بدأت عملها خلال فترة الحرب على غزة فلفتت الانظار اليها

بيروت ـ زهرة مرعي

تطمح لأن تأخذ الكثير من البي بي سي. ملاك جعفر التي قدمت على تلك الشاشة برنامج 'العالم هذا المساء' وخلال شهرين من وجودها فيها، تعلمت أصول اللعبة وصارت تتحدث بالموضوعية الإعلامية .طموحها كبير وإن لم تعطها البي بي سي فهي قادرة على الأخذ.
مع ملاك جعفر كان هذا الحوار:
* في بداية حياتك المهنية وصلت إلى البي بي سي. كيف حدث ذلك؟
* اسم البي بي سي جذاب ويتمتع بسمعة راقية، ويتصف بالإعلام الحر والمتوازن. كل من يعمل في الصحافة بحسب اعتقادي، يكون لديه طموح العمل بمؤسسة تحترمه وتقدره لإنتاجه وعمله فقط لا غير. وعندما بلغني استعداد بي بي سي ليصبح لديها شاشة بث تلفزيوني وعربي تقدمت بطلب توظيف تماماً كما فعل الكثيرون.
*هل كنت من المؤسسين؟
* عندما دخلت ضمن الكادر الوظيفي للعاملين في البي بي سي كان العمل قد بدأ ولم يبلغ بعد عمر السنة. ويمكن القول بأن الجميع اشترك في التأسيس ولا زلنا نؤسس. البي بي سي مشروع كبير بدأ صغيراً، وجميعنا يجتهد لكي يكبر.
*لماذا اخترت الإعلام المرئي دون سواه؟
*قد تكون الإجابة موحدة لدى كل من يُطرح عليه السؤال. لقد كان الإعلام الدراسة الجامعية التي اخترتها في الجامعة اليسوعية، وقد حصلت على درجة ماجستير. كل من يتجه نحو الإعلام يعيش 'سوسة' الصحافة وهي تبقى تلح عليه.
*هل كانت تجربتك مباشرة في البي بي سي؟
*سبقتها تجربة بسيطة في تلفزيون الجديد اللبناني، كما كانت لي تجربة محدودة في صحيفة يومية لبنانية ومع راديو كندا. وهي تجارب علمتني الكثير. بعدها انتقلت إلى روسيا وعملت في قناة 'روسيا اليوم' وهناك تكرس وجودي كمذيعة أخبار. وهذه القناة هي التي منحتني شرف الانطلاق من على شاشتها.
*كمذيعة لبنانية وعربية في قناة بي بي سي هل من موضوعات تعبر عنها تلك الشاشة وتتناقض مع انتمائك أو أفكارك؟
*أكيد هناك الكثير من العناوين. أنا كما كل اللبنانيين المسيسين شاءوا ذلك أم أبوا. لكل منهم أفكاره. هذه الأفكار نضعها جانباً أثناء العمل، ونتوجه بالرسالة هذه للناس. في الترويج لبرنامجي أقول للناس بأني سوف أحاول طرح كافة الأسئلة للحصول على كافة الإجابات سواء أعجبتكم أو لم تعجبكم. فهدف الإعلام طرح الأمور كافة على الطاولة، لا أن يتوجه لفئة تحب وترتاح لسماعه. في الحياة ما نحبه وما لا نحبه. حتى وإن كان صعباً في الإعلام أن يحيِد أحدنا أفكاره وقناعاته وأن يعمل موضوعياً لكن هذا هو المطلوب. الموضوعية والحيادية نتعلمها ونمارسها يومياً في حياتنا. ونتعلم بأن ليس وحده رأينا هو المهم. إنما المهم أن نفتح المجال لأكبر شريحة من الناس كي تعبر عن رأيها، سواء كنا على توافق معهم أم لا.
*هل ترين أن تعريف الموضوعية وممارستها محدد وواضح بشكل دقيق؟
*الموضوعية واحدة وباعتقادي أن البي بي سي المؤسسة الأم والبي بي سي العربي بتاريخها الإذاعي الطويل أسست بدورها لمعايير من العمل الصحافي على مستوى عال ومحترم. إن قيمنا التجربة بالقياس للسوق الإعلامي فنحن سنكون على خسارة. فالسعي للموضوعية والحياد وأخذ الخبر من أكثر من مصدر والتأكد منه قبل نشره يؤدي للتأخر في تقديم الخبر. نحن في عصر صار فيه الإعلام موازياً لكلمة بروباغندا، ومع ذلك ليس هناك أكثر من تفسير لكلمة موضوعية. ولهذا أعتقد أنه خلال أكثر من 70 سنة من عمر البي بي سي وعملها الإذاعي، التي أضيف إليه حالياً العمل التلفزيوني في منطقة العالم العربي أثبتت دائماً موضوعيتها. وربما لا تحصل بي بي سي على إعجاب كثيرين لكن الناس تعود إليها وتصدق أن خبرها هو الصحيح، وأنه ليس منحازاً.
