علي سعد الموسى
في برنامج حواري على إحدى القنوات الفضائية، يذكر طبيب عربي مقيم في العاصمة البريطانية أن زملاءه ـ الإنجليز ـ يضعون أمامه في المكتب أو العيادة بانتظام ما تنشره الصحافة البريطانية عن أخبار أبو حمزة المصري
في برنامج حواري على إحدى القنوات الفضائية، يذكر طبيب عربي مقيم في العاصمة البريطانية أن زملاءه ـ الإنجليز ـ يضعون أمامه في المكتب أو العيادة بانتظام ما تنشره الصحافة البريطانية عن أخبار أبو حمزة المصري بقصصه المثيرة للجدل التي أصبحت على الدوام مادة مثيرة في حقل الإعلام السياسي. يتهم الطبيب العربي الشهير هذه الظاهرة بأنها جزء من حملة ـ الإسلاموفوبيا ـ وهو محق تماماً في هذا التوصيف ذاك أن الحقيقة التي لا جدال حولها أن المجتمعات أو كثيراً منها في الشرق والغرب على السواء مسكونة بمنهج مبرمج من أدبيات التخويف الإسلامي، وبقدر ما وراء هذه الحملات من أصابع استعداء لأعداء ظاهرين أو محتملين بقدر ما نحن أيضاً شركاء في توظيف هذه الصور المضطربة حين نهديها على أطباق من الفضة لسدنة هذه الحملات التخويفية. نحن من يصنع الصورة النمطية الخطأ وخذ بالمقاربة أن أبي حمزة المصري قد استضيف عشرات المرات لترويج هذا الخوف على قنواتنا العربية المختلفة، وهي تلك القنوات التي خلت تماماً من استضافة جراح عالمي مثل فواز الأخرس الذي كان أول عربي بريطاني ينال وسام الملكة البريطانية على إسهاماته الهائلة في مجال الطب كواحد من ألمع علماء الكون في هذا المجال. اسألوا شرائح مجتمعنا المختلفة عن ذاكرة ـ الاسمين ـ ما بين المصري وبين الأخرس لتعرفوا أين تذهب الصورة النمطية المطبوعة. تبرهن مجرد كتابة الاسمين بلغة عربية على أي من محركات البحث عن بطولة طاغية لاسم أبي حمزة المصري ومن المثير أن عدد مرات تواتره يفوق ضعف تواتر العلامة الحبر ابن باز يرحمه الله وأكثر أيضاً بالآلاف من القرضاوي وما يقرب الضعفين تماماً من تواتر اسم عالم الحديث الأشهر الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله. والخلاصة أن هذه الأسماء المبتورة صارت هي الواجهة التي تتصدر سوقنا التصديري لصورة الإسلام وأهله، وهم هناك في الغرب ـ وضعوه ـ واجهة، لأننا نحن من يضعه في لعبة الإعلام ولأننا من يجري وراء أخباره. إعلامنا هو من يصنع هذه الصورة الإرهابية لا لأنه يريد هكذا، بل لأنه يعرف أن صناعة الإثراء للإثارة الجماهيرية تتطلب أن يجري وراء قواعد السوق. وحتى بالأمس فقط، كانت جل القنوات الإخبارية تلهث وراء شريط أنور العولقي ومن المؤسف بمكان أن شريط تعريفه على الشاشة يأتي تحت وصف ـ الداعية ـ أو الشيخ وكلنا يعرف خلفيته الفكرية والمعرفية شاباً في الشوارع الأميريكية قبل أن يصبح لقب الشيخ أو الداعية رخيصاً إلى هذه الدرجة. وإذا كان هؤلاء يلتحفون اسم الداعية أو الشيخ الإسلامي لكل ما يدعون إليه أو ـ يتشيخون ـ من أجله فلماذا نلوم ظاهرة (الإسلاموفوبيا) إذا كنا من ينفخ فيها الروح ونحيل الإرهابي إلى شيخ؟
التعليقات