.. أن هيئة الصحفيين في رأيي ليس لها اهتمام إلا بالمتفرغين من الصحفيين، أو أنها لا تعتني إلا بهم، بما يوحي أن هيئة الصحفيين أوجدت فقط من أجل هؤلاء المتفرغين..
طبيعي في أي بلد من العالم هناك مَنْ هو متفرغ ومَنْ هو متعاون، ويبرز بين المتعاونين أحياناً أصحاب كفاءة أداء صحفي، لكنهم لأهمية نوعية ما يشغلونه من وظيفة خارج العمل الصحفي - سواء من حيث الأقدمية أو نوعية التوظيف - لا يرغبون في التفرغ..
ليس هناك اعتراض على ذلك إطلاقاً.. لكننا جميعاً - سواء نحن في الهيئة أو وزارة الإعلام أو إدارات الصحف المحلية - نتحمل مسؤولية مشتركة تهتم بإشاعة التفرغ الصحفي.. والتفرغ لا يعني فقط الاقتصار على وظيفة الصحافة، ولكنه يعني تطوير نوعية الأداء مثلما يعني أيضاً اعتماد العمل الصحفي مجالاً لا يعذر لو أهدر التفرغ فيه..
ألسنا نكتب عن البطالة.. نسخر من دول عجزت عن توفير كفاءات لصحافتها.. نتبرم من ضآلة الرعاية المادية في دول أخرى؟..
لقد ناقش مجلس إدارة الهيئة في آخر اجتماع له ضرورة تحديث التفرغ وفرض مغريات على ممارسته، ولن يتم ذلك إلا بالتعاون مع وزارة الإعلام، التي أفضل أن يكون لها دور في تحسين الوضع الوظيفي كالزيادة السنوية للمرتب، وبدل السكن، وجزء لا يقل عن مرتب شهرين من فائض الأرباح.. وقد أعلنت ذلك منذ فترة ليست بالطويلة.. لكن كل هذه الحوافز للتوسع في مجالات التفرغ ووجود مختلف التخصصات بمؤهلات مشرفة وحضور إعلامي نزيه.. كل هذه الحوافز ليست هي كل مهمات هيئة الصحفيين.. فالمتعاون له كل الحقوق النظامية ومن الخطأ إهدار مَنْ يملكون كفاءات الممارسة، لكن ظروفاً وظيفية خاصة تحول دونهم ودون التفرغ، فلا يكونون في واجهة العمل مثل غيرهم.. ونحن نعرف أن نظام الهيئة يعطيهم جميع الامتيازات باستثناء عضوية مجلس الإدارة وكذا عضوية الانتخابات، حيث هما مهمتان تخصان المتفرغين..
إن محاولات إثارة التعثير في وجه مجلس إدارة الهيئة ليس بالجديد، فمنذ ما قبل الإعلان عن الانتخابات الأولى لمجلس إدارة الهيئة قدمت بعض الأقلام في مواقع شتى اعتراضات غير مبررة، وحدث الشيء نفسه بعد انتخابات المرة الثانية لكن بصوت أكثر خفوتاً..
إن الهيئة لم تتواجد بقرار تعيين من وزارة مسؤولة.. ونسجل التقدير ونكرّره لمعالي الوزير فؤاد الفارسي حين وافق على ألا يكون هناك تعيين وإنما انتخابات تشمل كل الأعضاء..
العرب ومحيطهم.. مراكز الضعف ومنافذ القوة!!
يوسف الكويليت
الرياض السعودية
قمة سرت في ليبيا، حاولت القفز على الواقع بتوسيع عضوية الجامعة العربية، وعلاقات متطورة مع دول الجوار، وهذا جيد على المستوى النظري والأماني التي لا تتحقق؛ لأن الوضع العربي، كما شخّصه سمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، يحتاج إلى مراجعة وبناء جديد يقوم على أسس الشراكة الكاملة، لا النزاعات الدائمة، لأنه من غير المنطقي أن نتحدث بلغة الجمع، ونحن نعيش حياة المفرد، أي أن كل دولة عربية تتباعد كل يوم عن الأخرى، لأسباب غير منطقية، مما أضعف دور الجامعة بسبب عدم جدية أعضائها في التلاحم، وتطوير أدوات العمل لإنجاز تضامن عربي يجعلنا نتفاوض مع الأصدقاء والخصوم كوحدة واحدة، وبقوة نفوذها ودورنا المطلوب..
قبل نصف قرن كانت معظم دول أفريقيا تقف معنا في أي نزاع مع مستعمرٍ أو معتد، كإسرائيل ومن يتحالفون معها، والسبب أن الجميع كان يعيش آمال التحرر والبناء، فظهرت مسميات laquo;الآفرو - آسيويةraquo; التي تجمع القارتين من خلال محرّك فاعل سياسياً، وعاجز عملياً مما أحبط تلك الدول، وجعلها تنزع إلى علاقات مع إسرائيل، ومع دول استعمارية وجدت أنها أكثر جدوى من علاقات مع العرب، وقد نشأت، في ظل هذا الضعف، تحولات في دول حوض النيل مع مصر والسودان، والأخيرة بدأت فيها ظواهر التقسيم مع الجنوب، وضاعت معالم كثيرة مثل عضوية دول عدم الانحياز التي تحولت إلى اسم فقط..
تركيا، كانت زمن السلطة العسكرية حليفاً مميزاً لإسرائيل، وظلت مواقفها تدار من خلال عداء واضح لكل ما هو عربي، بناءً على وضع تاريخي مضى، لكنها في الوقت الراهن تغيرت نظرتها وعلاقاتها لدول المنطقة عندما بدأت تصوغ سياسات واقعية، ومنهجية ومن زوايا تكامل المصالح لا تعارضها..
إيران زمن الشاه، كانت دولة أطماع، وغرور متناهٍ، وتنظر للمنطقة من زاوية الفضاء المفتوح لها، حتى إن تحالفها مع إسرائيل، استهدف أن يوضع العرب بين فكيْ كماشة القوتين العظميين، وعلى الأخص بعد هزيمة ١٩٦٧م، وبعد الثورة تغيرت الشعارات ولم تتغير الأسس، أي أن مبدأ تصدير الثورة، واتخاذ القضايا العربية مثل السلام والعداء لإسرائيل وأمريكا، والمطالبة بإخلاء الخليج العربي من أي قوة دولية، ثم التوسع بالتسلح وعسكرة كل البلد، صارت موضع شكوك أدت إلى الوقوف بعيداً عنها على اعتبار أن سياستها غير واضحة، بل وأحياناً تتعارض كلياً مع دول المنطقة..
تركيا، وإيران دولتان إقليميتان ومهمتان في خلق سلام وتعاون اقتصادي وأمني وسياسي، طويل الأمد، غير أن الحكم على نجاح المشروع الإقليمي الموسع يرتبط بعوامل لا تؤهله للنجاح طالما العرب مشتتون، بينما القوتان الأخريان تملكان القوة والتماسك، وما لم يحدث توازن بين العرب والأطراف الإقليمية الأخرى، بما فيها إسرائيل، فإن الأمور ستبقى مجرد أماني، وهو ما يتطابق مع الأوضاع في دول القارة الأفريقية التي أصبحت ميدان تنافس بين الدول الأوروبية وأمريكا من جانب، والصين من جانب آخر، فيما يبقى العرب مجرد صوت بلا صدى..