*هل كانت بي بي سي كمصدر للمعلومة موجودة ضمن اهتماماتك أم تعرفت إليها في طريق البحث عن مهمنة؟
*أظن أن البي بي سي موجودة على الدوام في خريطة أي إنسان يدخل إلى مهنة الصحافة. هي موجودة سواء من خلال مواقعها الإلكترونية أو من خلال الإذاعة والتلفزيون العربي. كما انها موجودة في وعينا. وموجودة بأصوات المذيعين الذين تعلمنا منهم مهنتنا وكي نقرأ اللغة العربية.
*كم ساعدتك البي بي سي في الابتعاد عن التسرع والتعصب اللبناني في تناول حدث ما؟
* كثيرا جداً. وهنا أعود للخطاب الذي أقدمه والذي قد يتناقض أحياناً مع قناعاتي. مع الخبرة تعلمت ضرورة الابتعاد عن الحكم العاطفي في الخبر الذي يتناوله. وتعلمت النأي عن الحي والمنطقة والطائفة بالتعاطي مع الخبر السياسي. فالعمل الصحافي والسياسة أبعد منهما بكثير. لهذا أقول ان بي بي سي ساعدتني في اكتساب الهدوء. وساعدتني في أن أصبح أكثر تشكيكاً في كل ما يحصل أمامي. وفي برنامج 'العالم هذا المساء' الذي أقدمه يومياً نسعى لوجهتي النظر بهدف الحوار. وهنا نلمس تمسك الأشخاص بآرائهم في اللحظة التي يتحدثون فيها. ونلمس مدى تعصبهم لهذه الأفكار السياسية التي قد تتبدل بعد 24 ساعة. فلماذا أترك نفسي تتعامل مع الموضوعات بشكل عاطفي؟
*تكثر البرامج الإخبارية المسائية على الشاشات كيف تحاولين التميز في العالم هذا المساء؟
* نحن مع 'فورمات' مختلفة. نتناول أربعة موضوعات سياسية وغير سياسية يومياً. وفي أحيان نستعين بوجهتي نظر، وقد تصبح ثلاث أو أربع بحسب ما يستدعيه الموضوع المطروح. معالجتنا للموضوع هي التي تميزنا، لاسيما في محاولة الوقوف على كافة وجهات النظر، ومن ثم إعطاء الحق بالكلام للجميع وبذات الحرية. نحن نحاول أن نحاصر الضيف، خاصة عندما يكون طرفاً كي يذهب بفكرته حتى نهايتها. نسعى لعدم قبول ما يمكن أن يكون نفاقاً أو دبلوماسية مبالغاً فيها. لسنا مجبرين على قبول ذلك لأننا لا نملك أجندة سياسية، فنحن غير مجبرين على المسايرة. إننا على مسافة واحدة من كافة الأطراف كائناً من كانوا حتى وإن كانوا من داخل بريطانيا. هذه الحرية المتاحة قد تساعد في الذهاب نحو مناطق في الحوار قد تكون غير متيسرة في محطات أخرى.
*كيف تغنين معلوماتك السياسية للتمكن من مسك برنامج مروحة موضوعاته متنوعة ومتبدلة؟
* لمسك برنامج حوار سياسي مع أشخاص يساهمون في صناعة السياسة أمر يستدعي الكثير من العمل والمتابعة من صحف ومواقع أخبارية ووكالات. إنه جهد دائم ويضاف طبعاً إلى الخلفية التي يراكمها أحدنا في ذهنه عبر الأيام، سواء كان مصدرها كتبا، أو حوارات تلفزيونية. حين بدأت البرنامج كان يستهلك كل وقتي، حالياً صرت اكثر راحة، ومع ذلك لا يزال حجم التحضير كبيراً جداً. دائماً أكون أما إستراتجية تستشرف بماذا سيتحدث هؤلاء الضيوف وماذا أريد شخصياً منهم. ودائماً علي أن أكون أمام إستراتيجية توقعات فيما سيقوله الضيف وماذا سيكون ردي. وكذلك احتمالات أن يتخلف الضيف عن القدوم في آخر لحظة.
*ما الذي رشحك لهذا البرنامج وهو في وقت الذروة؟
* صحيح. بدأت عملي في البي بي سي مع الحرب على غزّة. وما أثبته خلال هذه المرحلة لفت نظر المسؤولين بأني ربما أكون أملك قدرة مسك حوار والذهاب به إلى نهايته حتى وإن كان قرار الضيف هو عدم الحكي. وكنت في شهري المهني الثاني في البي بي سي عندما بدأت في 'العالم هذا المساء'. الحمد لله.
*ما هو طموحك في البي بي سي؟
* بقدر ما تتمكن من إعطائي فأنا قادرة على الأخذ. وحتى وإن لم تتمكن من إعطائي فسآخذ.