محمد صالح المسفر


(1) أطلعتنا وسائل الإعلام العربية والدولية على كم هائل من الوثائق الأمريكية عن الحرب ضد العراق واحتلال وما نتج عن ذلك الاحتلال وما فعلته الحكومات التي نصبت عليه منذ احتلاله عام 2003 وحتى تاريخ 2010 .
معلومات عن الجرائم التي ارتكبت ضد الناس الذين يعيشون في العراق، معلومات يشيب لها رأس الرضيع. ما هو أعظم وأكثر جرما في حق الإنسان العربي لو قامت ذات المؤسسة التي نشرت تلك الوثائق الأمريكية على وسائل الإعلام بنشر وثائق التورط العربي للنيل من العراق وشعبه، كلنا يعرف أن جميع الدول العربية الا ما ندر لم تشارك في الحرب على العراق عام 1991 وكذلك عام 2003، وكلنا يعرف ومن مصادر أمريكية مدى مساهمة كل دولة عربية في الحرب على العراق، لكن الذي لا نعرفه وحتى الان ماذا كان يقول حكامنا الميامين للقيادات الأمريكية والاوروبية بوجه عام عن العراق وقياداته قبل الاحتلال؟ ماذا يقولون لهم في الشأن الفلسطيني؟ ما هو دورهم في تمويل الحروب الأمريكية بوجه عام وتمويل الحروب الأمريكية ضد العراق وأفغانستان وباكستان وغيرها من الحروب بشكل خاص.
سؤالي لكل أصحاب القرار في عواصمنا العربية هل عندهم الشجاعة ليسارعوا إلى نشر وثائق ما كان يدور من حوارات وتهديدات ووعود بينهم وبين الأمريكيين قبل احتلال العراق وبعد احتلاله ؟ أخشى أن تداهمنا تلك المؤسسة الأمريكية التي تنشر وثائق الجرائم الأمريكية المرتكبة ضد الشعب العراقي الشقيق، وتنشر وثائق تفضح فيها الكثير من القيادات العربية وخاصة تلك التي كانت تريد الثأر من العراق والغيرة من قيادته التي حلقت بالشعب العراقي في معراج التقدم والازدهار.

( 2 )
في فلسطين تجري محادثات بين قيادات إسرائيلية وأخرى فلسطينية مباشرة وغير مباشرة سرية في بعضها علنية في بعضها الآخر. نعرف في المحادثات العلنية أنها تتناول عموميات لكن المهم منها المحادثات السرية التي تجري أحيانا بين قيادات من الطرفين في صالونات مغلقة ثنائية الأطراف وأحيانا بين مكلفين بمحادثات ليس لهم حضور في الأضواء إلا ما ندر، كل هذا يجري ونحن الشعب مغيب عن ما يحيكه بعض القادة عن مستقبلنا مع أطراف معادية لامتنا العربية والإسلامية. إسرائيل سربت بعض المعلومات عن طلب سلطة رام الله بالاستمرار في حصار غزة والاستمرار في الحرب عليها 2009، سرب الاعلام الإسرائيلي معلومات عن الفساد بكل معانيه الذي يمارسه بعض عناصر قيادات سلطة رام الله في حق الشعب الفلسطيني. الإعلام في دولة خليجية سرب خبرا أن تلك الدولة ستمنع الطائرات العسكرية لأحد أعضاء حلف الناتو من استخدام مطاراتها للقيام بمهام عسكرية حربية في أفغانستان. السؤال الذي يطرح نفسه ماذا سيحدث لو سربت وسائل الإعلام الإسرائيلي وثائق موثقة تبين ما يجري بين القيادات الإسرائيلية وبعض الزعماء العرب والتنازلات التي قدموها لإسرائيل في شأن الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، والاتفاقيات الأمنية مع بعض الدول العربية.
في قادم الأيام وفي عصر تسريب الوثائق قبل أوانها سنفاجأ بمواقف مخزية ومهينة للكثير من القادة العرب وعلاقاتهم السرية بإسرائيل فماذا هم فاعلون في تلك اللحظة. طبعا سيكذبون الخبر كما يفعل نوري المالكي في العراق . لكن التاريخ لا يرحم ولعنة الأجيال ستلاحق كل من قصر في حق امتنا عن وعي أو بدون وعي.
( 3 )
في كل الدنيا الاتفاقيات والمعاهدات العسكرية والأمنية بجميع أنواعها التي تعقد بين الدول تطرح للمناقشة في المؤسسات الدستورية في الدول ذات الصلة ( برلمان، مجلس شورى، أهل الحل والعقد، ... الخ ) إلا في عالمنا العربي فكل الاتفاقيات سرية وليس مصرحا لأحد الإطلاع عليها. أليس من حق الشعوب الإطلاع على كل ما يتعلق بمصيرها وسيادة دولهم من اتفاقيات ومعاهدات وحق مناقشاتها أمام الرأي العام . ما رأي ولاة الأمر في عالمنا العربي لو أن إسرائيل أو أمريكا أو اي دولة أجنبية نشرت نصوصا ومحاضر ومحادثات تلك الاتفاقيات والمعاهدات المبرمة مع تلك الدول وكان فيها ما يعيب ويمس السيادة الوطنية وحقوق المواطن في الحماية من أن يمس من قبل أي دولة كانت.
آخر القول : إني أدعو ولاة الأمر لنشر كل ما بحوزتهم من اتفاقيات ومعاهدات وتعهدات لأي دولة أجنبية قبل أن تسبقهم المواقع الالكترونية بنشر ما بحوزتهم من أسرار القادة العرب بما في ذلك المجال الجوي الذي سلكته الطائرات الحربية الإسرائيلية في ثمانينات القرن الماضي لتدمير المفاعل النووي العراقي .